حذر الخبير القانوني والاقتصادي الدكتور على بن عبدالكريم السويلم من المخاطر التي تشكلها ظاهرة التستر التجاري ضد الاقتصاد الوطني ووصفها بأنها "أشبه بسرطان يهدد اقتصادنا" لابد من محاصرته وحماية السوق التجارية من مساوئه، وقال إن المتستر يجري وراء مصلحة ذاتية، لكنه يضر بوطنه واقتصاده ويساهم في توسيع معدل البطالة بين المواطنين. وقال د. السويلم في محاضرة ألقاها في غرفة الرياض مساء الإثنين الماضي ونظمتها اللجنة التجارية بالغرفة بعنوان «آثار التستر التجاري على الاقتصاد الوطني»، إن خبراء التجارة والاقتصاد أجمعوا على أن التستر يهدد بتشويه المؤشرات اللازمة لوضع السياسات الاقتصادية مثل مؤشر الأسعار ومعدلات البطالة ومعدلات النمو الاقتصادي، والإخلال بتوزيع الموارد المالية والبشرية المتاحة، ويؤدي إلى زيادة الاعتماد على العمالة الوافدة مما يدفع لزيادة تسريب الموارد المالية الوطنية إلى الخارج عبر تحويلات العمالة للأموال لبلادهم. وأضاف أنه رغم أن أكثر نشاطات التستر التجاري شيوعاً تتم من خلال محلات بيع الأقمشة ومحلات بيع الخضار والفاكهة والمخابز والمطاعم والورش بأنواعها، ومحلات السباكة والتركيبات الكهربائية والحلاقة ومغاسل الملابس، وغيرها، إلا أن خطر هذه الممارسة يبدو بصورة أخطر من خلال التستر الذي تمارسه شركات كبرى تعمل في المملكة تحت اسم الممثل أو الوكيل التجاري، بهدف إخفاء أعمالها الحقيقية المخالفة للأنظمة الوطنية، والتي تعتمد غالباً على عمالة أجنبية من جنسيتها، وحرمان العمالة الوطنية من العمل لديها وتحويل أرباحها إلى حساباتها في البنوك الخارجية وذلك في مقابل دفع مبالغ زهيدة للوكيل المتستر. وقال السويلم إن قضايا التستر تعتبر وفقاً لما نص عليه "نظام مكافحة غسل الأموال" واحدة من قضايا غسل الأموال استناداً إلى أن هذا الفعل يعني ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه بقصد إخفاء أو تمويه حقيقة أموال مكتسبة، ولهذا فقد فرض النظام على المؤسسات المالية وغير المالية عدم إجراء أي تعامل مالي أو تجاري باسم مجهول أو وهمي، ووجوب التحقق من هوية المتعاملين ومستنداتهم الرسمية ووضع الإجراءات الاحترازية والرقابية التي تضمن كشف أي جرائم لغسل الأموال. وأوضح المحاضر أن التستر ليس محصوراً بالنشاط التجاري فقط وإنما يشمل كافة الأنشطة الاقتصادية والمهنية والحرفية، مشيراً إلى أن النظام عرف المتستر بأنه كل شخص يمكن غير السعودي من الاستثمار في أي نشاط محظور عليه الاستثمار فيه أو ممارسة أي نشاط محظور عليه ممارسته سواء كان ذلك باستعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري أو بأي طريقة أخرى. وقال إن النظام أعطى هيئة التحقيق والادعاء العام الحق في التحقيق والادعاء عند مخالفة أحكامه، كما أعطى لديوان المظالم حق النظر والفصل فيما يحيله الادعاء العام من لوائح اتهام، كما أجاز النظام لهيئة التحقيق طلب منع سفر الشخص الذي يثبت ضلوعه في التستر لحين صدور الحكم النهائي في القضية، وفي حالة صدور الإدانة بحق المتهم المتستر عليه (غير السعودي) يتم إبعاده عن المملكة، بعد تنفيذ الحكم وسداد الضرائب والرسوم وأي التزام آخر ولا يسمح بعودته إليها بعد ذلك. وعقب إلقاء المحاضر محاضرته أدار سعد العجلان رئيس اللجنة التجارية النقاش بين المحاضر والحضور، حيث عقب عبدالناصر السحيباني رئيس لجنة المحامين بغرفة الرياض، فنوه بالمحاضر ومحاضرته القيمة، وقال إن قضية التستر تحتاج إلى المزيد من الوعي لدى المواطنين، ورأى أنه لا يوجد حل سحري للمشكلة، لكنه قال إن من المهم تجفيف منابع التستر، ورأى أن على وزارة التجارة والصناعة عبئا كبيرا لملاحقة المتورطين في هذه القضية. ورد فهد الهديلي مدير عام مكافحة الغش التجاري بوزارة التجارة بقوله ان الوزارة تضطلع بدورها كما يجب، لكن القضية تحتاج إلى تعاون من الجميع، كما أشار إلى أهمية تقنين المنافسة المتكافئة في النشاط التجاري، وقال إن الأجنبي يستطيع العمل فترة طويلة يومياً، قد تصل 24 ساعة يومياً، وبأيام عمل متواصلة، بينما المواطن لا يستطيع القيام بذلك، وهو ما يفتح ثغرة للتستر، ولهذا يجب أن نسد هذه الثغرة، ولكنها ليست المبرر الوحيد أمام هذه المشكلة، كما شكا من أن الوزارة تواجه العديد من البلاغات الكيدية، فضلاً عن البلاغات غير مكتملة الشروط. واقترح رئيس اللجنة التجارية بالغرفة أن يكون الحل في طرح عقود مشاركة تحفظ الحقوق وتخلص المجتمع من الدخول في متاهات لا تنتهي، بعضها يصعب إثباته كحالة تستر، وبعضها ينتهي الأمر بسفر الأجنبي المتستر عليه ومن ثم تصعب ملاحقته وتضيع الحقوق، وأحياناً تكون المشكلة لدى الطرف السعودي الذي لا يستطيع مجاراة الأجنبي في ظروف وأوقات العمل، وأكد عزم الغرفة على الوصول لحل واقعي يحفظ الحقوق للمجتمع وللاقتصاد الوطني ولجميع الأطراف. وعقب المحاضر بقوله انه ينبغي أن يدرك المجتمع أولاً أن التستر هو أمر لا يجوز شرعاً ونظاماً، وقال مؤيداً لما طرحه العجلان بالبحث عن حلول واقعية، وضرب المثل بمواطن قد يسعى المواطن للحصول على مبلغ بسيط كل شهر، فينتهي به الأمر للتورط بقضية تستر تقوده للسجن، وقال إن كادر وزارة التجارة غير كاف لمتابعة الفضية وكشف المتورطين بالتستر، كما أن الوزارة تعاني من بلاغات كثيرة كيدية أو ناقصة الدلائل، كما قد تكون الحالة ظاهرها التستر بينما هي في الأصل تفويض من الشركة لشخص أجنبي بالبيع والشراء، وعند التحقيق يظهر التفويض ومن ثم لا ينطبق هنا التستر.