في زحام الإغراءات الاستهلاكية التي حولت شوارع المدن إلى أسواق كثيرة، ومع تحول مفهوم النزهة أو الإجازة إلى مرادف آخر للتسوق، ومع انتشار وسائل التسويق التي تطاردنا حتى منازلنا وتأتينا عبر التلفزيون والانترنت وحتى الهاتف؛ يصبح من الصعب التحكم في درجات الإنفاق، ويصبح الراتب تتقاذفه المتطلبات الكثيرة التي لا يختلف اثنان على عدم أهمية الكثير منها، إلا أنها باتت ضاغطاً؛ بسبب الإلحاح الكبير الذي تعرض به، لذا فإنه مما لاشك فيه أنّ نجاح إدارة ميزانية الأسرة في ظل كل هذه الضغوط؛ يعود إلى حسن التخطيط والتدبير، ويحقق الاستقرار المادي الذي يجنب الأسرة الوقوع في فخ الديون والقروض، وهذه الإدارة بلا شك تتطلب من الزوجين الحكمة والتعاون في تحقيق أهدافهما. حول هذا الموضوع رصدت «الرياض» آراء عدد من الزوجات اللاتي نجحن في إدارة ميزانية أسرهن مع أزواجهن من خلال موازنتهن بين حاجياتهن وكمالياتهن في المنزل، حيث تقول «حنان محمد»: «ميزانية الأسر لدينا تسير غالباً دون تخطيط فتكون عشوائية أو كما يقولون (على البركة)، حيث نجدها دائمة مستمرة التقلب والتحرك، فمتطلبات الحياة كثيرة ولا تنتهي»، مؤكدةً بأنه لا حل أفضل من تنظيم الميزانية؛ لتنعم الأسرة بالاستقرار النفسي والمادي، وهذا بلا شك يتطلب وضع ميزانية محكمة يتم من خلالها ضبط النفقات وتحديد الإيرادات وأوجه الصرف مع ضرورة كبح جماح الانفعالات العاطفيةَ المتعلقة بالكميات المطلوب شراؤها واستهلاكها سواء على مستوى الأطفال أم الأسرة. وأوضحت «منى السعيداني» أنّ الظروف الاقتصادية الحالية؛ تتطلب منا إعادة النظر في طريقة إنفاقنا بما يجنبنا الوقوع في الأزمات المالية المتكررة، مؤكدة على دور الزوجة الكبير في استقرار ميزانية الأسرة، حيث يقع عليها العبء الأكبر أو الدور الأساسي كونها المسؤول الأول عن الموازنة بين دخل أسرتها واحتياجاتها، واختيار الأولويات، وحذف البنود غير الضرورية أو الكمالية، كما يجب أن تكون مدركة لطريقة التعامل في حالات الطوارئ التي أصبحنا نتعايش معها بسبب غلاء الأسعار. وترى «صفاء» بأن هناك مأساة تهدد الميزانية، قائلةً: «تستهلكنا الديون فإيجار المنزل وأقساط السيارة هي من أهم الأمور التي تثقل كاهلنا؛ فتمنعنا من التوفير أو حتى التنظيم، مشيرة إلى أنها تفضل تكليف الزوجة بمهمة إدارة الميزانية؛ لأنها هي المؤهلة لهذا الدور، لافتةً إلى أنّ إجادة ترتيب بنود ميزانية الأسرة؛ يغلق أبواب الديون والقروض اللذين لا ينتهيان. وتشير «مريم الجوفي» إلى أنّ إدارة ميزانية المنزل لا يشترط كونها بيد الرجل أو المرأة؛ لأنهما مكملان لبعضهما بقدر ما يحتاج كلاهما لتفهم هذه الميزانية، ولا بد أن يكون هناك إدارة للصرف والترشيد لأن الترشيد أمر ضروري وخصوصاً في وقتنا هذا، وذلك للارتفاع الملحوظ في بعض الأشياء المهمة من ناحية القيمة، مؤكدةً على ضرورة تعلم جميع أفراد الأسرة لأصول ومبادئ الاقتصاد المنزلي؛ لضمان ميزانية مستقرة خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة والأزمات المالية؛ التي تؤثر على أسعار السلع والمنتجات وتجعل ميزانيات البيوت تواجه حالة من التعثر المستمر. وتقول «فاطمة العقيلي»: «لكي يتحقق نجاح الميزانية، علينا إشراك الزوجة في التخطيط؛ لأنّ كثيراً من المشاكل الزوجية قد تكون أسبابها مالية، وذلك لأنّ الزوجة لا تعرف الزوج وإمكاناته والالتزامات التي عليه فتطالبه بما لا طاقة له به، وتتهمه بالبخل ويتهمها بالتبذير وتتطور المشاكل، لكن لو أن الزوج أشرك زوجته في التخطيط للميزانية لاستطاعت أن تساعده بشكل كبير أكثر مما يتصور الزوج، مشيرةً إلى أنّ بعض الزوجات يغيب الترشيد عن حياتهن، وتنقصهن الإدارة والحكمة وحسن التصرف في الميزانية، حتى يلحظ عليهن العشوائية في حياتهن المادية. وأكد «د.زيد بن محمد الرماني» –المستشار الاقتصادي في معهد البحوث والخدمات الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود– على ضرورة تعلم الاقتصاد المنزلي بمجالاته المختلفة من تغذية وملابس وإدارة منزل ورعاية الطفولة؛ كونه يهتم بالأسرة التي هي نواة المجتمع، ويهدف الاقتصاد المنزلي تربية الطفل والمرأة والأسرة مجتمعة تربية إسلامية وغرس المبادئ والقيم الإسلامية السمحة في أذهان وعقول الناشئة، داعياً إلى مراعاة إمكانيات الأسرة واتباع نظام الإنفاق السليم بحيث لا يزيد مقدار المنفق على مدخولات الاسرة وتوزيع الدخل قدر الإمكان على أبواب الأنفاق المختلفة. وقال إن الزوجة هي التي تؤدي دوراً مهماً في إدارتها للمصروفات بطريقة حكيمة، وذلك بتقدير دخل الأسرة وتنظيم ميزانيتها، بحيث توفر جميع حاجيات ومتطلبات الأسرة وكذا تخصيص مبالغ مالية للتوفير والادخار لوقت الحاجة والطوارئ المفاجئة، موضحاً أهمية الخطة والتخطيط في إدارة الميزانية المالية للأسرة، إذ لابد من مرحلة التخطيط التي يشترك فيها كل أفراد الأسرة فبذلك يتحقق للأسرة إلى جانب الإدارة المالية تكوين شخصيات قيادية ذات مسؤولية عالية.