ذكرت في مقال سابق نشر في جريدة «الرياض» بتاريخ 29\5\2010 عن مخاوف إنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق المفاعلات النووية وقد أثار زلزال اليابان الحالي قلق الكثيرين حول احتمال أي تسرب إشعاعي بسبب الانفجاريات والتصدعات التي أثرت على المولدات النووية مع العلم أن اليابان من الدول المتقدمة في تطبيق إجراءات واحتياطات السلامة في بناء المنشآت النووية ولكن مهما كانت الاحتياطات فإن هناك مجالاً لحدوث الكوارث فما بالك بالدول النامية والتي لأتملك أساسيات تقنيات التعامل الآمن مع الطاقة النووية وفي هذه المناسبة أود طرح بعض النقاط الهامة حول موضوع استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية: 1. يطالب بعض المهتمين ومتخذي القرار في الدول العربية بإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة النووية ولكن كيف يتم ذلك في الدول العربية والتي لا تملك تقنية الهندسة النووية وإنتاجها وأسرارها وغير ذلك مما يتعلق بصيانتها وإدارتها الدقيقة ومتابعتها. 2. هناك تبعة أخرى لهذا التوجه حيث إنه يتطلب شراء التقنية النووية واستئجار الفنيين والمهندسين للقيام بصيانتها من الخارج الأمر الذي يجعل أهل المنطقة تحت رحمة الشركات والدول الموردة لهذه التقنية. ولذا فإن ترشيد استهلاكنا بتنويع الطاقة الشمسية والهوائية وإلحاقها كرافد ثانوي مستقل بالمنازل والمصالح وإنارة المدن جزئيا إلى أخره هو البديل حيث إنه لا فائدة مرجوة من الاعتماد على الطاقة النووية وحدها ان لم تكن رادعاً امنياً يحفظ البلاد بعد الله . 3. يغفل الكثير من متخذي القرار عن مخاطر الطاقة النووية حيث لم يأخذ بالحسبان عواقب الأمور فلا أمان للطاقة النووية وهاهي روسيا تنقل ذخائرها من مكان لآخر جراء الحرائق حيث إن الدمار الناتج من المفاعلات أو الأسلحة النووية لا يقارن بالزلازل والكوارث الطبيعية المختلفة. 4. إن المخلفات النووية أصبحت الشغل الشاغل لهذه التقنية وانظر إلى التعديات التي تحصل من هذه الدول الغنية المتقدمة على قارة إفريقيا وغيرها وتأثير هذه النفايات على المياه الجوفية وكذلك على المحيطات حيث نسمع بوجود كميات كبيرة من الحيوانات البحرية تموت ولا يعرف سبب موتها. 5. أدانت منظمة السلام الأخضر الإسرائيلية بتاريخ 24/9/1431ه الموافق 3/9/2010م إقدام مصر على بناء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء بمنطقة الضبعة في الصحراء الغربية على ساحل البحر المتوسط وذكرت القناة التي أوردت الخبر بالتلفزيون الإسرائيلي أن المنظمة تعمل ضد بناء أي مفاعل في العالم حتى ولو لأغراض سلمية حيث إنها تعتبر أن محطات الطاقة النووية ارثا مميتا في القرن العشرين، وكذلك قالت منظمة السلام الأخضر بأنها تعارض تطوير الطاقة النووية وتعتبرها أمراً خطيراً حيث إنها تهدد أمن المنطقة. 6.تتكتم الدول المصدرة للتقنية النووية عن المشاكل التي تحدث في الغواصات وكيف يمكننا القبول لهذه التقنية الدخول في سواحلنا حيث أثار هذه التقنية على الحياة يمتد لأجيال طويلة وكارثة واحدة لا سمح الله غير مقبولة لدى الجميع. 7. ونظراً للتكتم غير الواضح على ما حدث في المحطات النووية في اليابان ، فقد طالبت الحكومات الغربية أبناء شعوبها بمغادرة اليابان، وهذا يدل على حدوث الإشعاعات النووية جراء المفاعلات المستخدمة بإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية. 8. وبجانب المخاطر والكوارث الطبيعية فإن هناك العديد من المخاطر التقنية مثل ما حدث في إيران من تعطل في نظام التحكم والسيطرة الخاص بالمفاعل الإيراني لإنتاج الطاقة الكهربائية وذلك بعد الهجوم التخريبي والذي شنه بعض الهاكرز من دولة معادية مما أدى إلى تعطيل أداء البرامج. ولذا أطالب أصحاب القرار في إيران مشكورين بإعادة النظر في وجود المحطة الكهربائية النووية المطلة على دول الخليج العربي حيث مخاطرها على منطقة الخليج غير مرغوب فيها على الإطلاق. وهناك توجه لدى كثير من الدول المتقدمة وغيرها لتبني مصادر بديلة عن الطاقة النووية حيث بدأت ألمانيا بإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية في مزارع كثيرة في شمال افريقيا وصدرتها عبر كابلات تحت البحار إلى أوروبا. وكذلك استثمرت المغرب 8 مليارات دولار لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الهوائية والشمسية وكذلك هناك توجه كبير بزيادة إنتاج الطاقة النظيفة إلى 50% وتقليل الطاقة المنتجة من الفحم وغيره إلى 50% وإنهاء العمل بالطاقة النووية نهائياً بإذن الله بحلول عام 2040م إلى عام 2050 م. كما أقر الرئيس الأمريكي أوباما مليارات من الدولارات لأبحاث الطاقة الشمسية وهكذا ألمانيا وضعت المليارات لرفع كفاءة وإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية وهناك دول عربية مثل مصر بدأت بإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الهوائية ولذلك أقول: إن هناك اهتماماً عالمياً في تطوير الطاقة النظيفة. وقد نشرت جريدة «الرياض» في عددها 15432 بتاريخ 15/10/1431ه مقالا ذكرت فيه أن بريطانيا دشنت أكبر محطة بحرية لاستغلال طاقة الرياح في العالم اذ ستتيح في العشر سنوات القادمة عشرة آلاف تربيته بطاقة مقدارها 23000000000 وات وبهذا ستساعد بريطانيا على تحفيض استيراد الوقود وكذلك تخفيض الكربون وتحسين البيئة. كما انتجت اليابان اكثر من مليونين ونصف سيارة تعمل على الطاقة الشمسية وكذلك شركة فورد اخذت بانتاج السيارات باستخدام الطاقة الشمسية والهجينة وبالإضافة إلى عدد من الدول الاخرى. اختم مقالي بالمقترحات التالية: 1.الاستثمار بالبدائل الآمنة والنظيفة (الطاقة الشمسية والهوائية) في توليد الطاقة وجعلها نصب أعيننا من خلال دعم البحوث المتعلقة واستخدامها حيث أمكن خاصة في دول الخليج حيث إنها تتمتع بوفرة هذين المصدرين. وكذلك أقول لماذا لا نحذو حذو ألمانيا وأمريكا في تصنيع الخلايا الشمسية والاستمرار في البحث فيها وتنميتها وتطويرها. 2.اقترح على وزارة الكهرباء تبني فكرة اللامركزية في إنتاج الكهرباء ودعم قطاع الأعمال على إنتاج وبيع الطاقة الكهربائية على شركات التوزيع. وللمعلومية الشركات الكهربائية في كندا تشتري الطاقة الكهربائية من رجال الأعمال من ثلاثة إلى أربعة أضعاف ما تبيعه على المشتركين. 3. كما اقترح عليها تشجيع استخدام الطاقة الشمسية في البيوت والمزارع والمباني المختلفة وذلك من خلال توفير الدعم المالي وتقديم التسهيلات المختلفة. 4. أرجو من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال تبني فكرة وثقافة النهوض بالأمة والمساعدة في بناء المؤسسات التقنية في هذه الدولة الخيرة وأن لا تكون أعمالهم مركزة على الاستيراد وبيع السلع فقط. فلماذا لا نحذو حذوهم ونترجم النقود التي في البنوك الى مؤسسات علمية مصنعة ومنتجة ترفع المعرفة العلمية التقنية لهذه الدولة الخيرة؟ وأخيراً.. أسأل الله أن يحفظ بلادنا من الإشعاعات النووية والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الخونة... والله من وراء القصد. * أستاذ في قسم الهندسة الكهربائية جامعة الملك سعود