نشرت جريدة «الرياض» خبراً عن مقترح لبناء محطة للكهرباء بالطاقة النووية في دولة الإمارات قريبة من الحدود السعودية وعلى ساحل الخليج العربي ونشرت جريدة الحياة نفس الخبر في يوم الجمعة 2010/4/23م وهذا أثار لديّ ما يلي: 1- لا شك أن كلفة إنتاج كيلو واط من المولدات ذات الوقود النووي أقل نسبياً من إنتاج الكهرباء من المحطات البخارية حيث ان مقدار الطاقة الناتجة من المولد النووي الواحد هي بحدود 2200 ميغا واط ومقارنة بالتربينة البخارية والتي هي بحدود 1200 ميغا واط وهذه الميزة ورخص الوقود بالإضافة إلى عوامل أخرى جعلت من إنتاج الطاقة الكهربائية بالوقود النووي أقل كلفة من البدائل الأخرى. 2- ربما يتذكر القارئ حادثة مفاعل تشيرنوبل وما حدث من تسرب اشعاعي كبير مؤثر بسبب اهمال الفنيين صيانة المفاعل مما أدى إلى حدوث الكارثة والتي أثرت صحياً على كثير من البشر وأمد التلوث الاشعاعي خلال الاتحاد السوفييتي والدول المجاورة له. كما كاد مفاعل ثري ايلاندز في أمريكا ان يتسبب بتلوث كما حدث في تشرنوبل ولكن العناية الالهية حالت دون ذلك. وأخيراً، وبالرغم من تقدم اليابان التقني فقد تم اغلاق مفاعل مدينة توسوروغا مدة أربعة عشرة عاماً بسبب خلل في نظام التبريد حيث تسرب 640 كيلو غرام من الصوديوم المستعمل في التبريد مما يؤدي إلى حرائق كبيرة في حال تفاعله مع الماء والهواء كما ذكرت جريدة «الرياض» بتاريخ 1431/6/23ه الموافق 2010/5/7م. 3- الكل يعلم ان إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام المفاعلات النووية تختص بها بعض الدول المتقدمة والتي أشرفت على إنتاجها بصورة كاملة بكوادرها الوطنية المتخصصة المدربة على كيفية التعامل معها في أوقات المحن والخطورة لا سمح الله والتي لا يمكن حصرها في هذه المقالة. 4- ان متطلبات تشغيل هذه المحطات تقتضي وجود فرق صيانة مدربة على أعلى درجة في التأهيل وهذه الفرق مجهزة بأحدث الأجهزة والوسائل التي تكشف عن أي خلل والوقاية الشديدة في حدوث أي مخاطر. 5- إن أحد أكبر المشاكل التي يخشاها المهندسون هو تقادم المحطة والتراخي من قبل الإداريين والفنيين في عمل الصيانة الدورية حيث ان أي خلل في أجهزة الحماية الكهربائية مثلاً أو أية مشكلة تركيب قطع الغيار أو تأخر وصولها قد يؤدي إلى حصول كارثة. 6- ان مخاطر إنتاج هذه الطاقة النووية لا تقبل التلاعب بها على الاطلاق حيث ان أدنى خطأ قد يسبب كارثة في المنطقة كلها لا تعرف حدود المملكة العربية السعودية أو قطر أو الإمارات. قد تكون كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية بالطاقة النووية رخيصة نسبياً إلاّ ان تسربات الاشعاعات وتكلفة معالجة مخلفاتها ونفاياها المشعة لهذه المحطات مرتفع وله تأثير سيئ على البيئة ليس لهذا الجيل ولكن للأجيال القادمة وهذا توريث سيئ جداً لأبنائنا وتدمير المنطقة. 7- أكاد ان أجزم ان دولة الإمارات ستعتمد بشكل كبير على المهندسين والفنيين والمنتجين الأجانب وهذا أمر يحتاج إلى التريث والتفكير بعقلانية حيث ان مشروع إنتاج الطاقة النووية شأن سيادي أمني يخص حياة المجتمع الخليجي بأجمعه. 8- يضاف لهذا التحدي وجود محطة الكهرباء على الخليج العربي من قبل دولة إيران وهذا المشروع الخطير ابتليت به المنطقة ويزيد الوضع خطورة ان دولة روسيا لن تتيح الفرصة لنقل التقنية النووية إلى إيران مما قد يسبب كارثة كبرى في حالة حصول أي خطأ وذلك بسبب عدم الالمام من الجانب الإيراني بجميع الجوانب المتعلقة بتلك التقنية حيث ان أسرارها لدى الجانب الروسي. 9- وباختصار فيجب على أي دولة ترغب باستخدام التقنية النووية ان تعتمد بشكل كامل على كوادرها الوطنية في بناء وإنتاج وتشغيل تلك التقنية حتى لا يكون تحت سيطرة أي كيان خارجي. 10- وأحب ان أذكر بأن الكوارث الطبيعية كالسيول وغيرها يكون الضرر في العادة محدوداً في نطاق ومكان الحادث خلافاً للكوارث النووية حيث ان ضررها يتعدى مكان الحادث ويمتد التأثير إلى زمن يصل إلى عدة أجيال. 11- بدأت كندا باستخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء بالثمانينات وهي أكبر الدول المصدرة للطاقة النووية والمنتجة لها ومعروفة بدقة معاييرها في بناء المفاعلات النووية ولكن تم ايقاف إنتاج الطاقة الكهربائية لأسباب أمنية وصحية وغيرها. لذا فليس من الحكمة الدخول في هذه المخاطرة دون حساب لمخاطر التسرب الاشعاعي ومعالجة المخلفات المشعة منها. وأتساءل كيف سيكون الأمر بالنسبة للمواطن الخليجي والذي ليس له أي خبرة في التعامل مع هذه التقنية في الوقت القريب والبعيد نسبياً. 12- لذا أرى من الصعب تقبل تسليم مستقبل المنطقة لمشروع بهذه الخطورة ولكوادر وشركات خارجية مما يحتاج إلى إعادة النظر وخاصة ان مكان المحطة ليس ببعيد عن حدود الدولة السعودية. 13- وأود اقتراح قيام دول الخليج بالاستثمار في الطاقة الشمسية والهوائية وتشجيع الناس على استعمالها في البيوت والمزارع والمصانع وخاصة في المناطق النائية والمرتفعات كما أدعو شركات الكهرباء في دول الخليج ان تدرس بجدية مشاريع لدعم المواطنين ومساعدتهم على امتلاك المراوح الكهربائية والخلايا الشمسية والذي يؤدي إلى تحديد النمو المضطرد في استعمال الموارد الملوثة أو غير الآمنة لإنتاج الطاقة الكهربائية. 14- كما أدعو بلدان مجلس التعاون الخليجي ممثلة بالجامعات ومراكز الأبحاث بالمشاركة الفعالة في أبحاث الطاقة البديلة مثل الشمسية والهوائية والتعاون بصورة خاصة مع دول متقدمة مثل ألمانيا وهولندا في مجال أبحاث الطاقة البديلة. 15- لذا آمل من المسؤولين في دولة الإمارات الخيرة والتي عرفنا منهم الخير وهم أهل الخير أميراً وشعباً وحكومة بإعادة النظر بصورة جادة في مشروع إنشاء المحطة النووية وبحث بديل يكون أكثر أمناً للمنطقة. 16- وختاماً أود ان أطالب حكومتنا الخيرة بالدخول العاجل والتعامل مع هذا الأمر بشفافية عالية في موضوع يمس أمن وسلامة المنطقة. والله من وراء القصد،،، أستاذ جامعة الملك سعود - قسم الهندسة الكهربائية0