قد يؤثر الغذاء والطعام في النوم يشكل مباشر أو غير مباشر، فمثلا بالطرق المباشرة فإن بعض المرضى قد يكون لديهم حساسية من بعض الأطعمة، وهذه الحساسية تظهر بشكل أرق في الليل وعدم القدرة على بدء النوم أو النوم بشكل متواصل مما ينتج عنه تقطع النوم، كما أنه قد يصاحب هذه الأعراض نوبات من البكاء وإثارة نفسية وحركية وإرهاق بالنهار وهو ما يعرف بالأرق الناتج عن حساسية الطعام (Food Allergy Insomnia)وهو من الأمراض الموجودة ضمن التصنيف العالمي لاضطرابات النوم، ويتم تشخيصه بعد استبعاد المسببات الأخرى للأرق، كما أن هذا النوع من الحساسية قد يصاحبه أعراض جلدية واضطرابات في الجهازين التنفسي والهضمي. ويصيب هذا الاضطراب عادة الأطفال في السنين الأولى من العمر (2 إلى 4 سنوات) ويزول تدريجيًا مع تقدم العمر، كما أنه قد يصيب الكبار بسبب عدد من المأكولات التي تسبب حساسية للمريض كالبيض والسمك وغيرها. ويعتبر هذا الاضطراب من الأسباب الرئيسية للأرق عند الرضع، ففي الدراسات وجد أن معظم حالات الأرق لدى الرضع يعود سببها لنوع الحليب الذي يتناوله الطفل مما يؤدي إلى الحساسية وقلة النوم، فإذا ما تغير الحليب زال الأرق، ومن الأطعمة التي تسبب هذا النوم من الحساسية الحليب، الذرة، القمح، الكاكاو، المكسرات، وبياض البيض، وبعض المأكولات البحرية، إضافة إلى الفطر. وهناك اضطراب آخر يعرف بمتلازمة زيادة الأكل والشرب أثناء النوم (Nocturnal Drinking] Eating Syndrome) وهو يصيب في العادة الأطفال الرضع؛ حيث يستيقظون في الليل من 4 إلى 8 مرات بحالة جوع شديد لتناول الحليب أو العصير مما يؤثر في نومهم ونوم والديهم، ويغير كذلك من الساعة البيولوجية لديهم؛ حيث يستمر الطفل في نفس نظام نوم حديثي الولادة من حيث كثرة عدد الغفوات وقلة النوم المتواصل بالليل، وعلاج هذه المشكلة في أساسه سلوكي؛ حيث إن على الوالدين أن يدركا أن الطفل بعد سن 6 أشهر بإمكانه النوم طوال الليل دون تناول أي وجبة. وقد يصيب هذا الاضطراب الكبار كذلك، حيث يستيقظون في حالة جوع شديد مرة أو أكثر خلال الليل ويأكلون بشراهة ثم يعودون للنوم مما ينتج عنه نوم متقطع وزيادة مفرطة في الوزن. وتزداد هذه المشكلة عند الأشخاص غير المنتظمين في حياتهم من حيث مواعيد النوم والاستيقاظ وتناول الوجبات، كما أنها قد تظهر عند موظفي الشفتات أو الأشخاص الذين يعيشون في بيئة كثيرة السهر. ويتم تشخيص هذا الاضطراب عند الكبار بعد استبعاد الأمراض العضوية التي تسبب الجوع كقرحة الاثني عشر أو مرض السكري. وهذه المتلازمة أيضًا من ضمن الاضطرابات الموجودة في التصنيف العالمي لاضطرابات النوم ولها شروطها للتشخيص وعلاجها في الأساس سلوكي، وذلك بتغيير سلوك المريض تجاه الطعام، وكذلك أخذ وجبة خفيفة قبل النوم ويفضل أن تحتوي على البروتينات. ونوع الوجبة المتناولة قبل النوم قد يؤثر في النوم. فبعض الأطعمة قد تؤدي إلى سوء الهضم ومن ثم زيادة الغازات أو التلبك المعوي وبالتالي الاستيقاظ المتكرر أثناء النوم. والوجبات الثقيلة قبل النوم بفترات قصيرة وبالذات الوجبات ذات المحتوى الدهني العالي قد تؤدي إلى تقطع النوم، كما قد تزيد من احتمال ارتجاع حمض المعدة إلى المريء ومن ثم تقطع النوم. ولا ينصح بتناول الوجبات الغنية بالكربوهيدرات والسكريات قبل النوم لأنها تزيد من نشاط الجسم ومن عمليات الأيض مما قد يسبب الأرق. وقد أظهرت الدراسات العلمية أن جميع المنبهات إذا تم تناولها قبل النوم تؤثر في جودة النوم حتى عند الذين يظنون أن المنبهات كالقهوة لا تؤثر في نومهم. أما العلاقة غير المباشرة بين النوم والطعام، فإن الإفراط في تناول الطعام يؤدي إلى السمنة وزيادة الوزن، وهذا بدوره يزيد من احتمال ظهور الكثير من اضطرابات النوم المتعلقة بالسمنة كالشخير وتوقف التنفس أثناء النوم، وهو ما يتميز بانسداد متكرر في مجرى الهواء العلوي خلال النوم مما قد ينتج عنه توقف متكرر للتنفس أثناء النوم، وهذا اضطراب خطير له مضاعفات عضوية كثيرة وخطيرة.