قرأت في العدد (145) من مجلة التدريب والتقنية الصادر بتاريخ صفر 1432ه، مقالا للزميل د. محمد الخازم عنوانه: الخلط بين التعليم والتدريب، قال فيه: "ولتبسيط الأمر التعليم يقاس بالاختبار في كم من المعلومات والمعارف التي يحصل عليها المتعلم كما يحصل في التعليم الجامعي والتعليم العام. بينما التدريب يقاس بما يستطيع المتدرب من عمله أو إنهاء عمله." ومع خالص تقديري وإعجابي بقلم دكتورنا الفاضل، ومع احترامي لرأيه في هذا الموضوع (الفرق بين التعليم والتدريب) واختلافي معه، أرجو أن يسمح لي د. محمد أن أدلي بدلوي - كمدرب ومستشار وباحث أفنى من عمره في هذا المجال وبكل اعتزاز (38) عاما -، لأقول مستعينا بالله: شكرا د. محمد على تناولك لهذا الموضوع، حيث لا نزال بالفعل وعلى كافة المستويات ندور في فلكه تائهين، ونتيجة لذلك لا نزال وكما أشرت نصرف الكثير من الوقت والجهد والمال، ونخسر الكثير دون الحصول على العوائد المأمولة، والاختلاف في الرأي إضافة ولا يفسد للود قضية. التعليم العام - في رأيي- هو إكساب المتعلم المعارف والمهارات والقدرات التي تمكنه من مواجهة متطلبات الحياة العامة باقتدار، وذلك باستخدام مختلف الطرائق والوسائل والأساليب بما فيها التدريب أو التطبيق العملي، وهدفه تغيير السلوك، والسلوك أدائي، والأداء يتطلب أن تترجم المعارف لمهارات وقدرات، أي أن التعليم يجب أن يكون تطبيقياً سواء كان في الروضة أو الابتدائي أو المتوسط أو الجامعة، ولذلك نجد أن بعض الدول المتقدمة في التعليم تضع كل هذه المراحل (التعليم العام والتعليم العالي والتقني) تحت مظلة وزارة واحدة كما في فنلندا على سبيل التمثيل. والتعليم هو كل ما يتلقاه الفرد من معارف أو مهارات قبل الالتحاق بالوظيفة في أي مؤسسة تعليمية أو تدريبية سواء كانت مدرسة أو معهد أو كلية. أي أن ما يقدم في الكليات التقنية أو الكليات التطبيقية وكليات خدمة المجتمع في الجامعات للطلاب (قبل التوظيف) يعد تعليما تطبيقيا وليس تدريبا، ولا يمكن أن يلبي حاجة سوق العمل، لأنه غير موجه للوظيفة (تدريب وظيفي) ولن يأتي بالنتيجة المرجوة منه إلا بعد الالتحاق بالوظيفة ومعرفة متطلباتها وتحديد الاحتياج التدريبي لها، معنى ذلك، أن الشركات ومؤسسات الأعمال هي المعنية بالتدريب بعد تخريج الطلاب في مؤسسات التعليم التطبيقي ككليات التقنية وغيرها من الكليات الجامعية. وأن الكليات والجامعات ليس هدفها التدريب لسوق العمل وإنما التعليم التطبيقي الذي يمكن صاحبه من العمل بأقل وقت وجهد وتكلفة. ولتبسيط المفهوم يمكننا القول: أن معهد الإدارة معهد تعليم تطبيقي ومعهد تدريب؛ معهد تعليم تطبيقي بالنسبة للبرامج الإعدادية لأن هذا التدريب قبل الالتحاق بوظيفة، ومعهد تدريب بالنسبة للموظفين الذين يلحقون بدوراته لأن هذا التدريب بعد الالتحاق بالوظيفة. نعم أتفق مع الدكتور محمد أن هناك خلطًا واضحاً بين التعليم والتدريب، ولكن للتوضيح فقط أرى أن سبب كل هذا الخلط هو غياب مفهوم (التعليم التطبيقي) وهو مفهوم معروف ومعمول به في دول العالم المتقدم في التعليم والتدريب، ولذلك نجد أيضا أنه بسبب هذا الخلط أن مخرجات الكليات التقنية لا يقبلون في الجامعات، وأن سوق العمل غير راض على مخرجات كليات التقنية ولا مخرجات الجامعات، لأنها في نظر أربابه مؤسسات تدريب وهدفها سد حاجة سوق العمل، وهي في الواقع ليست مؤسسات تدريب وإنما هي مؤسسات تعليم تطبيقي. أخيرا، أختم بالتأكيد على أن التعليم التطبيقي هدفه إعداد الفرد علميا وعمليا للحياة بما فيها العمل، في حين أن التدريب يعد الفرد للقيام بمهام وظيفية محددة. وبالتالي فإن الفرق بين التعليم التطبيقي والتدريب فرق شاسع، راجيا أن يكون في هذا التوضيح الموجز ما يساعد على تصحيح المفهوم المغلوط عن التعليم والتدريب، وأرى لأهمية هذا الأمر وخطورته أن يكون هناك حلقة نقاش حول هذا الموضوع يشارك فيها كل الأطراف ذات العلاقة. والله الموفق.