الأمم المتحدة تحذر: العنف المسلح يفاقم الأزمة السودانية    1.8 مليون طالب وطالبة في "تعليم الرياض" يعودون لمدارسهم..غداً    ضبط 20124 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    زيلينسكي: علينا محاولة إنهاء الحرب العام المقبل    ضيف الرأي: الفنانة التشكيلية مروة النجار    إطلاق مركز (Learning Hub) للتعامل مع التهديدات الصحية المعقدة    المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    يدعوان جميع البلدان لتعزيز خطط العمل الوطنية    استمرار تشكل السحب الممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    مهرجان صبيا.. عروض ترفيهية فريدة في "شتاء جازان"    سوق بيش الأسبوعي.. وجهة عشاق الأجواء الشعبية    اكتشاف مخلوق بحري بحجم ملعبي كرة سلة    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    إسبانيا تفوز على الدنمارك وتتأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    منع استخدام رموز وشعارات الدول تجارياً في السعودية    نيوم: بدء تخطيط وتصميم أحياء «ذا لاين» في أوائل 2025    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الخرائط الذهنية    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة عن المظاهرات والمسيرات
نشر في الرياض يوم 16 - 03 - 2011


الخطبة الأولى
أيها المسلمون : إن الأمن والاستقرار مطلب رئيس من مطالب الحياة، والدولة وفقها الله تسعى سعياً حثيثاً وجاداً لتوفير المناخ الملائم المتضمن لمسألة الأمن والاستقرار، تلك المسألة التي هي في صدر أولوياتها. لذا كان من الطبيعي إيلاء المسألة الأمنية مزيداً من الاهتمام.
إننا نعيش في عصر زاهر,وخير عميم وافر,عصر خادم الحرمين الشريفين,الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمده الله بعونه,وبارك فيه وفي إخوانه,هذا الملك الذي أحبَّ شعبه,وأحبه شعبه,الذي حكَّم السنة والقرآن,وأقام ميزان العدل والإحسان,وحسبه عزاً وشرفاً,ومجداً وسؤدداً,خدمته للحرمين الشريفين.
كم هي نعمة أن ننشأ في بلد يحكم بشريعة الإسلام,ويخدم الحرمين والسنة والقرآن,كم هي نعمة أن ننشأ في أمن وأمان,وطمأنينة واطمئنان,وسلم وسلام.
فالمسؤولية الأمنية واجب الجميع ، تلك المسؤولية التي لا يمكن لأحد التنصل عن واجباتها، باعتبار أن الحفاظ عليها واجب يقع على كل فرد مسلم في هذه البلاد.
لقد فتحنا أعيننا في بلد الإسلام ,ومأرز الإيمان,ترعرعنا في وطن العز والأخلاق والسؤدد والفضيلة,لا كفر ولا إشراك,لا قبور ولا قباب,لا بدع ولا خرافات,لا دور رقص وبارات,ولا أماكن خمر ولا حانات,بل مساجد للعبادة وجوامع,ودور لتحفيظ القرآن والسنة ومنافع,مؤسسات للخير,وجمعيات للإحسان والبر,نعمٌ كثيرة,ومنن كبيرة,حَقٌ علينا رعايتها,وواجبٌ علينا حياطتها,لتتحقق لنا ثمرة الإسلام,ونجد في ظلها مع أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا ووطننا الأمن والسلام,ولنستشعر في هذا الكيان العظيم,والطود الشامخ طمأنينة الرضا,وثلج الرضوان,بما رعينا حقوق الله,وواجبات الوطن.
لقد كفانا المؤونة من قبل رجالٌ حموا حامية الحمى,وسقوه لما عطش بل سكبوا له الدماء,وجعلوا الجماجم والرؤوس إلى المجد طريقاً وسلَّما,يقودهم صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز نور الله ضريحه وطيب ثراه,حتى بنوا لنا مجداً مؤثلا,وعزاً ومنزلاً,فهل نحافظ على هذه النعمة,وهل نحوط تلك المنة,ونحميها من عادية الشياطين الذين يعملون بكل حول وحيلة على أن يسلبوها,ويبدلوها ويغيروها , فليس لهجماتهم موعد, بل يتخيرون الفرص المواتية,ويتفقدون أضعف المواقع لينفذوا إلينا منها,ويعملوا أسلحتهم من خلالها .
إن المدى بين أهل الفتنة المتربصين بنا وبين مرادهم بإذن الله بعيد,وإن عليهم أن يحثوا المطي إلى ميدان السلامة والسلام ليلحقوا بركب أهل الطاعة والولاء,وليكونوا بمعرض من رحمة الله ورضوانه.
عباد الله : في ظل هذه الفتن القائمة,والمحن العارمة,والتي اجتاحت بعض الدول والمجتمعات العربية الإسلامية,ليرى الإنسان عبرةً وعظةً تثبت له آثار الفتن السيئة,ونتائج المحن الوخيمة,من سفك الدماء,وانتهاك الأعراض,وسلب الأموال,ونهب الثروات,وتعطل المصالح,وحلول المفاسد,وتدخل الأعداء,وتسلط الخبثاء.
تثبت هذه الأحداث كم لنعمة الأمن من قيمة ؟ ولمنة ومنحة الاستقرار من قدر ؟ تثبت الآثار الوخيمة لمعصية ولي الأمر,والنتائج الفاسدة للخروج والتأليب عليه .
مهما اختلف القياس وتنوعت القناعات في لزوم الطاعة من دولة لدولة,وسلطة لسلطة,إلا أن لزوم الطاعة في بلد الإسلام ومعقل الإيمان المملكة العربية السعودية,أمرٌ لا يقبل النقاش,ولا يحتمل الخلاف,ولا يتطرقه شكٌ ولا ارتياب,فلا نزع ليد من طاعة , ولا لشرذمة أن تخرج وتشذ عن الجماعة,ومن فعل فقد وقع في ذنب عظيم,وجرم كبير,ومن شذ شذ في النار,ثم لا يلومن إلا نفسه .
أيها المسلمون : من أساليب الأعداء الماكرة, ووسائلهم الخبيثة,إيجاد أساليب سيئة,ووسائل منحرفة,لم ترد في كتاب ولا سنة,ولا هدي سلف ولا عمل نبوة, ألا وهو ما يسمونه بالمظاهرات والتجمعات,لأجل ماذا ؟ لأجل النصيحة ولأجل التغيير,لأجل الحرية والتعبير, نعم إنها للتغيير فهي والله تغير أمن الناس إلى خوف,واستقرارهم إلى رعب,وهدوئهم واطمئنانهم إلى فوضى واضطراب,هذا التغيير الذي يريدون,والإصلاح الذي يقصدون,والنصح الذي يزعمون .
إننا لوسلمنا على سبيل الافتراض صحة هذا الأسلوب أسلوب المظاهرات مع أنه مخالفٌ للنصوص الشرعية,والآداب المرعية,ومنهج سلف الأمة,لو سلمنا بصحته فإن دعاته لا يريدونه على الوجه المحمود, بل يبتغون من ورائه التسلط على المجتمع,وضربه بولاته وحكامه,وبالتالي فهو بابٌ من أبواب حيلهم,وأسلوبٌ من أساليب كيدهم ومكرهم,انظروا إلى آثار هذا الأسلوب وما خلفه من ضروب الفتنة,ومظاهر المحنة والفرقة,مما يؤكد أن هذا الأسلوب أسلوب المظاهرات أسلوب فتك ودمار,وأداة تهديد وتبديد لعلائق الناس,لم يجنوا منه إلا ما هو بلاء ومحنة,وشتات وفتنة,ولم يشع بينهم إلا التفكك والفرقة,ولم يولد إلا ما يفصم أواصر المودة والأخوة,قتلٌ للأنفس,هتكٌ للأعراض,إتلافٌ للممتلكات,حرقٌ للمقدرات,هذا شيء مما تولده المظاهرات,وتخلفه تلك الاعتصامات والتجمعات,ناهيك عن ضياع الدين,وضياع أحكامه وشعائره,وإهمال مظاهره وتطبيق حدوده.
لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن أسلوب المظاهرات سلاحٌ من أسلحة العمل في سبيل الغايات الخسيسة التي يعمل لها الأعداء.
أيها المسلمون: إن أعظم دليل على مفاسد أسلوب المظاهرة وأنها قد تستغل باسم الخير، وباسم النصيحة، والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أولئك الذين خرجوا على الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان خروجهم باسم الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: حينما ذكر سبب تألب هؤلاء الأحزاب وأنه بسبب عبدالله بن سبأ اليهودي الخبيث قال: ( فأنكروا عليه أي على عثمان وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فافتتن به بشر كثير من أهل مصر، وكتبوا إلى جماعات من عوام أهل الكوفة والبصرة، فتمالأوا على ذلك، وتكاتبوا فيه، وتواعدوا أن يجتمعوا في الإنكار على عثمان).
وقال رحمه الله : ( خرجوا في صفة معتمرين لينكروا على عثمان).وقد ذكر ابن كثير رحمه الله أن الإمام ابن جرير الطبري عدَّ أولئك المتظاهرين الذين تظاهروا باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وباسم الإصلاح عدَّهم من جملة المفسدين في الأرض..ثم قال ابن كثير بعد ذلك : ( ولا شك أنهم كذلك ).
وقال رحمه الله في موطن آخر: ( وإنما هؤلاء الجهلة البغاة متعنتون خونةٌ ظلمةٌ، مفترون، ولهذا صمموا بعد هذا على حصره والتضييق عليه، حتى منعوه الميرة والماء والخروج إلى المسجد، وتهددوه بالقتل).
وقد ذكر عن حفظة بيت المال في عهد عثمان رضي الله عنه أنهم قالوا: ( إن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما ادعوا أنهم إنما قاموا لأجله ، وكذبوا إنما قصدهم الدنيا) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (وإنما وقع الشر بسبب قتل عثمان فحصل بذلك قوة أهل الظلم والعدوان وضعف أهل العلم والإيمان حتى حصل من الفرقة والاختلاف ما صار يطاع فيه من غيره أولى منه بالطاعة ولهذا أمر الله بالجماعة والائتلاف ونهى عن الفرقة والاختلاف ولهذا قيل : ما يكرهون في الجماعة خير مما يجمعون من الفرقة ) .
وعدَّ رحمه الله في مجموع الفتاوى الخارجين المتظاهرين القاتلين عثمان رضي الله عنه من شرار الخلق,ووصفهم بأنهم من أهل الفتنة والظلم,وأن قتله من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة.
وقال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان : (فبالتأويل الباطل قتل عثمان رضي الله عنه وعاثت الأمة في دمائها وكفر بعضها بعضا وتفرقت على بضع وسبعين فرقة ) .
وقد جاء في موطأ الإمام مالك رحمه الله : حين تحدث عن الخوارج : أن طائفة منهم كانت ممن قصد المدينة يوم الدار في قتل عثمان رضي الله عنه,سموا بذلك لخروجهم على الإمام.
وقال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله : (الفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين هي قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وهي كانت سبب وقعة الجمل وحروب صفين كانت في ناحية المشرق ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق ) .
عباد الله: إن النتيجة المرَّة من هذا الخروج السلمي وتلك المظاهرة التي جاءت باسم الإصلاح والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي: قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه قتلوه بين نسائه وهو يقرأ المصحف بعد قتال راح ضحيته الكثير، بعده نهبوا بيت المال وفيه الشيء الكثير كما ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله.. وتعطلت الصلاة بمسجد رسول الله عليه وسلم زمناً طويلاً كما ذكر ذلك ابن حجر عن الإمام مالك رحمهما الله,وأنها جرت فتن كثيرة وأكاذيب وأهواء,وأن أول التفرق والابتداع في الإسلام بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ولما قتل وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فأي إصلاح ينشده أولئك ،وأي نصيحة يريدونها,إنما يريدون سفك الدماء, ونهب الأموال,وسرقة الثروات,بعدها انفتح باب الفتن,حتى وقعت معركة الجمل ومعركة صفين والتي قتل فيها عشرات الآلاف من المسلمين والموحدين,ناهيك عن تعطل الجهاد وتسلط الأعداء نتيجة لضعف المسلمين وانشغالهم بقتل بعضهم,وصدق الله : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ).
إن موقف المسلم الحق أمام هذه الموجات العاتية من الشرِّ والفساد، يحدده الرسول ( حينما سأله حذيفة بقوله: (فما تأمرني إن أدركني ذلك) أي زمن الفتن وزمن الدعاة على أبواب جهنم قال صلى الله عليه وسلم: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) أخرجه البخاري في صحيحه.
فالواجب علينا أن لا نلتفت لهذه الترهات وأن نلزم جماعتنا وإمامنا ونقوي جبهة ذلك ونكثر سواده. فالجماعة عصمة من الزلل والشطط والانحراف قال (: (عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار) ولترغم أنوفُ أولئك، ولتأكل الحسرة قلوبهم ( قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ) .
بل انظروا لأقرب الأحداث,وأحدث الوقائع,انظروا ماحصل ويحصل في بلاد تونس ومصر واليمن وليبيا من أحداث مؤسفة,وجرائم منكرة,بسبب المظاهرات والمسيرات,والاعتصامات والتجمعات,كم من نفوس قتلت,وأجساد جرحت,وأعراض هتكت,وأموال سرقت,وثروات نهبت,ومقدرات حرقت.
الخطبة الثانية
عباد الله : لقد أفتى العلماء الربانيون,والجهابذة المخلصون في حرمة هذا الأسلوب أسلوب المظاهرات والمسيرات،واعتبروها نوعاً من شق عصا الطاعة لولي الأمر الذي يمكن الوصول إليه وتقديم مطالب الناس ومظالمهم،من غير التورط في أي من سلبيات المظاهرات، والتي نراها كثيراً من حولنا،تبدأ سلمية ثم سرعان ما ينضم إليها دخلاء،فتنقلب للسيئ والبذيء من الأقوال والأفعال،مما يزعزع حالة الأمن والأمان,والسلامة والاستقرار,ولما تحويه من المفاسد الكثيرة، علماً أن هذا الأسلوب أسلوب باطل من وجوه كثيرة:
1) أنها تعبد لله بأسلوب غير مشروع وذلك عند من يفتي بها في هذه الأيام.
2) أن فيها زعزعة للأمن وإثارة للفوضى.
3) إيقاع للعداوة والتصادم والتقاتل بين رجال الأمن والمتظاهرين.
4) أنها فرصة لاندساس المفسدين والمجرمين لتحقيق مآربهم وأغراضهم السيئة.
5) فيها تعطيل لمصالح المسلمين بما تحدثه هذه المظاهرات بكثرة القائمين بها أو المتفرجين من إغلاق للمحلات وتعطيل حركة السير.
6) أنها ذريعة لأهل البدع والأهواء وأصحاب الأفكار المنحرفة للقيام بها للوصول إلى ما يريدون من مقاصد سيئة.
7) أنها مخالفة للنظام ومعصية لولاة الأمر الذين منعوا هذا الأمر وطاعتهم بالمعروف والحق واجبة..
وقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله السؤال التالي: (هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة وهل من يموت فيها يعتبر شهيداً أو في سبيل الله ؟ فأجاب رحمه الله بقوله: ( لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج ، ولكني أرى أنها من أسباب الفتن ومن أسباب الشرور ومن أسباب ظلم بعض الناس والتعدي على بعض الناس بغير حق).
ويقول رحمه الله : ( فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق ، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله وإثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات . ويلحق بهذا الباب ما قد يفعله بعض الناس من المظاهرات التي قد تسبب شرا عظيما على الدعاة فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة ، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة التي هي أحسن، فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم, ولا شك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة ويمنع انتشارها ).
ويقول أيضاً رحمه الله: ( ما هي إلا فوضوية ومن أناس لديهم فساد تصور وقلة إدراك للمصالح من المفاسد ) ويقول: ( إن المطالبة بالأشياء تأتي بالطرق المناسبة أما الفوضويات وهذه المظاهرات فهي من أخلاق غير المسلمين،المسلم ليس فوضويا،المسلمون ليسوا فوضويين ،المسلمون أهل أدب واحترام وسمع وطاعة لولاة الأمر إذا كان لأحدهم طلب شيء يرى أن فيه مصلحته فالحمد لله أن المسؤولين أماكنهم ومكاتبهم مفتوحة لا يستنكرون على أن يستقبلوا أي أحد ،أما الفوضويات فهي غريبة عن مجتمعنا الصالح ولله الحمد ،ومجتمعنا لا يعرف هذه الأشياء إنما هذه من فئة لا اعتبار لها ،إن مفهوم الإصلاح والدعوة وحث الأمة على الخير والاستقامة على الخير والسعي في مصالحها وفي إصلاحها بالسبل والطرق الشرعية أما الإصلاح الذي يرجو أولئك من خلال الفوضى والغوغاء الغريبة على واقع مجتمعنا والغريبة على بلدنا فهي أشياء نستنكرها ونشجبها وننصح إخواننا المسلمين أن يتفهموا أن هذه القضايا لا تحقق هدفا وإنما تنشر الفوضى ) .
ويقول رحمه الله: ( فإن ما سمعنا عنه من اعتزام البعض تنظيم مظاهرات واحتجاجات على ولاة الأمر في هذه البلاد حرسها الله أمر محرم والمشاركة فيه محرمة وكذا الترويج له،لأن هذا من شق عصا الطاعة وفيه تفريق لجماعة المسلمين وافتيات على إمامهم ).
ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: ( المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم. ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمراً ممنوعاً، حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها ويحصل فيه أيضاً اختلاط الرجال بالنساء، والشباب بالشيوخ، وما أشبه من المفاسد والمنكرات، وأما مسألة الضغط على الحكومة: فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واعظاً كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا خير ما يعرض على المسلم، وان كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء المتظاهرين وسوف تجاملهم ظاهراً، وهي ما هي عليه من الشر في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر. وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان ) ا. ه.
أيها المسلمون : سؤال منطقي عقلي ما الذي يراد من المظاهرات ؟ وما الذي يقصد من التجمعات هل هو إيصال الصوت للمسؤول,أو إثارة الفتن ,فإن كان الأول فإيصال الصوت يصل عبر المكاتبة,والمهاتفة بل واللقاء بولاة الأمر,فإذا كان المقصود هو إيصال الصوت ففي مملكتنا الكريمة من الجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية الرسمية والتي لديها الأساليب والآليات, والوسائل والإمكانات, ما هو كفيلٌ بأن يفي بمطالب الناس المتعددة,وطلباتهم المتنوعة, ما هو كفيلٌ لتحقيق غاياتهم السليمة,وأهدافهم النبيلة دون أن يلجأوا إلى المظاهرات والمسيرات.
أما إن كان المقصود إثارة الفتن والمحن,وإشاعة الفوضى والاضطراب,فإن الطلاء الزائف,والتمويه الخادع,لا ينطلي على أهل الفطنة,فعن أي مظاهرات سلمية يتحدث الغشاشون ؟
إخواني رجال الأمن : أنتم على ثغر من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم,الله الله أن يؤتى الوطن من قبلكم,الله الله أن يؤتى الأمن والاستقرار من قبلكم,أنتم في عمل صالح مبرور,وفي سعي مبارك مشكور,تسهرون حيث ينام الناس,وتعملون حيث يرتاحون,جهدكم مقدر,وعملكم مكتوبٌ ومسطر,عند الله وعند الناس,فزادكم الله في الحق قوة ويقينا,وصلاحاً وتوفيقا.
وأنتم أيها المواطنون أيها الغيورون أيها الأوفياء يا أهل المروءة والشرف الله الله في دينكم ووطنكم,وفي لحمتكم وجماعتكم, الله الله في أمنكم واستقراركم, ونسائكم وأولادكم ومحارمكم,ضعوا أيديكم بأيدي ولاة أمركم,ساندوا رجال أمنكم,وحماة وطنكم,ساندوهم بكل مظاهر المساندة,عاونوهم بكل أنواع المعاونة,فذاك والله من صميم الدين,ومن فعال الأوفياء المتقين، لا بد من إيلاء المسألة الأمنية اهتماماً أكثر,واعتناءً أكبر,فهي من الدين,ومن ضروريات الحياة, ومسؤوليتها على الجميع لا يمكن لأحدٍ التنصل منها,ولا التخاذل عن مسؤوليتها,فبلدٌ نشأنا فيه في كنفٍ مبارك,وتحت حكمٍ عادلٍ,وعبدنا الله فيه بأمنٍ وأمانٍ وطمأنينةٍ واطمئنانٍ,على منهجٍ سليم,ودربٍ قويمٍ,يجب أن نصونه من الأشرار,وأن نحميه من الفجار,وهذا من كمال الإيمان,وتمام الطاعة والولاء,وحسن المروءة والوفاء,فإذا ما ذهب الأمن لا قدر الله فما في الحياة هناء,وإذا ما انزاح الاستقرار فما في العيش لذة ولا طعم.
د. حمزة بن سليمان الطيار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.