«الثروة النائمة».. أفضل تعبير يمكن إطلاقه على العائدات المادية المرجوة من مشروع «إعادة تدوير النفايات» داخل المملكة، وهو تعبير غير مبالغ فيه؛ إذا ما تم تفعيل وتسريع خطوات الإفادة من المشروع في إقامة مشروعات عملاقة أخرى يمكن أن تغطي حاجة السوق المحلي من عشرات المنتجات المستوردة، والتي نشتريها ب»العملة الصعبة» رغم سهولة تصنيعها هنا، مثل: الأواني البلاستيكية، وقطع الديكور التجميلية والمغلفات الورقية وغيرها كثير، بما يمكن أن تقدمه من فرص عمل ونمو مشاريع وحركة اقتصادية. وعلى الرغم من التجارب الحكومية والخاصة والمشاريع الفردية التي نعرض لقسم كبير منها في هذا «التحقيق الموحد»، إلاّ أنّها تبقى مشاريع ورقية كسولة ليس لها أثر حقيقي ولم يتم تفعيلها بجدية، وأكبر المؤشرات السلبية على هذا الأمر غياب ثقافة التدوير في بيوتنا وشوارعنا، فلن تجد حاويات قمامة تصنيفية يمكن للمواطنين أن يضعوا فيها نفايات بيوتهم وفق تقسيمات محددة واضحة المعالم متباينة الألوان، ولن تجد أُسر تقوم بتصنيف نفاياتها داخل البيت في أكياس منفصلة، ولن تجد حملة توعوية واحدة تدعو إلى هذا الأمر أو تحث عليه، وفي بعض الجامعات ستجد حاويات تصنيفية غير أنّ الإهمال وعدم أخذ الأمور بجدية جعل الطلاب يتهاونون ويتناسون تلقائياً الهدف من الحاويات المختلفة الألوان في جامعاتهم. إنها دعوة إلى الأمانات في كل المحافظات في المقام الأول إلى تبني حملات توعية حقيقية للاستفادة من الثروة النائمة، وفتح الدراسات الكثيرة المحلية والعالمية التي تناقش هذا الموضوع وتعمل له دراسات جدوى، وهي دعوة أيضاً إلى الجهات المنظمة للمؤتمرات حكومية أو خاصة للتقليل ما أمكن من الكميات الهائلة من المستهلكات المرتبطة بالمناسبات والتي ينفق عليها أموال طائلة، ثم لا تلبث أن تصبح نفايات وملوثات بيئية بعد مرور أربع وعشرين ساعة فقط على انتهاء المناسبة، وهي دعوة للوزارات وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم إلى إيجاد طريقة لخفض نسبة الفاقد من الكتب الدراسية التي ما أن ينتهي العام الدراسي حتى نجدها مكومة أمام و داخل الحاويات في الشوارع. وتدوير النفايات عمل وطني يساهم في الحفاظ على البيئة ويؤمن دخلاً وطنياً، كما يؤمن وظائف ومشاريع استثمارية، ولا ينقصنا هنا رؤوس أموال، ولا عقول مفكرة، ولا عقليات اقتصادية، ولا مواقع استثمارية؛ لكي يظل هذا الأمر معلقاً دون تفعيل إلى يومنا هذا.