أكدت الجمعية العلمية السعودية للسنّة وعلومها أن القيام بالمظاهرات ليست مسلكاً شرعياً للمطالبة بالحقوق ولا سبيلاً للإصلاح وأن ما يحصل من قصور في أمور الدين وحفظه ومن قصور في أمور الدنيا كالبطالة والفقر ونقص في بعض الخدمات وغيرها تجب فيه المناصحة وفق المنهج الشرعي.. ودعت الجمعية في بيان لها تلقت «الرياض» نسخة منه المسلمين إلى تأمل ما آلت إليه حال بعض البلاد التي قامت بها المظاهرات فيها أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. وحذرت الجمعية من شق عصا الطاعة وذهاب الألفة وتفرق الشمل والانسياق خلف من دعوا إلى المظاهرات والفتنة وفيما يلي نص البيان: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد؛ فإن الجمعية العلمية السعودية للسنّة وعلومها تذكر عموم المسلمين في هذه البلاد بما أمرنا الله - تعالى - به في كتابه، وفي سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم من التقوى، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر قال - جل ثناؤه: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، النساء: 59، وقال: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)، النساء: 131. وقال في سورة العصر: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). معالجة القصور بالمناصحة ونحذر من شق عصا الطاعة وتفرق الشمل وعن أبي أمامة - رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع، فقال: «اتقوا الله ربكم، وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم) رواه الترمذي والدارقطني وغيرهما. وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها» قالوا: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم» رواه مسلم. ومن النعم التي يجب أن تشكر أن وفق الله ولاة أمر هذه البلاد لحكم يستمد سلطته من كتاب الله، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وهما الحاكمان على جميع أنظمة البلاد، فوجب السمع والطاعة لهم في المعروف، وحرم الخروج عليهم، وشق عصا طاعتهم. وعلى أهل هذه البلاد أن يذكروا نعمة الله عليهم، ويثنوا عليه - سبحانه - بما هو أهله، وأن يكونوا معتصمين بالكتاب والسنّة على منهج سلف الأمة، فإن في ذلك السلامة، والنجاة من الآفات والشرور في الدنيا والأخرى، وأن يكونوا يداً واحدة، منتظمي الشمل حول قيادتهم. حذرين مما أصاب من قبلهم من التفرق والاختلاف والتمزق والشتات، فإن الله قد جمعهم في دولة مسلمة بعد تفرقهم وأمنهم بعد خوفهم وأغناهم بعد فقرهم وقد قال - جل ثناؤه - (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) آل عمران: 103، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم ثلاثاً قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» رواه مسلم. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» رواه البخاري. والجمعية العلمية السعودية للسنّة وعلومها إذ تذكّر بنعم الله على عباده في هذه البلاد فإنها تبين أن من أعظم أسباب حفظ النعم تحكيم الكتاب والسنّة، والرضا والتسليم لأحكامهما. وتدعو إلى لزوم الجماعة، وطاعة ولاة الأمر في غير معصية الله، فإن يد الله مع الجماعة؛ ولزوم الجماعة من أعظم أصول الدين. وتحذّر من شق عصا الطاعة، وذهاب الألفة، وتفرق الشمل والانسياق خلف من دعوا إلى المظاهرات والفتنة. كما تؤكد الجمعية على أن القيام بالمظاهرات ليس مسلكاً شرعياً للمطالبة بالحقوق، ولا سبيلا للإصلاح. وأن ما يحصل من قصور في أمور الدين وحفظه، ومن قصور في أمور الدنيا كالبطالة، والفقر، ونقص في بعض الخدمات، وغيرها تجب فيه المناصحة وفق المنهج الشرعي، كما جاء في حديث هشام بن حكيم رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أراد أن ينصح سلطانه بأمر فلا يبد له علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان أدى الذي عليه» رواه الإمام أحمد. وتدعو عموم المسلمين إلى تأمل ما آلت إليه حال البلاد التي قامت المظاهرات فيها: أمنياً، وسياسياً، واقتصادياً واجتماعياً. والجمعية تسأل الله - تعالى - للجميع التوفيق لما أمر الله به من الالتزام بشريعته وهديه، واتباع الحق، وأداء الحقوق لأصحابها، وأن يجنب بلادنا وأهلها الشرور كلها، والفتن وغوائلها، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه أجمعين.