** تساءل صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل في إطار محاضرة قيمة ألقاها مساء الاثنين الماضي في «جامعة جازان» مفتتحاً بذلك موسم الجامعة الثقافي.. تساءل الأمير بقوله: ** لا أدري كيف يمكن أن تكون لدينا بطالة في الوقت الذي يوجد لدينا أكثر من (9) ملايين وافد؟! ** ولاشك أن هذا السؤال الكبير والمقلق يحتاج إلى إجابة علمية تتجاوز حدود مناقشة الموضوع في حدود أنه ظاهرة عابرة.. أو عرض من أعراض الاختلالات الاقتصادية فقط.. إلى مناقشته من مختلف الأوجه.. بدءاً بمحاكمة نظام التعليم.. إلى محاسبة ثقافة المجتمع نحو مفهوم العمل وسلوك الفرد السعودي ونظرته إلى المسؤولية والوطنية والواجب.. إلى مراجعة سياساتنا تجاه القطاع الخاص.. وتأطير هذه السياسة وفقاً لأسس ومبادئ الشراكة الأمنية في البناء والتنمية وليس في التحكم وتغليب مصالحه الخاصة على حساب المصلحة الوطنية.. إلى تغيير المناهج السائدة لمنطق العدالة والمساواة واتاحة الفرص المتكافئة للجميع في الحصول على الحقوق بين عباد الله.. إلى توفير حلول عملية لمشاكل ذات علاقة بالحدود الدنيا لأجور المواطنين السعوديين سواء في أجهزة الدولة ومؤسساتها أو في الشركات والمؤسسات الأهلية الأخرى.. إلى العمل على تصميم نظام أو أكثر للمحاسبة والرقابة على إساءة استخدام السلطة.. إلى العمل على مركزة وتجميع الجهود المتصلة بمعالجة المشاكل في جهة عليا قوية ونافذة القرار لإدارة الأزمات على اختلاف طبائعها.. وتأثيراتها.. ** كما أن معالجة هذا الشأن الوطني بالغ الأهمية يحتاج إلى اتخاذ قرارات حاسمة وجذرية.. وذلك هو ما نتوقعه من اللجنة الوزارية العليا التي شكلت برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز.. حتى لا تكون هذه المشكلة «مشجباً» لركوب الموجة.. لا سمح الله. ** ولست هنا بصدد الدخول في أي تفاصيل.. أو التنظير بشأن أي حلول مقترحة لهذه المشكلة المؤرقة، وإنما أنا بصدد الحديث أيضاً عن المحاضرة «الثرية» التي ألقت الأضواء على «جهود المملكة في تحقيق الاستقرار في العالم» وهي جهود كان الأمير رائعاً.. في تناولها بتركيز شديد.. وإضاءات عميقة نفتقدها في الكثير من الطروحات الإنشائية التي نطالعها أو نسمع عنها بين وقت وآخر.. ** ولاشك أن عقلية بهذا الاتساع في الرؤية.. وفي إدراك الأبعاد الحقيقية لما يحدث في منطقتنا تجعلنا نتطلع إلى رؤيته في المكان الذي يسهم في تحقيق المزيد من الخير لهذا الوطن في المرحلة القادمة إلى جانب أخوته.. بهدف رصد ومتابعة نبض الشارع.. وتهيئة الحلول العملية لبعض المشاكل التي تعوق تقدمنا.. مادام أن هناك إرادة حقيقية للتخلص منها.. وتحقيق المزيد من التقدم لبلدنا.. والطمأنينة والرفاهية لشعبنا.. والله معنا. * * * ضمير مستتر: لا شيء يرتقي بشؤون الأوطان.. مثل قراءة ما يدور في أذهان الشعوب مبكراً..