وسارق الرغيف هو جان فالجان بطل رواية البؤساء للكاتب الفرنسي فيكتور هوجو ، فقد تمكن منه الجوع وأجبره غصبا على أن يسرق رغيفاً ، فسجن ، ثم فر من السجن ، ولكن مفتش البوليس جافير ظل يطارده طيلة حياته ، والمغزى أن لكل إنسان حق الحياة ، أو كما قال شوقي " الكل في حق الحياة سواء " ولهذا فإن الجائع إذا سرق لا يعاقب ، وقد عطل عمر بن الخطاب حد السرقة في عام الرمادة ، والإمام أحمد قال :" لا قطع في المجاعة يعني : أن المحتاج إذا سرق ما يأكله فلا قطع عليه " وفي المغني : وهذا محمول على من لا يجد ما يشتريه أو لا يجد ما يشتري به ، فإن له شبهة في أخذ ما يأكله أو يشتري به ما يأكله " وكان الشيخ شاكر شيخ الخبازين في جدة يغض طرفه إذا لاحظ أن أحدا يهم بسرقة رغيف من بسطته ، ولهذا الحديث مناسبة فقد اقتحم أحد المقيمين مطعماً والتهم عصعوصا أو مؤخرة دجاجة (وهو عادة ما يُقطع ويرمى) فقبض عليه عمال المطعم، ووجهت إليه هيئة الادعاء والتحقيق تهمة السرقة وأكل العصعوص بغير وجه حق ، ثم أحيل إلى المحكمة ، وتم الحكم عليه بسجنه سنة وشهرين وثمانين جلدة ، وأنا أتساءل : أليس في هذه السرقة شبهة جوع ؟ فما الذي يقسر شخصا على أكل عصعوص دجاجة إذا لم يكن جائعا ؟ على أنه قد تكون هناك ملابسات لا أعرفها هي التي دفعت القاضي إلى إصدار هذا الحكم ، والله أعلم .