سبق وكتبتُ مقالًا عن العوامل التي من شأنها تقصير أعمارنا / أو الاضافة إليها في حال تركناها وابتعدنا عنها .. فهناك مثلا ترك التدخين، وممارسة الرياضة، وتخفيض الوزن، وتناول سعرات أقل، وتلافي ضغط الدم، والتمتع بتاريخ عائلي يتضمن عددا من المعمرين... غير أن هناك عاملا آخر مهماً (حسنا .. قد لايهم في الحقيقة غير الرجال) يتمثل في الدور الخطير الذي يلعبه هرمون التستيرون في مسألة العمر الطويل!! فمنذ فترة طويلة لاحظ العلماء أن الهرمونات الذكرية (وبالذات هرمون التستيرون) لها تأثير سلبي على الصحة وتساهم في تقصير أعمار الرجال .. فهناك مثلا دراسة فرنسية أثبتت عام 1998 وجود علاقة قوية بين ارتفاع نسبة التستيرون لدى الذكور وانخفاض معدل العمر لديهم مقارنة بالإناث.. وبعد ثلاثة أشهر فقط خرج "معهد طب الشيخوخة" في واشنطن بدراسة مشابهة تثبت انخفاض معدل الامراض المميتة لدى النساء وعيشهن في المتوسط أكثر من الرجال... !! ودراسات كهذه تساندها حقيقة تاريخية عجيبة مفادها أن الخصيان (الذين نزعت اعضاؤهم التناسلية في سن الطفولة) عاشوا لفترة أطول مقارنة بأسيادهم مكتملي الرجولة . وهذا الأمر تمت ملاحظته في قصور العباسيين والبيزنطيين والعثمانيين وأباطرة الصين؛ حيث كان المخصيون يوظفون لخدمة الجواري والمحظيات! وكنتُ شخصيا قد سمعت أكثر من مرة أن "أغوات الحرم" في المدينة ومكة يصلون لأعمار متقدمة ولايعانون تقريبا من أمراض رجالية كالقلب والضغط والسكتة .. فمن المعروف أن هرمون التستيرون (الذي تفرزه الخصيتانن) يعطي الرجل صفاته الذكورية ويجعله أكثر عدوانية وميلا للمنافسة والتهور. وهذه الصفات لا تأتي بلا مقابل كونها تعجل بأعمار الرجال ، وتساهم الى حد كبير بإصابتهم بمشكلات الضغط والسكر والقلب والدورة الدموية بتأثير مباشر من هذا الهرمون... وإخصاء الذكر (قبل سن البلوغ) يحرمه من هرمون التستيرون فيشب أمردَ رخواً ناعم الصوت غير قادرعلى الإنجاب أو الانجذاب للنساء.. ولكنه في المتوسط يعمر لفترة أطول ولايعاني من مشكلات صحية ونفسية يكاد يحتكرها الرجال .. أما حين يحدث العكس ويرتفع مستوى الهرمونات الذكرية (في أجساد الإناث) فإن ذلك يسبب انقطاع الدورة ويعطيهن مظهرا رجوليا وصوتا خشنا ونمواً كثيفا في شعر الذقن والشارب (وهناك نساء حقيقيات تمتعن خلال التاريخ بلحى طويلة وشنبات مبرومة)!! على أي حال ؛ هناك ملاحظة مهمة يجب أن نأخذها دائما بعين الاعتبار: ... فحتى إن تجاهلنا تأثير التستيرون العضوي (على خلايا الجسد) فإنه يساهم بلا شك في تقصير أعمار الرجال من جهة تأثيره المزاجي الحاد ؛ فهذا الهرمون يجعل الرجال مقارنة بالنساء والمخصيين أكثر ميلا للمنافسة والمجازفة والعدوانية والاستعداد للتعارك.. وهذه المظاهر يمكن ملاحظتها لدى الفتى حال بلوغه (وتدفق التستيرون في دمه) حيث يصبح أكثر حدة وتمرداً وميلًا للمنافسة والشجار .. وهذه الصفات بالذات هي التي تجعل الرجال (لا النساء) يموتون هذه الأيام في سن مبكرة جراء حوادث السرعة وجرائم العنف والتصرفات المتهورة ناهيك عن المشاجرات وخرق القوانين والانتسابات للعصابات العنيفة ! .. ولا أخفي عليكم ؛ قبل كتابة هذا المقال عملت استفتاء صغيرا بين ذكور العائلة سألتهم فيه: - من منكم يقبل العيش ناقص الرجولة مقابل الحياة لفترة أطول !؟ وبدون تردد فضل الجميع البقاء بكامل رجولتهم حتى لو عاشوا لعمر أقصر... وغني عن القول جميعهم كانوا تحت تأثير التستيرون (الذي سبق وأن طالبت هيلاري كلينتون بتعبئته كقنابل يدوية)!