بعد مرور ثمانية أيام على وقوع موجات المد العاتية التي ضربت آسيا يواجه عمال الإغاثة «فوضى تامة» في إقليم اتشيه الاندونيسي في الوقت الذي تحاول فيه عملية تتكلف ملياري دولار لمساعدة ضحايا الكارثة الانطلاق. وكافح عمال الإغاثة لمساعدة الآلاف الذين تكتظ بهم مخيمات مؤقتة في الإقليم بسومطرة الشمالية الذي لقي فيه ثلثا عدد الضحايا البالغ 144 ألف قتيل حتفهم وللوصول إلى المناطق النائية بعد أن دمرت المياه الطرق والمطارات. وبدأت تخف وطأة الأزمات في المطارات الآسيوية المكتظة بمئات الأطنان من إمدادات الطوارئ ولكن عمال الإغاثة واجهوا مشكلة هائلة في توزيعها. وقال تيتون ميترا من هيئة كير الدولية للإغاثة التي تدير 14 مخيما للناجين من موجات المد في اتشيه «إنها فوضى تامة.» وذكرت مارجريتا فالشتروم مبعوثة الأممالمتحدة الخاصة المسؤولة عن أعمال الإغاثة بسبب موجات المد إن صورة البنى الأساسية المدمرة واجهت عمال الإغاثة أيضا في سريلانكا ثاني أكثر الدول تضررا والتي سقط فيها 30 ألف قتيل. وقالت الأممالمتحدة إن 1,8 مليون من الناجين في حاجة إلى المساعدات الغذائية في كل أنحاء المنطقة ولكن الاستجابة العالمية في تقديم الأموال والموارد اللازمة توحي بالأمل في الوقت الذي يهدد فيه الجفاف والأمراض والجوع بزيادة عدد القتلى الكبير بالفعل. وقال جيمس وولفنسون رئيس البنك الدولي إن البنك من الممكن أن يزيد مثلين أو ثلاثة أمثال من مبلغ 250 مليون دولار الذي وعد به لإعادة البناء في المنطقة كما أنه يبحث تخفيف أعباء الديون عن الدول الفقيرة الأكثر تضررا من الكارثة. وأوضح يان ايجلاند منسق شؤون الإغاثة الطارئة بالأممالمتحدة في نيويورك «العالم يتضامن بالفعل هنا بطريقة من المحتمل ألا نكون قد شهدناها قبل ذلك.» ومضى يقول «النظام الدولي يعمل.» وتتدفق مئات من القوات الأجنبية على اتشيه في محاولة لوقف انتشار الأمراض الفتاكة مع ظهور أنباء مثيرة للقلق عن تهريب الأيتام من المنطقة التي اجتاحتها موجات المد التي سببها زلزال عنيف قبالة سومطرة في 26 ديسمبر/ كانون الأول. وقال صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) إن أنباءوردت عن وفاة أطفال بسبب الالتهاب الرئوي في اتشيه. كما أن الكثيرين في مخيمات اللاجئين سقطوا ضحايا لأمراض مختلفة إلى جانب الجروح الشديدة التي أصيبوا بها عندما ضربت موجات المد المنطقة. وفي باندا اتشيه وبلدات آخرى ما زالت آلاف الجثث المتعفنة مسجاة في الشوارع. وقال مسؤول بوزارة الصحة إنه ليس لديه أنباء عن تفشي الكوليرا ولكن احتمال انتشارها كبير للغاية. ولكن الدول المتضررة التي تتعاون مع هيئات الإغاثة الدولية وجماعات الإغاثة الخاصة والدول المانحة تحاول إزاحة بعض المعوقات وتحسن من قدرتها على توصيل المعونات بشكل يومي لخدمة ما يقدر بنحو خمسة ملايين يحتاجون نوعا من أنواع الإغاثة. وقال ايجلاند إن مراكز للإمدادات تعمل في روما وجاكرتا وسومطرة وإن مركزا للقيادة والتحكم في قاعدة يو تاباو العسكرية بتايلاند ينسق كل الرحلات المدنية والعسكرية المتعلقة بجهود الإغاثة. وقال الجيش الأمريكي إن طلعات طائرات هليكوبتر من شركة ابراهام لينكولن التي تهبط قبالة ساحل اتشيه سيزيد عددها 32 اليوم بعد أن كانت 26 أمس الأحد. وبدأت في إسقاط صناديق من الأغذية والمياه المعبأة حول باندا اتشيه أمس. وتسببت الفوضى في بعض الأماكن في وقف عمليات تسليم المساعدات. وقالت سنغافورة إن طائرة بها 400 فرد من الجيش ومعدات ثقيلة وصلت إلى بلدة مولابو وهي مدينة بساحل اتشيه الغربي حيث يخشى أن يكون ثلث السكان أي ما يوازي 40 ألفا قد لقوا حتفهم. ووصل يورجن كانرز الجنرال بالجيش الألماني إلى باندا اتشيه امس ومعه وحدة طبية مكونة من تسعة أعضاء. وأضاف أن الفريق يشمل خبراء في الأمراض الاستوائية وفي الصحة العامة وستتيح لهم قدرتهم على التنقل إجراء جراحات في مناطق نائية. وأكثر الاحتياجات طلبا على مستوى المنطقة هي المياه والأدوات الصحية للحيلولة دون انتشار الأمراض التي تنقلها المياه والتي تنتشر عبر إمدادات المياه الملوثة. ويقول مسؤولون بالأممالمتحدة إن الأمراض من الممكن أن تسبب مقتل ما يصل إلى 50 ألفا. ويعيش أكثر من مئة ألف في مخيمات مؤقتة باندونيسيا وحدها والكثير منهم يعانون من الإسهال والحمى والأمراض التنفسية والصداع واضطرابات المعدة. وفي سريلانكا قال مسؤولو إغاثة إنه في الوقت الذي بدأت تتدفق فيه المساعدات فإن بعض الجهات المانحة التي تحمل نوايا طيبة تثقل جهود الإغاثة بمواد غير ضرورية. وقال جون كارلتون من منظمة اكشن فاست «لدينا أجولة وأجولة من الفلفل على سبيل المثال وهو غير ضروري ويأخذ حيزا كبيرا.» واقترب عدد القتلى في الهند أو من يخشى مقتلهم من نحو 15 ألفا. وتزايدت التوترات في جزر اندامان ونيكوبار النائية حيث ما زال الوصول إليها من مناطق خارجية مقيدا في الوقت الذي بدأت فيه مئات الجثث التحلل بسبب حرارة الشمس. وتوجه وزير الخارجية الأمريكي كولن باول وجيب بوش شقيق الرئيس جورج بوش وحاكم ولاية فلوريدا إلى المنطقة امس للمساعدة في تقييم احتياجات إعادة الإعمار. ومن المقرر أن يصل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إلى اندونيسيا يوم الخميس حيث من المتوقع أن يطالب بمزيد من المساعدات في مؤتمر عالمي للمساعدات. وذكر سناتور امريكي أن واشنطن قد تنفق في نهاية الأمر مليارات الدولارات لمساعدة آسيا على التعافي من أثر موجات المد. وفي تايلاند حيث يقترب عدد الضحايا من خمسة آلاف قتيل وصلت الفرق التي تبحث عن جثث إلى أكثر المناطق تضررا في الوقت الذي مشطت فيه سفن البحرية التايلاندية واليابانية البحار بحثا عن مزيد من الجثث. وقال بوكين بالاكولا وزير الداخلية التايلاندي للصحفيين إن فرق الإنقاذ من المتوقع أن تفرغ من إزالة الجثث من جزيرة بي بي التي اشتهرت بفيلم «الشاطيء» الذي قام ببطولته ليوناردو دي كابريو بعد العثور على ما بين 50 و60 جثة متحللة أمس. وستركز جهودها الآن على المناطق المدمرة بإقليم بانج نجا إلى الشمال من جزيرة بوكيت. ومن المقرر أن يتفقد رئيس الوزراء تاكسين شيناواترا جزيرة بوكيت في الوقت الذي تركز فيه حكومته على إعادة بناء جزء رئيسي من النشاط السياحي في تايلاند. وقال بنك جيه.بي مورجان للاستثمار إن بعض المناطق السياحية الأساسية في تايلاند دمرت وتوقع أن الاقتصاد لن يشهد أي نمو في الربع الأول من عام 2005 بعد أن كانت زيادة النمو المتوقعة في وقت سابق ثلاثة في المئة. وما زال هناك نحو أربعة آلاف في عداد المفقودين في تايلاند بينهم أكثر من 1600 أجنبي والكثير منهم من الدول الاسكندنافية. وسيجرى تحليل الحمض النووي لمئات من الجثث التي تم العثور عليها لمعرفة هويات أصحابها. ومن المحتمل ألا يعثر أبدا على جثث أخرى جرفتها المياه داخل البحار. تتدفق المساعدات على مئات الآلاف من السريلانكيين الذين تشردوا جراء موجات المد التي ضربت منطقة المحيط الهندي ولكن المسؤولين قالوا امس إنه في بعض الحالات تقدم مساعدات خاطئة كما أن هناك حاجة لتحسين عملية التوزيع. وتوقفت الأمطار الغزيرة التي استمرت يومين أمس (الأحد) مما سمح لقوافل الاغاثة التي تقطعت بها السبل في الطرق التي أغرقتها المياه للمضي قدما في طريقها للمناطق التي ضربتها موجة المد في الجنوب والشرق. وقال مصور رويترز قرب جالي الواقعة على بعد نحو 120 كيلومترا جنوبي العاصمة السريلانكية كولومبو إنه كلما توقفت الشاحنات التي تحمل الامدادات الغذائية في مكان كانت تتعرض للنهب من أعداد غفيرة من الناس. وقال مسؤولو اغاثة محليون إنه بالرغم من نواياهم الحسنة إلى أن بعض الجهات المانحة للتبرعات تعوق شبكة التوزيع بارسال مواد ليست هناك حاجة بحق لها. وبالرغم من انه ليست هناك مؤشرات على جهود اغاثة منظمة التي ما زالت الحكومة تحاول تعبئتها إلا أن توزيع الغذاء يسير بسلاسة في معظم المناطق. وقال كريس ويكس المسؤول عن عمليات الاغاثة الانسانية البرية بمطار كولومبو إن الهند التي أرسلت سبع سفن بحرية بينها مستشفى عائم لجنوب وشرق سريلانكا على الفور بعد أن ضربت موجات المد البلاد في 26 ديسمبر كانون الأول تشارك ايضا في جهود الاغاثة. وأضاف «تنقل طائرتان هليكوبتر تابعتان للسلاح الجوي الهندي كميات كبيرة من الخيام لجافنا في الشمال وترينكومالي في الشرق.» ومضى يقول إن بريطانيا تعتزم ارسال طائرة نقل من طراز سي 130 . وقال ويكس ان أي طائرة تنقل امدادات خصص لها مكان تهبط فيه ويجرى افراغ شحنتها خلال ساعات مضيفا «الأوضاع مستقرة على الأرض لمدة 24 ساعة يوميا. يجب أن يكونوا أكثر تنظيما على الجانب الآخر لاستقبال المواد.» وأشار إلى أن هناك ضرورة لمزيد من الطائرات التي تطير لمسافات قصيرة لنقل الامدادات للمناطق المتأثرة مضيفا أنه في الوقت الحالي تنقل طائرة واحدة فقط تابعة للسلاح الجوي السريلانكي الامدادات. ولكن السلاح الجوي يمزج ايضا بين الامدادات الغذائية والأواني والدلاء والأغطية البلاستيكية وامدادات أخرى غير غذائية التي قال مراسل لرويترز إن نحو مليون فرد تشردوا من جراء الكارثة سيحتاجون إليها على الأرجح على المدى القصير. وتسلط الصحف الضوء على السلع اللازمة بشكل أكبر مثل وحدات تنقية المياه والأغطية البلاستيكية والأواني ومعدات أخرى للطهو كما تنشر تفاصيل عن الشحنات التي وصلت للبلاد. وعلى سبيل المثال أرسلت البرازيل ثمانية أطنان من الأغذية المعبأة المتوفرة بكثرة في سريلانكا بالفعل ولكن بدأت ايضا امدادات أكثر عملية في الوصول مثل المعدات الطبية ومولدات الكهرباء من تايلاند التي تصارع للتعامل ايضا مع آثار موجات المد.