نقلت بعض الصحف المحلية أن وزارة الشؤون الاجتماعية تعتزم القيام بمشروع لمساعدة الشباب على إقامة أعمال استثمارية تعود عليهم وعلى بلادهم بالنفع وأن الدعم قد يصل إلى مائتي ألف ريال،_وبالمناسبة فبنك التسليف يقوم بدور مماثل _وهو مبلغ طيب وكبير لشاب يريد أن يبدأ مشواره الاستثماري ويشق طريقه في الحياة ونحن بقدر سرورنا وتقديرنا لهذه المبادرة القيمة والاستراتيجيه لما لها من ثمرات متوقعة إلا أننا في نفس الوقت يساورنا الخوف والقلق من أن تفشل فتحدث ردة فعل عنيفة لدى الجهات الحكومية والقطاع الخاص . ويغرق المستفيدون في إشكالات ربما كانت السلامة منها ومن أصلها أفضل لهم،لا أقول ذلك مثبطاً ولا مشجعاً على إجهاض الفكرة الرائعة –حاشا وكلا- بل أنا مع كل جهد نافع ومشروع للبلد وأبنائه خصوصاً في هذا العصر الذي تكالبت فيه الأزمات الاقتصادية وأنشبت مخالبها في الدول والشعوب ولم يسلم من شررها أحد. بل ما أقوله هو اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بنجاحه وأن يتعاون الجميع على تحقيق أعلى مستويات النجاح وأن نشارك الوزارة بكل ما نستطيع من دعم ومساندة وتفاعل. والذي يدعوني للخوف على هذه الخطوة والاهتمام بمسيرتها واقع توطين الوظائف والاستثمار وما ينسب للجهات المختصة-كوزارة العمل- من أن برامج السعودة قد فشلت أو تعثرت بشكل كبير خلال الخمسة عشر عاماً الماضية-ومما يزيد من حجم المشكلة الإحصاء الرسمي لعدد العاملين من الوافدين يقابله تزايد في عدد العاطلين سنوياً من المواطنين وأيضاً مقدار المبالغ التي تم تحويلها من هذه العمالة والتي تقدر خلال العام الماضي بأكثر من مائه مليار-وهذا ما تم تحويله بشكل مرئي ومكشوف،إذن هناك بطالة تتزايد واستنزاف لاقتصاد البلد وتعثر لمسيرة توطين الوظائف فهل نقبل بهذا الواقع ؟ ونعتبر أن ليس في الإمكان أفضل مما كان ونكون كالنخلة العوجاء ، أم أن في الأفق خيوط ضوء سيعقبها بإذن الله صباح مشرق.وهذا ما أظنه إذا توفرت الإرادة الصادقة من الجهات المختصة والحس الوطني لدى رجال الأعمال ومؤسسات القطاع الخاص ورافق ذلك متابعة ودعم من الغيورين من العلماء والمفكرين والكتاب وأصبح الهم جماعيا كل يتحمل مسؤوليته تجاهه،وأخذنا في الاعتبار ما نسبه بعض رجال الأعمال إلى وزارة العمل من الإقرار بفشل برامج السعودة خلال الخمسة عشر عاماً الماضية . وبهذا ندرك أن جهات الاختصاص تؤكد-على الأقل-تعثر تلك المحاولات المهمة فلا نكرر التجارب السابقة بل لابد أن نبدأ من حيث انتهوا خصوصاً أن مثل هذا المبلغ الذي ستقدمه وزارة الشؤون الاجتماعية يسيل له لعاب العاطلين ومن يطمح لإشباع شهواته حتى وإن كانت من قبيل المحذورات شرعاً ونظاماً،ولكن لا أريد أن يكون التخوف من ذلك قائداً لنا لمزيد من الضوابط والقيود التي تعيق تحقيق أهدافه،بل لابد من التوازن والاعتدال .والتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة حتى يكون هناك تكامل في الجهود وأقترح لإنجاح مثل هذا المشروع مايلي: 1.أن يتم اختيار المجالات الاستثمارية بعناية من قبل جهات مختصة بدراسة الجدوى وتأخذ في الاعتبار النقص الحاصل في هذه المجالات والعائد المتوقع والمكان المناسب. 2.أن يتم تنظيم وقت العمل في الأسواق والمحلات بشكل عام بحيث تكون على فترتين لا تتجاوز الثانيةُ العاشرةَ مساء،وقد قامت الغرفة التجارية في الرياض بدراسة رائعة لهذا الأمر ونشرت في جريدة الرياض قبل عدة سنوات ضمنتها الأسباب الداعية لذلك والثمار المتوقعة في الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية،ويأتي على رأسها سهولة الحركة المرورية وقت خروج الطلاب والموظفين وتوفير الطاقة أوقات الذروة وتشغيلها في المساكن ناهيك عن مناسبتها للموظف السعودي الذي لا يستطيع أن يعمل طيلة النهار وجزءاً كبيراً من الليل بشكل متواصل. 3.أن يكون المبلغ عبارة عن قرض حسن يبدأ سداده بعد ستة أشهر من استلامه وتستمر أقساطه لمدة لا تزيد عن خمس سنوات حتى يمكن تدويره بين آلاف المستفيدين في أنحاء المملكة. وقبل الختام أرى من الأهمية بمكان إنشاء ديوان لموظفي القطاع الخاص- أسوة بزملائهم في القطاع الحكومي – حتى يكون وسيلة أمان وطمأنينة واستقرار للموظف والتاجر ويصبح هذا الديوان مرجعاً لكل المستندات اللازمة ونضمن بذلك الحد من التلاعب والتنقل بين مواقع العمل وفي المقابل تحفظ للموظف خدماته وخبراته. وفق الله الجميع لكل خير ورزقنا السداد في القول والعمل إنه سميع مجيب. *جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية