ظهر الرجل المسؤول عن الآثار المصرية في برنامج تلفزيوني ليتحدث عن إنجازاته ومآثره وهو يرتدي قبعة"انديانا جونز" الصغيرة ليعلن على الملأ بأن تراث مصر وآثارها في أيد أمينة. ولكن وزير الآثار الجديد زاهي حواس تعرض يوم الاثنين الفائت إلى موقف عصيب وذلك عندما تجمع أكثر من 150 من خريجي علم الآثار خارج مكتبه ورددوا هتافات تطالبه بالرحيل. ولكن إذا كان حواس المكلف بحراسة المتاحف والآثار في مصر سوف يمشي نفس الخطى التي مشاها رئيسه أم لا فتلك قضية أخرى ولكن من المؤكد أن السخرية والازدراء الذي وجه له يجسد حالة الفوضى والمخاض الصعب الذي تمر به البلاد خلال الفترة الانتقالية وأن يد التغيير لم تطل الهيكل الإداري القديم بعد. وتعد مظاهرة خريجي الآثار واحدة من العديد من الاحتجاجات والإضرابات التي عمت مصر بعد عقود ثلاثة ثقيلة الوطأة على الناس الذين خرجوا للمرة الأولى بعد هذه الفترة للتعبير عن مظالمهم. غير أن احتجاج الخريجين كان شخصياً إلى حد كبير حيث قال المحتجون إن زاهي"رجل مظاهر" مولع بالدعاية ولم يعط كثير اعتبار لآلاف الطلاب من خريجي علم الآثار الذين لم يتمكنوا من الحصول على فرص عمل حقيقية في هذا المجال. وقال جمال الحنفي-22 عاماً- الذي تخرج من جامعة القاهرة وهو يحمل شهاداته الدراسية في حافظة" إنه لا يهتم بنا. انه يهتم فقط بالدعاية لنفسه. غير أن زاهي حواس يقول أن حبه الأول هو تراث مصر وليس نفسه وأن الدعاية مقصود بها إظهار الوجه الحضاري لبلاده. الطلبة يتظاهرون امام مكتب حواس وبالرغم من حدة انفعال المتظاهرين وصخبهم إلا أن المظاهرة جاءت سليمة وحال الجنود بين المتظاهرين والدخول إلى مبنى المجلس الأعلى للآثار في حي الزمالك الأنيق الذي ظل إلى حد كبير بمنأى من الفوضى التي سادت القاهرة. ولم يظهر الوزير على المتظاهرين الذين علا هديرهم عندما قال احدهم إنه خرج من الباب الخلفي. ثم كانت هناك شائعة غير مؤكدة ولكنها ضارة بصورته، بأن سيارته دهست احد المشاة. وتفرق المحتجون عند الغسق ولكنهم وعدوا بالعودة في الغد. وقال الخريجون إن وزارة الآثار عرضت عليهم عقوداً لثلاثة أشهر براتب لا يتعدي 450 جنيها مصريا (75 دولارا) في الشهر ،وهو ما يكفي بالكاد للعيش. وأشاروا إلى أن صناعة السياحة في مصر من أهم مصادر العملة الأجنبية إلا أنهم لا يعرفون كيف تنفق الحكومة هذا الدخل. وقال سعيد حامد- 25 عاماً- أن السائح الجنبي ينفق ما يصل إلى 160 جنيه مصري (27 دولارا) لزيارة إهرامات الجيزة ولك أن تحسب كم يدخل خزينة الدولة من قبل الآلاف الذين اعتادوا على زيارة الإهرامات يومياً. وتساءل سعيد وهو خريج من عام 2007 ويعمل في وكالة للسفر والسياحة بالرغم من أن تخصصه كخريج في إعادة ترميم القطع الأثرية " أين تذهب هذه الأموال؟". وعلى خلاف المحامين أو الأطباء ، الذين لديهم خيارات خاصة ، يعتمد معظم علماء الآثار في مصر على الحكومة في توظيفهم . واشتكى المحتجون أيضا من أن اناساً أقل تأهيلا حصلوا على وظائف في الآثار من خلال "الواسطة". وتناقضت صورة زاهي حواس يوم الاثنين مع ظهوره الشخصي المتكرر في الأسبوعين الماضيين ودعوته وسائل الإعلام الدولية إلى المتحف المصري حيث عرض القطع الاثرية التي تضررت من اللصوص وأظهر كيف أنهم -أي اللصوص- لم يصلوا إلى كنوز مقبرة الملك توت عنخ آمون. وفي يوم الأحد خرج زاهي حواس وقال إن جرداً كاملاً كشف عن أن اللصوص قد فروا مع 18 قطعة أثرية من بينها تمثالين خشبيين مذهبين للفرعون الصبي. ويناضل زاهي حواس من أجل استعادة التحف المصرية القديمة التي جرى تهريبها من البلاد خلال الحقبة الاستعمارية ولكن البعض يعيب عليه أسلوبه في العمل والذي يقولون بانه لا يخلو من "الشوفينية". وكان زاهي قد قال في مقابلة مع وكالة اسوشيتد برس قبل عشرة أيام من استقالة مبارك أنه يجب على المصريين إعطاء الرئيس فرصة للإصلاح وكان ذلك سوء تقدير منه للاصوات المنادية بالتغيير في الشوارع.