تؤثر حركة العصر في التنظيمات الحركية حتى من دون أن تعلم أحياناً، ولعل أبرز ملامح التغيير الذي تشهده تلك الحركات دخولها في زمن "نهاية التنظيمات الكلاسيكية"؛ بحيث أصبحت التنظيمات متداخلة فكراً وتنظيماً وانتماءً عن طريق الصفقات والتعاون والالتقاء بين الأهداف. كميل الطويل الباحث في شؤون القاعدة وفي مجلة "الفورن بوليسي- نوفمبر ديسمبر2010" يقول: "القاعدة بالتأكيد لم تعد تنظيماً متماسكاً كما كانت قبل 11 سبتمبر 2001 هذا التنظيم تحول منذ العام 2003 تحديداً إلى شبكات مرتبطة باسم القاعدة لكنها مستقلة إلى حدٍ كبير". قصة حركة حماس وجماعة جيش الإسلام التقاءً واختلافاً مثيرة للتحليل، من بين أبرز حالات تعاون التنظيمين شراء حركة حماس للأسير الإسرائيلي "جلعاد شاليط" الذي أسره جيش الإسلام في عملية "الوهم المتبدد"؛ يزداد التعاون بين الحركتين أحياناً وتصل حالات العداء إلى أوجها كما في عمليات الاقتتال في حي الصبرة بغزة بعد أن أقدم "جميل دغمش" على قتل أحد أفراد حماس بسبب خلاف نشب بينهما على تقاسم مواد مخدرة أدخلت إلى غزة. صفقات وحروب والتقاءات تذكرك بطرق عمل "المافيا" في كثير من الأحيان. تنظيم جيش الإسلام عاد إلى الواجهة بعد بيان وزارة الداخلية المصرية المعلن في 23-1-2011 والذي جاء فيه: "إن الحكومة لديها دليل على أن تنظيم جيش الاسلام الفلسطيني المرتبط بتنظيم القاعدة وراء التفجير الذي تعرضت له كنيسة القديسين في الاسكندرية" ليعلن بيان الداخلية عن القبض على:"أحمد لطفى إبراهيم محمد، حيث تم ضبطه واعترف كتابة أنه سبق له التردد على قطاع غزة عام 2008 متسللاً فى إطار قناعته بأفكار تنظيم القاعدة وبفرضية الجهاد من خلال الإنترنت". تنظيم جيش الإسلام إذا قرأناه تاريخياً سنجده تشكّل في الأساس على يد عدد من عناصر كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والبعض من المحللين المصريين يرون أن تفجير جيش الإسلام لكنيسة القديسين عبارة عن رسالة من حماس إلى الحكومة المصرية! وأياً تكن الحركة المتربصة بالكنيسة فإن العثور على آراء لجيش الإسلام حول المسيحيين والتحريض ضدهم نقرأه في تطوير جيش الإسلام لأفكار تتعلق بالمسيحيين في غزة.. وتنقل صحيفة "روز اليوسف" في 24 يناير 2011: "المسؤول الشرعي لجيش الإسلام الشيخ أبوالحارث قال في حوار على أحد المواقع الجهادية التابعة للقاعدة رداً على اتهام الجيش بعمليات وتفجيرات ضد كنائس ومدارس وتجمعات مسيحية في غزة قائلاً:" إن أي منكر أكبر من تواجد المؤسسات التي تحارب الإسلام وتنشر الإلحاد والتنصير بين المسلمين؟"؛ بمعنى أن الصيغة الفكرية لاستهداف المسيحيين من قبل جيش الإسلام متوفرة في أدبيات بعضهم. جيش الإسلام فتح منافذ تعاون مع "بدو سيناء" لنقل السلاح، ولديه أهداف يطمح من خلالها إلى التمدد ذلك أن استراتيجيته تتفق مع بعض خطوطها العريضة مع تنظيم القاعدة، أبوالحارث لم يخف انتماء جيش الإسلام للقاعدة حين قال: "إن ما يصدر من غير طريق مركز صدى الجهاد التابع للجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية لا يمثل موقف الجيش" ومركز صدى الجهاد من مواقع القاعدة الأساسية على الانترنت. المسألة الأهم أن نعلم بدور قوى إقليمية مثل إيران في دعم وتغذية الحركات الإسلامية السنية، وإذا رجعنا إلى حماس والجهاد الإسلامي وجيش الإسلام وبعض فروع القاعدة نجدها مواليةً ليد قوى إقليمية لديها مشروع تمدد ينتشر تحت يافطة "المقاومة"، قراءة عمل تلك الحركات توحي بأن لا حركة تأتمر بأمر أخرى، لكأن هناك آمراً بعيداً يشجع دور تلك التنظيمات ويخدم أهدافه لتكون ورقةً بيده، خاصةً وأن علاقة إيران بمصر ليست جيدة. حميمية العلاقة الفكرية بين جيش الإسلام والقاعدة ودفء المكان المشترك وإرث الانتساب القديم بينهم وبين حماس كلها كوّنت أضلاع التنظيم وشكّلته والزمن الذي يغيّر الناس غيّر الحركات أليست كلها تستغل فتوحات الNew Media ووسائل الإعلام الجديد بكل احتراف؟!