سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علاقة ثقافة المجتمع بالحرمان العاطفي عند الزوجات.. «تربية الاحتواء» أفضل الحلول! د. السيف أجرى دراسة ميدانية على عينة من النزيلات في دور الرعاية والسجون
أكد العميد "د.محمد بن إبراهيم السيف" - أستاذ الدراسات الاجتماعية ومناهج البحث في كلية الملك فهد الأمنية - على أن الحرمان العاطفي يحدث عندما تسود العلاقات السيئة وتضطرب؛ بسبب المشاحنات والمشاجرات المستمرة والمناقشات الحادة بين الوالدين والأولاد أو الأزواج بعضهما مع بعض؛ نتيجة عدم انسجام وتوافق واحترام وتفاهم، وقد يصل الأمر إلى الضرب والكلمات الفاحشة والبذيئة والشقاق وعدم الاستقرار الاجتماعي والنفسي. وقدّم "السيف" دراسة عن علاقة ثقافة المجتمع بالحرمان العاطفي والأسري عند الزوجات ودفعهن نحو ممارسة الجريمة والانحراف؛ تناول فيه مشاعر الحب والحنان، وانتقام وتشفي وكراهية للزوج, إلى جانب الكشف عن العوامل المؤثرة على الحرمان العاطفي عند بنات الأسر وعلاقة ذلك بارتكابهن السلوك الإجرامي، حيث شملت عينة الدراسة 228 سيدة محكوم عليها بالسجن؛ والتي تقل أعمارهن عن الثلاثين سنة في مؤسسة رعاية الفتيات بمكة المكرمةوالرياض والإحساء، وسجن النساء في الرياضوجدة والدمام والأحساء. الوسيلة والهدف وتحدث "د.السيف" عن عوامل انحراف المرأة في المجتمع السعودي المرتبطة ببنائه الاجتماعي وثقافته الأسرية، ودور التأثيرات الخارجية للأسرة كوسائل الإعلام وأصدقاء السوء، والذي اعتبرها عوامل مساعدة قد تنجح في تعزيز ظاهرة الانحراف والجريمة عند المرأة إذا وجدت بيئة أسرية متصدعة في قواعدها العاطفية المادية والمعنوية. وقال:"إن القيم الثقافية الاجتماعية والدينية في المجتمع السعودي تحض الأفراد على ان يسعوا نحو تحقيق الاستقرار الاجتماعي والحصول على الأمان العاطفي بوسيلة مشروعة وهي الأسرة، وتنشأ المشكلة عندما يحدث انفصال بين الوسيلة (الأسرة) والهدف (الاستقرار العاطفي)؛ فلا يوجد تكامل وانسجام بينهم فينشأ الانحراف في السلوك وتشيع الجريمة". وأضاف: أن معظم الاناث السعوديات المحكوم عليهن بالسجن؛ بسبب ارتكابهن سلوكيات منحرفة كانت أفعالهن تهدف إلى تحقيق أبعاد عاطفية أكثر بكثير من الحصول على منافع مادية، فقد اتضح من خلال الدراسة الميدانية التي اجراها أن أسر النساء المحكوم عليهن بالسجن، حيث وضعت حدود وقيود عليهن بحيث يصبح الحصول على الاستقرار العاطفي داخل الأسرة من الوالدين والأشقاء أو الزوج امراً غير ميسور لهن وعسير، وقد يكون مستحيلاً، فأصبحت الأسرة حاجزاً أو باباغً مفتوحاً لانحراف المرأة السعودية. المناخ الأسري وأشار إلى أن الأمان شرط أساس لاستقرار البنات اجتماعياً؛ فالمناخ الأسري الصحي هو الذي يسوده الحب والمودة والعطف والتقدير والاحترام والتعاون والتضحية، بينما تشعر البنت بالحرمان وعدم الأمان العاطفي عندما يضطرب المناخ الأسري وتشعر البنت بالخوف والقلق والصراع؛ فينتج منه حرمان عاطفي للإناث وعدم شعورهن بالانتماء للأسرة واحترام الذات وتحقيق المركز الاجتماعي. وأوضح "د.السيف" أن معدل مساهمة المتغيرات الأسرية التي حددها في خمسة عشر متغيراً تحدد مستوى صحة المناخ الأسري، وترتبط مباشرة بمستوى شعور البنت بالأمان العاطفي، حيث أوضح ان متوسط مستوى المساهمة بالأمان العاطفي من خلال تواجد الأم في المنزل ومجالستها البنت، وعدل الوالدين بين الأولاد في المشاعر والمحبة، إلى جانب مستوى ضعف المساهمة بالأمان العاطفي وتتمثل في اهتمام الأب والسؤال عن أحوال البنت، واستقرار العلاقة الزوجية بين الوالدين، ومعاملة الأم الحسنة للبنت، واهتمام الأشقاء الذكور بالأخت، كذلك احترام وتقدير الأم للأب، وتوفر الأسرة مصروف شخصي للبنت، إضافة إلى مستوى المساهمة الضعيف جداً بالأمان العاطفي وهي استقامة الأم وحنان وعطف الأم، وتواجد الأب في المنزل ومجالسته للبنت، كذلك المعاملة الحسنة للأب والعلاقات العائلية للأسرة والمستوى الاقتصادي له. وسائل تحقيق الأمان وقال إن قلة تعامل الزوج مع زوجته بأسلوب المودة والرحمة يقلل من الاحترام المتبادل؛ فمنح فرصة بشيوع أسلوب النبذ والإهمال في معاملة الزوج لزوجته، وتركها تعمل ما يحلو لها دون محاسبة أو عقاب، وعدم الاهتمام بمطالباتها وحاجاتها ومشكلاتها لها اثرها الواضح في الحرمان العاطفي عند الزوجات في المجتمع السعودي، حيث يتحدد المساهمة بالأمان العاطفي، من خلال: تبسم الزوج وميله إلى الفرح في الحياة الزوجية، وتعامله مع زوجته بالمودة، وغيرته على الزوجة، ومستوى قناعة الزوجة بالزوج، إلى جانب ميل الزوج إلى الجلوس مع الزوجة وعدم السهر، إضافة إلى مستوى المساهمة الضعيف جداً بقوة شخصية الزوج والاهتمام بمشاكل الأولاد والاعتدال بسفره لوحده، وتواجده بالمنزل وقلة المشاغل. كما توصل إلى إن النساء السعودية المحكوم عليها بالسجن لارتكابها أفعال جنائية لا يسعين من الفعل الإجرامي إلى كسب منافع مادية فمعظمهن (86.8%) يبحثن عن مشاعر الحب والحنان والعلاقات الحميمة؛ بسبب شعور الزوجة بالحرمان العاطفي، والفتاة باضطراب عاطفي مع والديها وأشقائها والذي يرتبط بشكل مباشر بثقافة الوالدين، والأشقاء والتي تتمثل في الزواج الطقوسي (الروتيني) والذي يسود لتحقيق مصالح مادية واجتماعية، كذلك نشأة الأسر النرجسية التي يعجب الرجل بنفسه وينظر إلى المرأة بدينونه واستخدم حق القوامه بأسلوب تسلطي وقهري، إلى جانب المشاكل السلبية عند الوالدين التي يترتب عليها حرمان عاطفي كبير، إضافة إلى مشكلة العنوسة كعدم اهتمام ولي الأمر بتزويج البنت أو طلب مهر عالي. التوصيات والحلول وأورد "د.السيف" عدداً من التوصيات والحلول لعلاج المشكلة؛ منها: دعم ومساندة الأسر من المراحل الأولية في بنائها، والتخطيط لفتح مكاتب استشارات أسرية في الأحياء تلحق بالمساجد لتقديم النصح والإرشاد، إلى جانب وضع ضوابط عند مأذوني الأنكحة في المحاكم الشرعية تحدد عمر الفتاة المناسب للزواج، وعدم إكراهها على الزواج، كذلك دور وزارة الشؤون الاجتماعية بإنشاء مكاتب خدمات إرشادية للراغبين في الزواج، وتقديم خدمات إرشادية تتعلق بأساليب المعاملة الزوجية وإدارة الأسرة وتربية الأبناء، كما اقترح على مؤسسات المجتمع التربوية التعليمة والإعلامية بتوجيه الآباء ببرامج الإعلام المتنوعة باتباع أساليب معاملة والدية سوية مع الأبناء لخلق شخصيات ناضجة عاطفياً، كذلك الاهتمام بالتربية الزوجية ووضعها ضمن مقررات المراحل النهائية للمرحلة الثانوية والجامعية.