تحولت "العباءة" إلى مصدر حكم على المرأة من "أوصياء الفكر الواحد"، ومروجي "نظريات الشك"، ومدعي الخوف على الأعراض ترهيباً وصل ذروته أن من تضع عباءتها على رأسها فهي ملتزمة، وإذا وضعتها على كتفيها كانت متحررة!، وهذه العقلية التي يجب أن تتغير، وتكفي الناس أحكامها وظنونها؛ خرجت عن النسق العام وذهبت إلى "فرز النوايا" على أساس المظهر، ثم الحكم بالإقصاء وربما الاتهام!. ويشكل الجيل الجديد الفئة العمرية الأكبر التي تحايلت على الموضة والأناقة، عبر إعادة تشكيل العباءة، وتسابق مصممو الأزياء العرب والعالميون على إرضاء هذا التوجه الجديد عبر تصميمات كثيرة. تقول "د.ليلى صالح البسام" -أستاذ الأزياء والمنسوجات التقليدية في جامعة الأميرة نوره بنت عبد الرحمن-: إن أصل العباءة في التاريخ العربي لم تكن نسائية، بل كانت للرجل فقط، وقد انتقلت بالصدفة للمرأة التي وجدت أنها مريحة ومناسبة عند الخروج من المنزل، مضيفةً أن بداية نشأتها وتطورها كان من العراق، ثم انتقلت إلى منطقة الأحساء، وتدرجت بعد ذلك إلى أن وصلت إلى منطقة نجد، مشيرةً إلى أنها انتشرت في العديد من المناطق الأخرى بعد توحيد المملكة، ذاكرةً أن لباس امرأة الجزيرة في الأساس كان الزي التقليدي لكل منطقة، والذي يتميز بكونه فضفاضاً محتشماً، تتفنن كل منطقة في تصميماته وألوانه. وأوضحت "د.ليلى البسام" أنه في صدر الإسلام لم يكن مسمى العباءة موجود أصلاً، بل كانت لها أسماء مختلفة منها "الجلباب" و"الملاية" و"الإزار"، لافتةً إلى أن ألوانها لم تكن محددة باللون الأسود، فشهدت في العديد من العصور الإسلامية العديد من الألوان، موضحة أن الأزياء لا تظل بشكلها الأساسي بل تتماشى مع قابليتها للتطوير والتغيير والإبداع والابتكار، لكنها ينبغي أن تظل في إطار ما أوصى به الدين من حشمة ووقار، معتبرةً أن ما طرأ على العباءة من تغير هو مصلحة تجارية بالدرجة الأولى. وقالت "مها محمد" -طالبة جامعية-: إن لبس العباءة ليس دليلا على شخصية من تلبسها، فبعض النساء خاصة المتزوجات يفرض عليها زوجها لبسها بطريقة تناسبه، والآخر يمنعها من ارتدائها بما يوافقها، كما أن المبالغات الحديثة في زخرفة العباءة تنم عن رغبة في التغيير وهي مبالغة لا يقرها العرف ولا الشرع. وذكرت "حصة الشريدي" أن لبس العباءة على الكتف أكثر راحة، وخصوصاً إذا كان مع المرأة طفل تحمله، بشرط ألا تكون "مزخرفة" ولا "مخصرة" وكأنها فستان، مشيرةً إلى أن شكل العباءة ليس مقياساً لتدين المرأة، بل ليس له أي علاقة بشخصية وأخلاق من يرتديها. من جانبها توقفت "أم عبد العزيز" عن كثير من الزيارات والمناسبات، نظراً لإصرار زوجها على أن ترتدي عباءتها بشكل يزعجها، وتؤيد "تغريد عبد العزيز" لبس العباءة تماشياً مع الموضة مشترطةً أن تكون في المناسبات فقط ولا تلبس في أماكن عامة. أما "سارة المقبل" فتؤيد لبس العباءة على الكتف ولا تعتبره خروجا عن المألوف والالتزام، طالما أنها ليست مبالغا في زينتها، لكن"هند العمران" ترى أن لبس العباءة على الرأس أوقر للمرأة، كما أنه يوفر قدراً من الخصوصية المطلوبة للمرأة لحمايتها.