أثبتت الأنظمة الاقتصادية على مدى التاريخ الحديث؛ أن تنويع خدمات التمويل السكني لقطاع الأفراد هي أكثر استقراراً لعموم الاقتصاد؛ من تلك التي تعتمد على القروض الشخصية قصيرة الأجل؛ حيث إن التمويل الاسكاني ينتهي بمنتج ثابت؛ ومتعاظم القيمة؛ وهو بالتأكيد المنتج العقاري؛ خاصة السكني. في المقابل فإن الاستمرار في الاعتماد على الاستئجار لمسكن كل منا الذي يضم أسرته؛ يعني ببساطة هدر للمداخيل الشهرية؛ حتى وإن قلت؛ لأن الوحدة هذه الوحدة السكنية فائدتها تعود لمالكها؛ مع العلم أن الاقبال عليها يعزز من فرص تزايد تضخم اسعار الوحدات السكنية المعدة للتأجير. وفي ذات الوقت لايمكن الاعتماد على أساليب التمويل الحكومي القائمة؛ لأنها لايمكنها أن توفر الاحتياج الفعلي المتنامي. وفي خطة التنمية التاسعة التي بدأت قبل عدة أشهر يحتاج السعوديون إلى تملك 950 ألف وحدة سكنية (بخلاف العجز المتراكم من السنوات الماضية)؛ 81 % هي مسؤولية القطاع الخاص؛ في حين أن صندوق التنمية العقاري يلبي 11 %؛ وهيئة الاسكان 6% فقط. ويرى كثير من الاقتصاديين أن التملك عن طريق أي منتج تمويلي هو إدخار؛ وتوفير؛ وبالتالي فإن اتخاذ قرار الشراء عن طريق التمويل؛ خيار إستراتيجي للفرد وأسرته؛ وليس منحة حكومية قد يطول الانتظار دون تحقيقها. وتتزايد يومياً الحاجة لاستكمال البنية الأساسية اللازمة لعمل سوق التمويل العقاري ، ولا شك أن ضبط إيقاع النشاط سوف يدفع لتدفق الاستثمارات إلى القطاع الإسكاني، وذلك لسد الفجوة المتزايدة بين المطلوب والمعروض من الوحدات السكنية. وتتمثل العوائق الاستثمارية في القطاع العقاري الإسكاني في ثلاثة محاور رئيسية: ندرة الشركات الكبرى العاملة في مجال التطوير الإسكاني الحقيقي، وشح آليات التمويل الإسكاني (تمويل المشاريع الإسكانية، تمويل شراء الوحدات الإسكانية)، وعدم اكتمال البنية التشريعية والإجرائية وما ترتب على ذلك من غياب لبعض المستثمرين في السوق العقارية الإسكانية. ويعد التمويل العقاري أحد البرامج الرئيسية التي يجب أن يكتمل نظامها حتى يتم تنفيذه بالشكل الذي يمكن من خلاله حصول المواطن على قروض ميسرة من قبل قنوات معتمدة من الدولة ومشرعة نظاميا. وتبقى مشكلة تمويل الإسكان في المملكة العربية السعودية تؤرق القطاعين العام والخاص في الدولة من حيث توافر الموارد المالية لحل هذه المعضلة التي لم تقتصر على المملكة فقط بل طالت دول العالم أجمع وكان من أبرزها الأزمة المالية العالمية التي طالت الولاياتالمتحدة الأميركية ومن ثم انتقلت إلى بقية دول العالم. وتشهد المملكة حالياً تطورات جديدة فيما يتعلق بقضية الإسكان من جهة، والقطاع العقاري من جهة أخرى، حيث تحركت جهات في القطاعين العام والخاص لطرح بيئة مناسبة يكون من خلالها توفير مساكن لكافة شرائح المجتمع بعد ما سجلت الفجوة بين العرض والطلب اكبر توسعاتها، حيث تحتاج السعودية بحسب الخطة التاسعة إلى نحو مليون وحدة سكنية سنويا.