تعلن الأسواق المالية في هذه الأيام إحصائيات التداول عن نشاطها خلال العام الماضي، تتضمن الأرقام المتعلقة بأعداد المستثمرين الأجانب ، وتحتفل بنجاحها في استقطاب اكبر عدد منهم، وقدرتها في إقناعهم بالسوق وشركاته، واقتصاد البلدان التي يستثمرون فيها. ومن الملفت أن أعداد المستثمرين السعوديين في تلك الأسواق، تأتي ضمن قائمة الأكثر تواجدا،ومن ذلك الإحصائيات التي أعلنتها قبل أيام البورصة المصرية ، وتفيد أن المستثمرين العرب استحوذوا على نحو 27% من إجمالي حجم تعاملات المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية خلال العام الماضي 2010 و6% من إجمالي التعاملات ، وإن تعاملات المستثمرين السعوديين، جاءت في المرتبة الرابعة بنسبة 6ر9 %، من إجمالي نسبة تعاملات الأجانب بسوق الأسهم المصرية. قبل انهيار 2006 كانت السوق السعودية احد أكثر الأسواق نشاطا وحركة ، واحدى القنوات الهامة لتنمية مصادر الدخل للمواطنين ،ولم تكن بحاجة إلى سيولة أجنبية لضخامة سيولة المستثمرين السعوديين، الذين يمتلكون الأموال، ويبحثون عن بيئة جاذبة للتداول،ووصلت قيمة التداولات اليومية إلى 50 مليار ريال، قبل أن تعود إلى الانحدار والخمول، وتصل إلى اقل من مليار ريال في اليوم الواحد، ولم يكن أكثر المستثمرين السعوديين يهتم كثيرا بالاستثمار خارج السوق المحلي، لكننا نرى الآن وضعا مغايرا ؛ فرغم ضخامة السيولة الموجودة لدى المستثمرين السعوديين ، لكن لا نرى لها تأثيرا ملموسا على حركة التداولات اليومية مع أنها متواجدة بقوة في كثير من الأسواق الأخرى. أمام هذه الحقائق تثار العديد من الأسئلة ومنها ..هل يمكن أن نعتبر خروج هؤلاء وتواجدهم في تلك الأسواق بسيولتهم الضخمة نوعا من التفريط ؟، ومن يتحمل هذا التفريط؟.. ولماذا ذهب هؤلاء المستثمرون السعوديون للأسواق المالية الأخرى وتركوا سوقهم؟.. مع أن ذهابهم منطقيا سيكون إلى الأسواق التي تخدم استثماراتهم ويبحثون عن أفضلها. وقبل أن نستقطب الأجانب للاستثمار في السوق السعودي يجب أن نستمع لإجابة المستثمرين السعوديين على السؤال السابق، وهل وفرنا لهم المناخ الملائم للاستثمار في سوقهم الذي خسر سيولتهم الضخمة واستثماراتهم، وظفرت بها الأسواق الأخرى، وهل حققنا لهم الشفافية والعدالة في التعامل، ولنا أن نتصور لو كانت سيولة هؤلاء موجودة في سوقنا ، كيف ستكون تعاملاته، ولماذا لا يكون إقناعهم بالعودة إلى سوقهم، هو الهدف الرئيسي الذي تضعه هيئة السوق المالية في قائمتها لتحقيقه، قبل الحديث عن استقطاب الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم.