صادق الكنيست (البرلمان) بالكامل الأسبوع الماضي بأغلبية كبيرة على قرار بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لظاهرة "نزع الشرعية عن الجيش الاسرائيلي في العالم من جانب منظمات اسرائيلية". ويدور الحديث عن مبادرتين مختلفتين، واحدة للنائب باينا كيرشنباوم (حزب اسرائيل بيتنا العنصري) واخرى للنائب داني دانون (الليكود المتطرف)، تطالبان بفحص ما هو مصدر تمويل منظمات حقوق الانسان – بما فيها جمعية حقوق المواطن، السلام الان، بتسيلم ونحطم الصمت – وهل تقف خلفها دول أجنبية أو ربما منظمات ارهابية. واتسم النقاش في الكنيست بالشحن والتداخلات. وكان الحراس متأهبين خشية لمواجهات حادة بين النواب. وقالت النائبة كيرشنباوم ان "هذه المنظمات ترفع المواد الى لجنة غولدستون وتقف خلف تقديم لوائح اتهام ضد ضباط الجيش وكبار المسؤولين الاسرائيليين في كل العالم. وهي مسؤولة عن تصنيف جنود الجيش الاسرائيلي كمجرمي حرب وتشجع التملص من الخدمة". وحسب أقوالها، فان الطريقة التي ترفع فيها التقارير عن التبرعات للجمعيات تسمح بإخفاء مسار المال الحقيقي. "فقط المنظمة الاخيرة التي تبرعت بالمال هي التي يبلغ عنها لمسجل الجمعيات، ولكن المال يأتي بطرق ملتوية عبر سلسلة من الصناديق. ولن تتفاجأوا اذا قلت لكم ان قسما من المال يأتي من الدول العربية". أما النائب داني دانون فقد توجه الى أحزاب اليسار والى المنظمات التي يفترض أن تقف في مركز التحقيق وأعلن "احيانا الاحتفال ينتهي. لجنة التحقيق ستفحص الصلات التي بين الدول الاجنبية والهيئات الدولية وبين محافل الارهاب وغيرها من المحافل التي تعمل على شراء اراضي الدولة او لتحقيق غيرها من الاهداف، وستفحص طرق العمل والوقاية التي ستقوم بها دولة اسرائيل تجاه التمويل المرفوض". وسبق أن أوضح داني دانون ، المرشح لرئاسة اللجنة، بانه ينوي دعوة رؤساء منظمات "هموكيد لحماية الفرد، يوجد قانون، عير عميم، بمكوم، اللجنة الجماهيرية ضد التعذيب في اسرائيل، عدالة، اللجنة الاسرائيلية ضد هدم المنازل، اطباء من أجل حقوق الانسان، غيشا برئاسة كنيت مان، مساواة، محسوم ووتش ومركز المعلومات البديلة". وبعد قرار الكنيست ستبحث لجنة الكنيست في تركيبة لجنة التحقيق وفي المواضع التي ستعنى بها. وبعد أن تنهي عملها سيطرح الموضوع مرة اخرى على الكنيست لاقراره. من جهته بعث الوزير ميخائيل ايتان من الليكود الذي عارض اقامة اللجنة برسالة احتجاج الى رئيس الوزراء وادعى بان نائب وزير الخارجية داني دانون ضلل الكنيست عن عمد. وقال في رسالته "لا خلاف في ان الحكومة لم تجر أي نقاش في هذا الشأن ولم تتخذ أي قرار لتأييد أو معارضة الاقتراح"، وطلب من نتنياهو نشر بيان ايضاح بهذا الشأن. النائب دوف حنين من الجبهة الديمقراطية كان حاداً جداً اثناء النقاش وحذر من تشكيل لجنة "مناهضة للديمقراطية على نمط مكارثي في كنيست اسرائيل". وحسب اقواله: "حتى اليوم اعتقدنا ان السناتور جوزيف مكارثي توفي في فيسكونسين بالولايات المتحدة في 2 ايار 1957. اما اليوم فقد تبين أنه حي يرزق بيننا. لجنة التحقيق التي يقترحها (اسرائيل بيتنا) هي محكمة سياسية تستهدف التحقيق في النشاط السياسي. لم يعد هذا اسلوب مكارثي بل صار نسخا تاما حقا لنموذج العمل المناهض للديمقراطية، والذي سجل صفحات سوداء في التاريخ الامريكي. لقد كنا نتحدث عن وقوعنا في منزلق سلس ونخاطر بالديمقراطية ، اما اليوم فاننا ننتقل الى هبوط حر". وزير الرفاه اسحق هيرتسوغ من (العمل) قال ان "تشكيل لجنة تحقيق في اعمال منظمات حقوق الانسان سيلحق ضررا سياسيا باسرائيل وصورتها. وهذا سيمس فقط بجنود الجيش ويحقق العكس. هذا اقتراح السياسي مناسب للانظمة المظلمة ، ويجب على دولة اسرائيل أن تشبهها. استخدام غطاء حماية جنود الجيش، والتي هي قيمة مهمة للغاية، من أجل تنفيذ مطاردة سياسية من النوع المتدني والخطير للغاية، يمس بروح الديمقراطية الاسرائيلية". النائب نيتسان هوروفتس من (ميرتس) قال في النقاش انه "تحت غطاء لجنة تحقيق يجرون هنا حملة لتكميم الافواه. يا للعار. منظمات حقوق الانسان في اسرائيل تنقذ شرف الديمقراطية في اسرائيل. اذا كانت هناك منظمة تتجاوز القانون فتوجد شرطة في دولة اسرائيل. انكم تريدون تنفيذ تحقيقات سياسية مخجلة ودنيئة. فهل منظمات حقوق الانسان تجري نزعاً للشرعية مع مشاريع القوانين العنصرية التي تقترحون ؟ نحن نطلب التحقيق مع الجمعيات الاصولية ومنظمات اليمين التي تتلقى الدعم من منظمات افنجيلية هي الاكثر كرها لاسرائيل". النائب شلومو مولا من (كديما) قال معقبا ان "هذا يوم حزين للديمقراطية الاسرائيلية. حكومة نتنياهو تستخدم الكنيست لاهدافها السياسية ولتكميم الافواه، هذه الحكومة تعيدنا الى ايام مظلمة في التاريخ. من يجعل نزع الشرعية عن المنظمات المختلفة هو الذي يجعل نزع الشرعية عن وجود دولة اسرائيل وهكذا فان الحكومة تجعل أعمالا كهذه نمطا سائدا لديها". "هآرتس"