قضية تعارض المصالح لدى العديد من أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة، إحدى المشاكل المعيقة لعمل الشركات رغم تشديد جميع الأنظمة على محاربتها، بهدف خلق بيئة عمل سليمة تتصدى لهذه الظاهرة، تراعي الاستقلال، وتؤكد على إفصاح الجميع عن أي حالة تعارض للمصالح تؤثر على عمل الشركة. وقد أثيرت هذه القضية مؤخرا؛ مع توصية إحدى الشركات السعودية قبل أسابيع للجمعية العمومية بعزل أحد أعضاء مجلس إدارتها لاستمراره في ممارسة أعماله المنافسة للشركة، على الرغم من منحه مهلة ثلاثة أشهر لإنهاء أعماله المنافسة، وهذا المشهد ليس الصورة الوحيدة الموجودة في الشركات المساهمة، لكنه يمثل عدة صور وأشكال، والفارق الوحيد هو وجود الجراءة لدى الأعضاء بحيث اتفقوا على وقف هذه المهزلة، وإعلان الإجراء على موقع تداول لجميع المساهمين، بدلا من استمرار علاقة المحاباة والمجاملة التي تسود بين غالبية أعضاء المجالس. ومع أن الأنظمة قد تنبهت لهذه الممارسات منذ القدم، ومنها نظام الشركات السعودي الذي نص على منع هذه الممارسة، إلا أنها ظلت مجرد مواد وبنود غير مطبقة كهدف يراد تحقيقه، فلا يكفي النظام إذا لم تُثَر عقوباته من قبل المعنيين، ووصلت التجاوزات إلى دخول بعض الشركات إلى نفق الخسائر، وتناقص الأرباح بسبب ممارسة أعضاء مجلس الإدارة لنفس نشاط الشركة، ومنافستها في عملها الأساسي، فضلا عن إقحام الشركات في عمليات استحواذ، أو شراء فاشلة لمصالح خاصة. وكتوضيح لاهتمام الأنظمة بمحاربة هذا النشاط فان المادة (70) من نظام الشركات السعودي تنص على أنه "لا يجوز لعضو مجلس الإدارة، بغير ترخيص من الجمعية العامة العادية يجدد كل سنة، أن يشترك في أي عمل من شأنه منافسة الشركة، أو أن يتجر في أحد فروع النشاط الذي تزاوله، وإلا كان للشركة أن تطالبه بالتعويض، أو أن تعتبر العمليات التي باشرها لحسابه الخاص قد أجريت لحسابها". هيئة السوق المالية شددت عبر أنظمة حوكمة الشركات، وغيرها من الأنظمة الأخرى على وضع أنظمة وضوابط تنظم تعارض المصالح، وتعالج حالات التعارض المتوقعة تعزيز قيم النزاهة والشافية، ورغم ذلك فلا يزال البعض يبحث عن مخارج للتحايل على الأنظمة، وتغطية التجاوزات، ولذلك فإن الدور يقع عليها للتشديد على محاربة هذا التجاوز وتفعيل العقوبات، ومساعدة الشركات على رفع دعاوى للتعويض عن الضرر الذي يصيبها من جراء هذه المنافسة، والتاكيد على مناقشة وعرض تضارب المصالح على الجمعيات العموية التي ستعقد بكثافة خلال الشهرين المقبلين.