قال الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي وأمين الجامعة الإسلامية الأسبق إنه كان أول شخص عُيّن في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة وظلّ يعمل فيها ستة شهور لا يوجد معه موظف واحد ، وذلك حين كان إنشاء الجامعة فكرة في عهد الملك سعود رحمه الله عام 1380ه. واستعرض العبودي في محاضرة حاشدة ألقاها بالجامعة الإسلامية بعنوان "ذكرياتي في الجامعة الإسلامية ورحلاتي" مساء أول من أمس قصة إنشاء الجامعة الإسلامية وتعيينه للعمل بها، وأشار العبودي إلى أن انطلاق الجامعة كان في ربيع الأول عام 1381ه، وكان مجلس الجامعة ينعقد ليلة الجمعة من كل أسبوع، وكان الشيخ ابن باز يقيم مأدبة عشاء من جيبه الخاص، وربما كان عشاء خفيفاً بعض الأحيان. ولم يُخفِ العبودي تشاؤم كثيرين وتوقعهم فشل الجامعة بحجة أن إداراتها ليست ذات خبرة في التعليم الجامعي، مؤكداً أن الخبرة لم تكن تنقصهم بحكم عمله هو مديراً لمعهد بريدة العلمي وكون أكثرهم عمل أستاذاً بكليات سابقة. وأبى العبودي إلا أن يختم محاضرته بطرائف من رحلاته التي لم تستثن إلا قليلاً من البلدان حول العالم، وذكر أن بداية رحلاته كانت حينما واجهت الجامعة مشكلة نقص الخبرة بأحوال المسلمين في الدول التي يستقدم منها الطلاب وخاصة في أفريقيا، فاقترح على الشيخ ابن باز إرسال بعثة من الجامعة إلى أفريقيا وبعد موافقة الملك، سافر هو على رأس البعثة التي زارت إحدى عشرة دولة في أفريقيا في مهمة استغرقت ثلاثة أشهر وسبعة عشر يوماً، ولم تواجه مشكلات تذكر، معلّلا ذلك بعدم وجود الجاسوسية على الأعمال الإسلامية حينها لأن المنصرين والمستعمرين لم يأبهوا لها ظنًّا منهم بعدم أهميتها , وأسفرت المهمة عن وجود قصور شديد في معرفة أحوال المسلمين في أفريقيا فاقترح العبودي على الملك فيصل رحمه الله تعيين خمسين داعية إلى الله في إفريقيا فوافق يرحمه الله على طلبه. وذكر العبودي أن أقصى مكان وصل إليه في الجنوب هو مدينة اسمها كرايست تشيرش، وكان بها مسلمون وطلبوا مسجداً، فأمر الملك فهد رحمه الله بإنشائه، وكانوا يقولون: نحن أقرب من يقول "الله أكبر" إلى القطب الجنوبي، وشبههم العبودي بأهل جزر فيكي الذين يقولون: نحن أقرب من يقول الله أكبر إلى الغرب. ولم يكَدْ العبودي يُنهي محاضرته حتى انهالت طلبات المداخلات والأسئلة على مقدم المحاضرة الدكتور محمد المشوح، وجاء أكثر المداخلات في الثناء على التدفق المعرفي النادر وانسياب المعلومات الذي يتميز به العبودي، وكتاباته الموثقة لرحلاته التي يندر أن يوجد مثلها حسب وصف المداخلين، فيما طالب بعضهم الشيخ بتوثيق ذكرياته في الجامعة والمدينةالمنورة وإخراجها في كتاب، وهو ما أكد العبودي أهميته نظراً لأهمية المدينة لدى المسلمين داعياً كل من له علاقة بتاريخ المدينة إلى توثيقه.