بعد قرابة العام على انكار تل أبيب، كشفت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية عن تفاصيل جديدة تتعلق باغتيال القيادي في حركة "حماس" محمود المبحوح في دبي، تؤكد تورط جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الخارجية "الموساد" في تنفيذ الجريمة. وفي تقرير مفصل نشرته الجمعة أعادت "يديعوت" سرد معطيات معروفة سبق وان اعلن عنها تباعا قائد شرطة دبي ضاحي خلفان، حول الطريقة التي نفذت فيها جريمة الاغتيال، لا سيما عدد اعضاء فريق الاغتيال والدول التي جاؤوا منها وطريقة تعقبهم، وصولا الى تنفيذ الجريمة في فندق "البستان روتانا" في دبي في 19 كانون الثاني/ يناير 2010. غير ان الجديد الذي كشفت عنه "يديعوت" في خطوة استباقية على ما يبدو لما قد ينشره موقع "ويكيليس" هي ان المبحوح الذي اعطي اسرائيليا اسم رمزي "شاشة بلازما"، تعرض لمحاولة اغتيال "هادئة" عن طريق السم في دبي ايضاً في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009. ومما اوردته "يديعوت" نقلا عن معطيات شرطة دبي يكشف عنها للمرة الاولى، ان تسعة اشخاص ربطت جوازاتهم بعملية الاغتيال الفعلية زاروا دبي على نحو مركز بين السادس والثامن من تشرين الثاني، وتعقبوا المبحوح في محاولة لاغتياله بادخال السم في جسمه. واضافت "من غير الواضح كيف نفذت هذه المحاولة الاولى. لكن تخمينات شرطة دبي أن السم أُدخل في شراب قدم اليه أو عن طريق مس قطعة اثاث في حجرته، حيث كان يفترض ان يتغلغل السم في دم المبحوح وان يقتله في ساعات معدودة. وقد تبين ان المبحوح مرض حقا في تشرين الثاني (نوفمبر). ونقل عن شقيقه القول ان محمود الذي قيل انه شعر في ذلك الوقت انه ليس على ما يرام بل فقد وعيه ساعات طويلة. ولم يتابع مخططاته كالعادة بل عاد الى دمشق حيث التقى طبيبه الذي شخّص غيبوبته العجيبة باعتبارها "مرض القبلة". ولم تفسر الحادثة بأنها محاولة اغتيال. وتعتقد شرطة دبي ان اختيار طريقة العمل هذه ينبع من الرغبة في تنفيذ "اغتيال هادئ بحيث يكون المنفذون خارج الدولة بكثير. وقد دفع فشل المحاولة بفريق الاغتيال الى تغيير بحيث تكون "اغتيالا هادئا" لكن من مكان قريب وان تشتمل على "تأكد من القتل"، كي تُطفأ "شاشة البلازما" نهائيا هذه المرة. واشارت "يديعوت" في تقريرها المفصل الى الطريق التي يؤخد فيها قرار الاغتيال في اسرائيل وهو حسب الشيفرة الاسرائيلية يعرف باسم "ورقة حمراء، حيث يتوجب ان يأتي بها ويعللها رئيس الموساد وأن يوافق عليها رئيس الحكومة ووزير الحرب مع إبلاغ جهات أخرى كرئيس "الشاباك" ورئيس "أمان". وقالت يديعوت ان اجتماعاً عقد في 19 يناير 2010 عند الساعة 3:35 في حضر السكرتير العسكري لرئيس الحكومة (وهو ضابط برتبة لواء) جميع النقاشات وكتب محضر جلسات. وأوضحت ان مجرد وجود "ورقة حمراء" لا يعني بالضرورة التنفيذ في الحال بل الموافقة وانتظار فرصة عملية. وتظل "الورقة الحمراء" سارية الفعل الى أن يتقرر غير ذلك. ولفتت الى ان "الورقة الحمراء" أصدرت بحق المبحوح الذي تتهمه اسرائيل بلعب دور في نقل الاموال الى غزة وفي تهريب السلاح من ايران وسورية، قبل سنين كثيرة ايضا ومنذ ذلك الحين وكلما تقدمت "شاشة البلازما" في مناصبه أخذ ملفه الاستخباري يكبر. واضافت بقيت "ورقته الحمراء" سارية الفعل طوال هذا الوقت تنتظر الساعة المناسبة. وقد حانت على وجه الخصوص في ولاية مئير دغان الرئيس المنتهية ولايته لجهاز الموساد. كما نوهت "يديعوت" في روايتها لحيثيات جريمة الاغتيال الى معطيات حاولت شرطة دبي اخفاءها منعا لاحراجها وتتعلق بما كان المبحوح يفعله على اراضي الامارة. وقالت "يديعوت" في الجزء الاخير من روايتها ان المبحوح عقد سلسلة لقاءات في دبي. وادعت ان هذه اللقاءات كانت مع أناس اتصال محليين ومصرفي ساعدوا المبحوح على نقل الاموال الدولية التي أدارها، حيث عثر في حقيبة المبحوح بعد اغتياله على تذاكر سفر الى السودان والصين ومن هناك كان ينسق ارساليات السلاح من سورية وايران الى "حماس".