اقترب عام 2010 من نهايته وبدأ -بالنسبة لي- موسم حصاد التقارير والكتب والقوائم السنوية.. وهي تقارير دورية تصدر من جهات تهتم برصد وضع العالم وحالة البشر وطبيعة المتغيرات على كوكب الأرض.. فمن المنظمات الدولية هناك مثلا اليونسكو والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية.. ومن دور النشر هناك الإيكونمست والبوليترز والنيويورك تايمز.. ومن المنظمات الرسمية الاتحاد الأوروبي والمخابرات الأمريكية ومركز دراسات الوحدة العربية.. ورغم أهميتها كلها إلا أن هناك كتابا أشتريه كل عام بلا تردد - منذ رأيته لأول مرة قبل 25 عاما.. كتاب أنصحكم بشرائه يدعى روزنامة العالم (WORLD ALMANC) طبع لأول مرة عام 1868 ثم توالت طبعاته السنوية حتى اليوم، وكان في الأصل مجرد مرجع صغير يوضع في الجيب لمساعدة الصحفيين في جريدة "النيويورك وورلد". وهو يضم معلومات سريعة ومحدثة عن أهم الأوضاع العالمية والإحصائيات الدولية وآخر الانجازات في الطب والعلوم. ولم يتوقف صدوره إلا مرة واحدة –بعد الطبعة الثامنة– اشترت بعده مؤسسة "بوليترز" حقوق إصداره الذي استمر بشكله الحالي منذ عام 1886.. وحاليا تصدر المؤسسة كتبا رديفة خاصة بالرياضة والسياسة والفن والاقتصاد - بالإضافة لكتاب خاص بالأطفال! وفي عام 1993 احتفل الكتاب بعيده السنوي ال (25) وظهر في طبعة مميزة، وفي عام 2001 ظهر في طبعة خاصة تناسب القرن الجديد.. أما طبعة العام الجديد 2011 فتتضمن فصلا خاصا عن أحداث أول عشر سنوات من القرن الواحد والعشرين.. ورغم تشابه 90% من محتويات النسخ السنوية (وهذا حسب ملاحظتي الشخصية) إلا أن كل طبعة جديدة لا تخلو من بعض الإضافات المميزة.. فالطبعة المحتفى بها عام 1993 ضمت لأول مرة معلومة تشير إلى أن "العملية الجنسية" تحصل يوميا مائة مليون مرة حول العالم. وهي بهذا المعدل تؤدي إلى 910 آلاف حالة حمل وتسبب 350 ألف عدوى وتثير 45 حربا محلية بسبب النزاع على الارض والماء!! وفي المقابل يمكن القول إن النسخ القديمة أصبحت مرجعا للأحداث التاريخية المهمة، وسجلا يرصد الثقافة السائدة في عصرها؛ فطبعة 1893 مثلا وصفت بعض الدول الافريقية بأنها "مناطق غير صالحة للعيش" بعد خروج المستعمرين الأوروبيين منها، أما طبعة 1933 فتوقعت تحول بريطانيا إلى مستعمرة هندية خلال عشرين عاما (بسبب ارتفاع نسبة الهجرة إليها) في حين توقعت طبعة عام 1968 قيام الحرب العالمية الثالثة (إثر اقتحام الروس لبراغ) ونبهت إلى أنها قد تكون آخر الإصدارات قبل احتراق العالم بالقنابل النووية..! وبين يدي الآن آخر طبعة 2010 يتوقع ان تحتل كسابقاتها مقدمة أكثر الكتب مبيعاً في أمريكا. ورغم تجاوز صفحاتها الألف يظل حجمها مقبولا والبحث فيها معقولا.. وقد لا يعيبها غير صغر الخط -الذي يرهق العين- وتضمنها معلومات وإحصائيات تفوق حاجة الشخص العادي (ناهيك عن عدم صدورها باللغة العربية)!! والآن؛ وبصورة عشوائية سأفتح الكتاب الذي بين يدي لنرى ماذا نجد: - نبذة محدثة عن جميع الدول والرؤساء حول العالم.. - أغنى الممثلين وأكثر الأفلام رواجا في العام الماضي.. - تسلسل الملوك في بريطانيا والسويد والنرويج.. - أعظم اللغات والكلمات الجديدة التي دخلت الإنجليزية هذا العام.. - أكثر (وأقل) الدول صحة وفقرا وجهلا وصرفا على التعليم والتسلح.. - أكبر الجيوش والشركات ومواقع الانترنت واقتصاديات العالم.. - آخر أخبار العلوم والصحة والتكنولوجيا والاكتشافات العلمية في عام 2010.. - وأخيرا؛ مراجعة مختصرة وصور ملونة لأهم أحداث العام المنصرم.. ورغم قناعتي بأن المعلومات المجردة لا تصنع كاتبا جيدا أو مفكرا عظيما (فالأفكار الرائدة والتجارب العميقة هي من يفعل ذلك) إلا أنني كنت سأفرض الكتاب فرضا على كافة الصحفيين والكُتاب لو كنت رئيسا للتحرير.. .. فحتى الأفكار الرائدة والتجارب العميقة تحتاج إلى ما يؤكد وجودها ويرفع نسبة مصداقيتها لدى المتلقي..