عامان مضيا منذ أن فقد إبراهيم السموني زوجته وخمسة من أبنائه في الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة التي دامت ثلاثة أسابيع ، ولا تزال عيناه تذرفان الدمع عندما يتحدث عنهم. ويقول الأب المكلوم الذي يعيش في حي الزيتون بمدينة غزة "جميعهم قتلوا في دقيقة واحدة ودفنوا تحت الأنقاض لمدة 17 يوما" . ودمرت غارة إسرائيلية منزله ومنازل أخرى في الحي وقتلت 28 فردا من عائلة السموني. وأقام السموني ، بالتعاون مع جماعات حقوقية ، وعائلات أخرى فقدت أفراد عائلاتها أو دمرت منازلها في العدوان ، دعوى قضائية لمطالبة (إسرائيل) بدفع تعويضات. ويقول السموني الذي يعيش الآن في منزل يستأجره بمئتي دولار شهريا "مر عامان بالفعل ولم نحصل على رد من إسرائيل". ويضيف " عندما أمر بمنزلنا ، اتذكر زوجتي وأطفالي". وانتهت الحرب في 18 كانون الثاني-يناير 2009 ، وأسفرت عن استشهاد 1400 فلسطيني ومقتل 13 إسرائيليا. وتحولت معظم مناطق قطاع غزة ، أحد أكثر المناطق ازدحاما بالسكان في العالم ، إلى أنقاض. وقال محمد العسكري ، مدير عام في وزارة الأشغال العامة ، إن "3500 وحدة سكنية دمرت تماما خلال الحرب ، ودمرت 50 ألفا أخرى بصورة جزئية" . وتعقدت جهود إعادة الإعمار جراء الحصار الإسرائيلي الحالي على القطاع والشقاق السياسي بين "حماس" ، التي تدير القطاع منذ إطاحتها بالأجهزة الأمنية الموالية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في العام 2007 ، وبين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وأدى الخلاف إلى تأخير السلطة الفلسطينية إرسال تبرعات بقيمة سبعة مليارات دولار تعهدت بها دول مانحة في قمة في شهر آذار-مارس 2009 من أجل أعمال إعادة الإعمار في غزة. وحد الحصار الإسرائيلي الجائر بصورة كبيرة من عملية إعادة الإعمار من خلال عدم السماح لمواد مستخدمة في البناء بالدخول إلى القطاع. وذكر قرار صادر عن الحكومة الإسرائيلية في حزيران-يونيو الماضي ، أنه بهدف تخفيف الحصار سيتم السماح من الآن فصاعدا بدخول المواد المخصصة لمشروعات السلطة الفلسطينية فقط وتحت إشراف دولي. وذكر العسكري أن حكومة حماس المقالة نجحت خلال عامين في إعادة بناء 70% من المنازل التي هدمت بصورة جزئية ، بفضل أموال العديد من منظمات الإغاثة ، لكنها لم تتمكن إلا من بناء خمسة منازل جديدة فقط. وبعد مرور أقل من عام على انتهاء الحرب ، نجحت الحكومة المقالة بزعامة "حماس" في غزة في إزالة انقاض المباني المدمرة وإعادة تدويرها إلى "حصمة" وقضبان حديدية ، والتي يمكن استخدامها فى عملية إعادة البناء. وقال أحمد يوسف مستشار رئيس الحكومة المقالة ، إن "حماس" أعطت "أولوية" لعملية إعادة البناء. وفي الوقت نفسه تتعالى أصوات طبول الحرب في (اسرائيل) والتهديدات بشن مغامرة جديدة ضد القطاع المحاصر بحجة لجم المقاومة الفلسطينية التي نجحت في استعادة زخمها رغم الحصار.