منذ عام 1999 بدأت المملكة في تطبيق نظام التأمين التعاوني؛ ليندرج تحته كل أنواع التأمين المتعارف عليها عالمياً، ولكن بشكل لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، مثل التأمين البحري، وتأمين الحريق، والسيارات، والتأمين التكميلي، والتأمين الشامل، وتأمينات الحوادث العامة، والتأمين الهندسي، والتأمين الصحي.. وعلى الرغم من مرور أكثر من عشرة أعوام على ترسيم مفهوم التأمين قولاً وفعلاً في المملكة، إلاّ أن المواطن العادي لا يزال يجهل بالضبط ما هو التأمين، وتكاد تنحصر اهتماماته به في بطاقة يمنحها له العمل يحصل بمقتضاها على النذر اليسير من الخدمات الطبية بأجور رمزية، ويعرف أيضاً أنه ملزم بالتأمين على سيارته، وأنه لا بد أن يقدم إقرار التأمين كلما قام بالفحص الدوري لسيارته؛ لكن السواد الأعظم من الذين قاموا بالتأمين إجبارياً لا يستفيدون من تأمينهم على سياراتهم.. بالعكس كلما حاولوا وجدوا الطريق مسدوداً ولا مفر من الاعتماد على النفس.. في هذا الملف من التحقيق الموحد نحاول أن نقترب من مفهوم التأمين التعاوني.. نقترب من سلبياته ونطرحها بكل شفافية، كما نعطي الفرصة للطرف الآخر ليوضح لنا مميزاته وتسهيلاته، نحاول أن نقيم تجربة عمرها عشرة أعوام لا يزال التأمين فيها هو الضيف الذي استقبله صاحب البيت دون أن يدعوه، ومازال متحيراً في أمره، وتأتيه «الفتاوى» التي تحرم النوع التجاري منه، ويتعامل بنفسه مع لا مبالاته المبالغ فيها أحياناً، ويسمع من جهات الاختصاص كمؤسسة النقد العربي السعودي، ومجلس الضمان الصحي التعاوني أن الأمور تحت السيطرة، والرقابة المشددة لكنه على أرض الواقع لا يزال يتعامل مع أخطاء كثيرة ينبغي تداركها.. لقد حدد المختصون خمسة معوقات تحول دون تحول التأمين إلى صناعة قوية، ورافد اقتصادي هام، ولا زالت هذه المعوقات الخمسة تراوح مكانها منذ عشرة أعوام أو يزيد، وهي الشرعي والثقافي والفني والتنظيمي والمعوق التشغيلي، وكل معوق منها يحتاج إلى حسم وإجراءات تنظيمية كثيرة بسيطة وغير معقدة يفهمها المواطن المعني الأول بأنظمة التأمين المختلفة في المملكة..