نظام ساهر الباهر من واقع المنظور الإنساني والأخلاقي يشكل محورا رئيسا في تغليب صوت العقل على العاطفة وكبح جماح السرعة التي تفتك في الغالين علينا، واتساع في الرؤية حيال ادراك تبعات السرعة وارهاصاتها المؤلمة، وفي الوقت الذي ساهم فيه ساهر بجبر الخواطر في هذه الناحية أسهم في كسرها الآلية التي بموجبها تم تمرير هذا النظام الرائع، فنسبة الحوادث بفضل الله والمنة انخفضت في إطار هذا النظام في حين أن بعض اجراءاته اعتراها الافتقار الى الدقة والضبط من الناحية التقنية اذا ورد خطأ في التسجيل لاسيما اذا كان السائق في المسار الوسط ويتحمل عبء سائق آخر مسرع في الجانب الأيسر وعدم وجود لوحات بارزة تحدد السرعة القصوى فضلاً عن تناسب مقدار السرعة المحددة مع المكان وهذا ربما ما جعل الناس يستاؤون من ساهر مع ادراكهم بأهدافه الجميلة، وكذلك ادارية تنظيمية والتي تتمثل في مضاعفة الرسوم وليس هناك ما يبرر المضاعفة اضف الى ذلك ارتفاع اجرة الرسوم فمبلغ ثلاثمائة ريال مبلغ كبير ولا يستهان به وان كان دافعا للنبل وجبر الخواطر كما اسلفت فلو خفضت القيمة الى النصف مائة وخمسون ريال ايضاً ستشكل دافعاً مؤثراً بهذا الخصوص، وبين جبر الخواطر وكسرها تبرز اكثر من شعره في جميع المجالات وفي كثير من المواقف، بيد أن انكسار الخاطر يكون عادة بلا صوت ولا ضجيج أي أنه يتكسر ويتحطم في جوف من انكسر خاطره، ولو ان كاميرا ساهر العزيزة كانت موجودة حينما اكلت مطبا صناعيا مهولا وغير محترم فلربما تدخلت هيئة حقوق الانسان. ففي احدى المرات كنت في طريقي متوجهاً إلى إحدى القاعات لحضور مناسبة، وأخطأت المخرج المؤدي إلى القاعة وعدت ادراجي عبر الدخول في إحدى الطرق الفرعية وداخل الحارة لأتمكن من الرجوع إلى نفس المخرج، وإذا بي أفاجأ وبدون سابق إنذار بجبل من الأسفلت في حلقة درامية عنوانها الفزع، الوضع في هذا الموقف أشبه بتمثيل إحدى لقطات أفلام (الأكشن) وهي للرعب أقرب نظراً لحالة الفزع التي ألمت بي والارتباك الذي أصابني، حيث طار العقال في الهواء غير الطلق ولحقته الغترة إلى الزجاج الخلفي وارتفعت السيارة عن سطح الأرض وأجزم بأن إرسال الهاتف الجوال قد انقطع نظرا لابتعادي عن المدارات والأقمار وأذكر بأن آخر ما سمعت من الراديو كلمتين رسختا في ذهني حيث أن الحواس في هذه الحالة تكون في درجة الاستعداد القصوى وهي (نهارك سعيد) قلت وأنا في خضم هذه الملحمة (ما أظنه)، ثوان معدودة وعادت المركبة إلى سطح الأرض جهاز الراديو سكت ولم ينطق بكلمة واحدة بعد السعادة المزعومة، الغترة في جهة والعقال في الجهة الأخرى، وقفت جانباً وتعوذت بالله! من كل شيطان وهامة، وجلست أتفقد الخسائر المعنوية والمادية التي لحقت بي من جراء هذه القفزة البهلوانية البعيدة عن الروح الرياضية والتي لا تمت الى الروعة بصلة، خرجت من السيارة وأنا في كامل قواي العقلية ولله الحمد وحالتي تشبه حالة ركاب الانتظار في احدى رحلات السعودية ترقب خوف قلق، الهدوء امر مطلوب في التعامل والقيادة الهادئة من مؤشرات الحكمة ودلالات الذكاء والإنسان يستخدم عقله بما يعود عليه بالمصلحة، في العلم والمعرفة في تحسين مستوياته المختلفة، في المحافظة على صحته وسلامته، في علاقته مع الآخرين، ويبرز الذكاء أيضاً في التعامل مع الآلات والأجهزة المتعددة، وفي التعامل مع المركبات، فقائد المركبة الذي يتسم بالهدوء في القيادة ومراعاة الأنظمة شخص ذكي، لأنه يعي المصلحة والسلامة، أي سلامته وسلامة أولاده والآخرين، وهي من صميم المصلحة، وبذلك يحقق أكبر قدر من التوازن في هذه الناحية، لأن ذكاءه وفطنته اسهما وبشكل فاعل في بلورة تصرفه وسلوكه. قائد السيارة الهادئ يتمتع أيضاً بأخلاق عالية، لأنه يحافظ على المقدرات والمكتسبات ويخاف الله لأنه يتبع أوامره في عدم إلحاق الأذى بنفسه وبالآخرين، وفي واقع الأمر فإن العجلة رأس الداء وهي خلف المصائب التي تلحق بالناس، لاسيما في قيادة السيارات، لأن الخسائر التي تنتج من العجلة في أمور أخرى قد تكون قابلة للتعويض، إلا أن هذا الشأن إذا حدث لا قدر الله - وأعني حوادث السيارات - فإن تبعاته مؤلمة ويصعب التعويض في هذه الحالات، وقياس القدرة على استخدام الذكاء والفطنة يجسده حرصه على مصلحة نفسه والآخرين، فأنت لست وحدك فهناك من تهمه بقدر ما يهمك أمره وينتظر وصولك المنزل بشوق، فلا تدع التسرع يسلب قيمة الصبر، ووظف ذكاءك في تعاملك مع السيارة مع الطريق مع النظام، خلاصة القول بأن نظام ساهر جميل ويكرس الطمأنينة في قلوب الجميع، وكذلك وجود المطبات الصناعية غير أن الاعتناء بآليات التطبيق سيسهم في تحقيق الأهداف بمرونة وانسيابية، الكل يؤيد وجود المطبات فهي جيدة وتحث السائقين على عدم السرعة خصوصاً داخل الأحياء وعند المدارس والمستشفيات والمرافق الأخرى كل ما نريد هو وضع إشارة تبين أنك أمام جبل ضعوا عيون قطط أو عيون بعارين أو حتى غزلان، وهذه الأخيرة أجمل لعل الشعراء يتغزلون بالمطبات، ليشبه عيون حبيبته بالمطب الفلاني، خطوط بيضاء كفيلة بالتنبيه، وأذكر ذات مرة بأني كنت أقود سيارتي في أمان الله وفي الجانب الأيمن من الطريق وملتزم بالسرعة النظامية وإذا بأحد هؤلاء المجانين المغامرين خلفي (ويكبس) بالنور طالباً أن أفسح له الطريق، الرصيف عن يميني وعن يساري سيارات، فكيف أفتح لهذا المهرول الخط، فأشرت له بيدي ما معناه (تبغاني أطير) فنظرت في المراية وإذا به يهز رأسه أي نعم فقلت في نفسي لو كنت أعرف رقم جوال هذا المغامر لأرسلت له رسالة مفادها (يا حليلك ) وتجاوزني بسرعة فائقة وهو غاضب وأبلى بلاءً غير حسن، وإذا بمغامر آخر أشد منه بأسا يمر من جانبي ولم أشاهد إلا برق رأيته (يكبس بالنور) لصاحبنا المغامر الأول ويزعجه لكي يفسح له الطريق فقلت (الله لا يسلطنا ولا يسلط علينا)!.