من المؤكد وليس من النادر وضوح حقيقة انفرادية ليست موجودة في أي مجتمع عربي بشكل شامل.. وضوح يدركه جميع الذين ولدوا قبل ستين عاماً على الأكثر؛ حيث عاشت طفولتهم بشكل جماعي نوعية بداية حياة الفقر أو شبه الفقر وخلو الشارع أو المنزل من أي آلة حضارية تعتني بالتعامل مع المعيشة، أو أن يكون هناك مكان يبيع كتاباً، أو سور مبنى داخله جهاز طباعي، وفيما عدا «الجصة» وهي مستودع «عسل التمر» أو كيس الطحين وبجانبه ما يسمي «القلة» أي كيس مخزون التمر، أما الأزر والشاي فهما نادرا الوجود.. ولأن الشاي جديد ونادر فقد كان يسمى «قهوة حلو».. ما عدا ذلك فلا شيء بين أيدي الناس.. أعني بكل ذلك المنطقة الوسطى وكل امتدادات البادية حتى حدود اليمن جنوباً وحتى حدود الشام شمالاً.. بداية متعبة لكنها مذهلة النتائج ثم تحوّلت إلى مشرفة، فإنه لا يتوفر في معلومات أبناء أي مجتمع آخر حالة الصعود المذهلة من بدائية إمكانيات وظروف وعلاقات ساوت معيشياً وأمنياً ومعلوماتياً بين ابن القرية والبادية.. في مصر هناك معطيات تطور سبقت هذا التاريخ بما لا يقل عن مئة عام.. والعراق ربما بأعوام أكثر.. كذلك في لبنان وحتى المجتمعات الأخرى في المغرب وسورية والأردن والجزائر وتونس والبحرين والكويت كانت هناك تدرجات نوعيات إمكانيات ومستويات مفاهيم وتنوع تطوير ثقافي ومعلوماتي بما في ذلك الصحافة.. الإعلام.. حقيقة لا يتوقف احتفالنا مساء اليوم على ظاهرة التطور والبروز على أنها إنجاز خاص بجريدة «الرياض»؛ فإن أي جريدة في أي مكان من العالم لا تستطيع أن تمثل تطوراً ما لم يكن موجوداً في مجتمعها، ولا أن تعاني تخلفاً ما لم يكن يعاني ذلك مجتمعها.. أن تتباين المستويات بين الصحف فهذا واقع عربي وعالمي، لكن ما هو جدير بالملاحظة أن التميز واضح الانتشار وليس في مرفق واحد أو جريدة واحدة أو قناة فضاء واحدة، وهذا يعني أن الإعلام في المنطقة الوسطى ومثله أيضاً المناطق الأخرى هو ظاهرة تماثل وتمازج مع قطاعات التطور الأخرى، لكن لأننا نتحدث عن مدينة الرياض وما حولها فإننا أمام نموذج مثالية القفز من الصفر إلى أعلى أرقام المنافسة بل إلى مراحل تفوّقها.. نحن جزء من معطيات مدينة الرياض وما حولها، وفي هذا المساء منصفون إذا قلنا إننا نحتفي بسمو الأمير سلمان لأنه الرجل الذي تقدم موكب الخروج من التخلف والضعف إلى مباهج التقدم والقوة قبل خمسين عاماً.. لقد وضع الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ثوابت التلاحم ومنطلقات التأسيس فكانت الأجيال بعده جديرة بما تحمّلته من مسؤوليات، وتوالت بعده مهمات البناء الحضاري التي تمكّن الملك عبدالله بن عبدالعزيز من تجذير أساسيات تطور تقني واقتصادي واجتماعي عبر مستويات مرموقة أشاد بها الجميع وأكسبته المكانة الأولى عربياً، والثالث دولياً.. إن شواهد التحديث والتوسع الحضاري في مدينة الرياض هي الوثائق العملية بحقيقة أن التطورات في واقعنا لا تقتصر على مرفق واحد أو أكثر من ذلك بقليل، فالأمير سلمان لم يكن أميرنا فقط وإنما زميلنا وصديقنا؛ ونحن معه في جندية التطور والتفوق..