في سجل التاريخ البعيد الأمد .. مئات السنين .. وأيضاً ما نعرفه من زمن آلافها .. قليلون جداً هم القادة الذين يقودون العواطف والعقول نحو مصالح أصحابها .. ترشيد سلوك .. وتطوير مفاهيم .. ودعم قدرات .. وإقرار جماعية تحرك شامل نحو كل ما هو أفضل.. كثير من القادة .. قديماً وحديثاً .. كانوا يعملون من أجل أنفسهم أكثر مما هو مع غيرهم .. ومن يحملون صفة الموضوعية يكونون أكثر وضوحاً في خدمة من ينتمون إليهم ما بين تعدد حزبية المجتمع .. نادرون جداً الرجال الذين يجمعون في آفاق اهتمامهم وجهود خدماتهم وصادق نوايا مواطنتهم .. يجمعون كل مواطنيهم في موكب إخلاص واحد وموكب تطوير واحد .. هم أحد أفراده وليسوا من يميزون أنفسهم بخصوصيات تبعدهم فكراً وعاطفة وتطوراً عن أولئك الأفراد.. إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نموذج رجولي وقيادي وعاطفي فريد في كل مسيرة تاريخ القيادات .. لا أبالغ بأي حرف كلمة .. من أراد أن يعرف انفرادية الرجل العظيم عليه أن يراجع مسيرة كبار القادة تاريخياً .. ولعل من غرائب التوقيت أن يأتي احتفالنا بكل مظاهر الفرح في حياتنا بقدومه سالماً ، أن يحدث ذلك في زمن تتأرجح فيه المجتمعات العربية وسط قلاقل خطيرة في جهة وغامضة في جهات أخرى وكلها تشكو قسوة الفقر وقسوة التخلف وتتساءل أين مصادر ومواقع التطوير لفئاتها .. في حين تسابق عواطفنا ايحاءات عقولنا بكل تقدير لرجل رفع رقم الابتعاث من ثلاثة آلاف طالب إلى ما فوق الثمانين ألفاً ، ولو أن نصف هذا الكم الكبير فقط أتى خبير علم أو اقتصاد أو إدارة كل عام لقلنا جازمين إن التطوير الشامل يشمل كل مدننا ومساحاتنا .. هو الرجل الذي أوجد أكاديميات العلم الجامعي في مدن نائية أقصى الجنوب ومثلها في الشمال ولا يقل الشرق أو الغرب عناية عن غيرهما .. كنا نستقبل رقم الميزانية السنوية في تاريخ صدورها بينما عودنا الملك عبدالله على توالي رصد الأرقام بالبلايين لتأكيد انتشارات التحديث العلمي والحضاري والاقتصادي في كل أبعاد الوطن الكبير.. بلادنا ليست مؤهلة بتخلف قدرات إسقاطات العجز كما في العالم العربي ، ولكنها مدفوعة إلى كل أمام بنَّاء من حقنا بمنجزاته أن نتطلع إلى زمالة أوروبية بعيداً عن هوس التخلف السائد في منطقتنا وأسواق خصوماتها..