التسول ظاهرة غير حضارية، وقد خرجت من كونها احتياج مؤقت للفرد في أضيق الحدود إلى وظيفة يمتهنها المتسولون، وتجارة رابحة لهذه الفئة، بل أصبحت خلايا سرطانية وعملية منظمة لها رؤساء لجمع المحصول آخر اليوم، وفي هذا السياق لفت نظري كثرة المتسولين في مدينة (جدة) عندما زرتها الأسبوع الماضي، عندما كانوا موجودين في كل مكان! فغالبيتهم من الشباب مفتولي العضلات، ومن دولة عربية معروفة، وترى في أعينهم التربص والكراهية عند السؤال! فعندما تعرض عليهم العمل يبادرون بالرفض، فلا يريدون إلا المال، وبهذا السلوك فمن المتوقع أنهم سوف يتوصلون إلى المال بأي طريقة!! ومن الأمثلة التي قد يسلكها هؤلاء: العمل في مجال الأعمال المنافية للأخلاق، والسرقة، والقتل، والاحتيال، والتجارة المغشوشة، إلى غيرها من الأمور، والأخطر من ذلك أن يكونوا مجندين لجمع الأموال ثم الإضرار بالوطن من الخارج، كما حصل قبل فتنة الحد الجنوبي، حيث لاحظنا قبلها أن مناطق المملكة اجتاحتها جحافل المتسولين بشكل لافت للنظر، فلما قامت الفتنة ذابوا ولم نر لهم أثرا، وما أخشاه الآن أنهم يعاودون الطريقة نفسها. إذا ما المطلوب بعد هذا الكلام؟ المطلوب: أن يقوم المواطن بواجبه نحو وطنه، وأن هذا الوطن أمانة في أعناقنا، وأن لا نقدم المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن، فهؤلاء المخالفون خطر على المجتمع يجب التصدي له، فلا يجوز لمواطن أن يؤجر مسكنه لمجهولين، أو يتستر عليهم، وألا يؤمن لهم العمل مخالفا للنظام، وأن يقوم بالتبليغ عن أي مجهولين، وعليه فلو تكاتف المواطنون لمحاربة هؤلاء المجهولين يكون قد حمينا وطننا من شرور كثيرة، وقضينا على كثير من جرائم الفساد الأخلاقي، وجريمة القتل، والجرائم الأخرى، وفي هذا الإطار خففنا العبء عن الأجهزة الأمنية، فهي التي تتحمل على كاهلها أخطاء وجرائم المتخلفين، وتساهل بعض المواطنين وتفريطهم في الحفاظ على وطنهم.