دعا حراس أمن "سيكورتي" وزارتي الداخلية والعمل إلى الضغط على شركات الأمن الخاصة في رفع الأجور، وتقديم الحوافز، والبدلات، والتأمين الصحي، مشيرين إلى أنهم في وضع مادي سيئ، متسائلين:"هل يعقل مواطنون رواتبهم 1700 ريال؟". وقالوا في "تحقيق الرياض" إن رواتبنا ضعيفة جداً ولا تقارن بالأعمال التي نقوم بها، والأخطار التي نواجهها، إضافةً إلى أنّ هذا المرتب لا يساعد المتزوج، ومَن يعول أسرته على تغطية معظم مصاريفه". حراسة ملايين بملاليم! بداية تسأل "عادل غزناوي" -حارس أمن في أحد البنوك-: " لماذا لا يتم تطبيق قرار وزارة الداخلية الذي ينص على أن لايقل الراتب عن ثلاثة آلاف ريال مع تأمين طبي؟، ولماذا وزارة العمل لم تُفعِّل ذلك القرار؟". وأضاف:"للأسف أنا أعمل لمدة شهر كامل براتب ألف وسبعمائة ريال بدون أي تأمين صحي أو بدل سكن أو أي حوافز"، مضيفاً: "أحرس ملايين وآخذ ملاليم"، لا تكفي لمواجهة غلاء المعيشة. منيف الشمري حارس أمن ورسام اختصر معاناته وزملاءه في لوحة كاريكاتير جهودنا لا تشكر ويروي "محمد راشد" قصة تؤكد على أنَّ حراس الأمن -السيكيورتي- لايقل عملهم عن رجال الأمن النظاميين، قائلاً: "قبل فترة وجيزة كانت سيارة أجرة تقل أحد الأشخاص يريد الدخول للمنشأة التي أحرسها مع بعض الزملاء، فلما سمحنا لقائد الأجرة بالمرور رأينا على وجهه علامات الارتباك فراودتنا شكوك حوله، فقمنا بإيقافه وتفتيش السيارة، وأثناء تفتيش الصندوق الخلفي؛ وجدنا عجلة السيارة -الاستبنة- مرتفعةً بعض الشيء، فقام زميلي بفكها فوجد أسفلها علبة مجوهرات لسيدة تقدر بمبلغ كبير، فقمنا بإبلاغ رجال الأمن العام، فوصلتنا دورية وتحفظت على صاحب الأجرة والمضبوطات"، مشيراً إلى أنهم يتعرضون لكثير من المواقف المشابهة والغريبة أيضاً، ولكن للأسف لايتم حتى مكافأتهم ولو بشهادة شكر. ضعف الانتماء ودعا "حادي الشمري" إلى النظر لهم بعين العطف والشفقة، فوضعهم مُزر "الرواتب قليلة، والعمل مجهد، ولا حوافز ولا تقدير"، متسائلاً: "كيف يطالبوننا بالانتماء للعمل وحفظ الأمن ونحن نعمل برواتب متدنية؟"، داعياً إلى ربط قطاع حراس الأمن بوزارة الداخلية، من خلال إدارة مستقلة يقوم عليه الضباط المتقاعدون، ويكون جُلَّ منسوبيها من أفراد الأمن المتقاعدين، وأن يخضع من يريد الالتحاق بهذه المهنة إلى دورة الأفراد التأسيسية، ويكون لهم كادر وظيفي يحفظ لهم حقوقهم وواجباتهم، مركزاً على عدد من النقاط منها: حفظ حقوقهم المادية، والتأمين الطبي. إعلانات مظللة "مصلح فرحان" -حاصل على الثانوية العامة، ويعمل حارس أمن- وقد اطلع كما يقول على إعلان قرأه في إحدى الصحف تحت عنوان عريض "رواتب مغرية (2500) ريال، وراحة يوم في الأسبوع"، فتقدم للشركة المعلنة، وفي نهاية الشهر استلم (1950) ريال، والسبب كما يشير أن المسؤول بالشركة قال: "إنني جديد في العمل، وسوف يخصمون علي مبالغ يردونها لي عقب نهاية عملي معهم، وهذا الاستقطاع يستحصل مني على سبيل التأمين"، متسائلاً: أين الإنصاف والعدل؟، وأين راحة اليوم التي وعدونا بها؟، لقد اختفت ولو تغيبت يوماً واحداً ضاعفوا الخصم، مشيراً إلى أن بعض حراس الأمن يلجأون إلى "المهدئات!!!!"؛ بسبب عملهم المتواصل وقلة النوم وعدم الراحة، إضافةً للقلق والتعب النفسي. الدوسري يتحدث ل»الرياض» مواصلة العمل ويشتكي "محمد العتيبي" -حارس الأمن- من تعسف شركات الأمن لهم، ويقول: "نحن في المدن أقل حظاً من حراس المحافظات، الذين قد تصل مرتباتهم إلى (2000) ريال؛ بسبب قُربهم من صاحب القرار، أما نحن فلا نجرؤ على الشكوى؛ لأنّ بيننا وبين صاحب القرار عدداً من المديرين والمشرفين، الذين يمنعون وصولنا إليهم"، مشيراً إلى أن بعض الغرامات قد تصل إلى (500) فكم يبقى من الراتب؟، كما أنّ هناك قانونا جديدا فرضته إدارته بأن الذي يتغيب عن العمل لثلاثة أيام فللمشرف الحق بخصم خمسة أيام من مرتبه. أما الحارس "عزناوي" فهو ساخط على شركته لعدة أسباب، فالملابس التي يرتديها تسلم له كل ستة أشهر غيار واحد فقط، والقبعة ب20 ريالاً والكرفته ب30 ريالاً. فصل تعسفي ويقول "محمد عمر": "أعمل حارس أمن في شركة، وهذه الشركة لم تلتزم بأي عقود وقعناها معهم، وقامت بفصلي تعسفاً وبدون أي إنذار بحجة أنني أتأخر عن العمل، وبعد تقدمي بالشكوى عليهم عند وزارة العمل أرجعت لي حقوقي نظير خدماتي ولكن لم يتم إعادتي لعملي، فأين العدل والإنصاف؟"، مؤكداً أنه تأثر نفسيا بسبب طرده من عمله، علماً أنه كان يتقاضى راتباً لايتجاوز(1700) ريال فقط، ولا يخلوا من الخصم الشهري الذي يلتهم جزءاً كبيراً منه، داعياً إلى تفعيل اللائحة التنفيذية لنظام الحراسات الأمنية المدنية الخاصة، التي وافق عليها سمو وزير الداخلية، والتي من أهم ماورد فيها: "تطبيق نظام العمل والعمال والتأمينات الاجتماعية فيما يتعلق بدفع الرواتب واستحقاقات العاملين ومزاياهم وإجازاتهم وعدد ساعات العمل". شحاذ في بنك! أحد المواطنين استوقفناه أثناء جولتنا على مواقع حراس الأمن، وقال: "أعرف حارس أمن في أحد البنوك يطلب قوته من عملاء وموظفي البنك"، بمعنى آخر "شحاذ في بنك"، مطالباً الشركات بالخوف من الله في حراس الأمن، وإحقاق الحق، فكيف بحارس أمن سعودي لايتعدى مرتبه مرتب خادمة، مناشداً الجهات المختصة تحديد المرتبات لهم بحد أدنى ثلاثة آلاف ريال وأن ينظر في الحوافز المقدمة لهم. محمد السهلي أجانب يطفشون! "أبوخالد الدوسري" -رجل أمن سابق ومشرف حالياً على جهاز الأمن في إحدى الشركات المشغلة لعدد من الأسواق التجارية- يقول: "الشركة التي أعمل معها رواتبها مجزية وتوفر لنا التأمين الطبي والمواصلات ولي معهم أكثر من (10) سنوات"، مشيراً إلى أن "الشركات الأمنية تحتاج أن تخظع لجهة مسؤولة تدقق على أعمالها، فللأسف كثير من هذه الشركات يحركها أجانب وهم يريدون -تطفيش- الشباب السعودي؛ كي يثبتوا للناس أنهم فاشلون". الأنظمة غير واضحة وأشار مدير الأمن والسلامة في وزارة التربية والتعليم سابقاً الاستاذ "سعيد مشبب القحطاني"، -عمل لأكثر من (20) سنة في مجال الحراسات الأمنية - إلى أن حراس الأمن العاملين في القطاع الخاص ينقصهم التدريب على أداء مهامهم، داعياً إلى تطبيق الأنظمة التي تنظم أعمالهم وتبين واجباتهم ومهامهم ومسؤولياتهم وتحفظ لهم حقوقهم، معلقاً الآمال على وزارة الداخلية، قائلاً: "إن حراس الأمن لا يتمتعون بحقوق كثيرة أقرها نظام العمل، فبعضهم لا يتمتع بيوم راحة في الأسبوع، ولا يحصلون على إجازات سنوية كافية، ولا يتمتعون بإجازات الأعياد أو حتى التعويض عنها، فلا حوافز أو بدلات للعمل خارج أوقات الدوام، ولا يخضع البعض منهم لنظام التأمينات الاجتماعية، ولا يحصلون على بدل مواجهة خطر عند مواجهة لصوص أو مجرمين وهي متوقعة تبعاً لطبيعة عملهم". طالبوا وزارتي الداخلية والعمل الضغط على «شركات الأمن» في رفع الأجور وتقديم الحوافز والبدلات والتأمين الصحي واقع مر ويؤكد الباحث القانوني "محمد السهلي" على أن هذه القضية تشكّل أهمية كبيرة نظراً للحالة والوضع غير الصحي الذي يعيشه العاملون في هذه المهنة، خاصة وأن عددهم لا يستهان به، مضيفاً أن العاملين في أغلب الشركات الأمنية يعيشون تحت واقع وظروف لا يحسدون عليها حتماً، فالواقع يشير إلى أن وظائف الحراسات الأمنية الخاصة هي غالباً للأشخاص الذين لم يحظوا -تحت أي ظرف كان- بفرصة إكمال تعليمهم، أو الأشخاص الذين لم يجدوا عملاً مناسباً لهم، والسبب في ذلك يعود إلى تدني الرواتب بشكل لا يعقل، فمعدل الرواتب للعاملين في الحراسات يتراوح بين (1500- 3000) ريال، وهي بلا شك من أقل معدلات الرواتب التي يمكن أن يتقاضها شاب سعودي في مهن أخرى، رغم أنهم يعملون في قطاع لا يقل أهمية في حالات كثيرة عن ما يقوم به رجال الأمن العام. وأشار إلى أن الأمر بلا شك يتطلب تدخل الجهات المختصة من وزارة الداخلية ووزارة العمل لمعالجة هذا الخلل، ومن الحلول التي يمكن أن تطرح في هذا الصدد فرض عقود موحدة للعاملين في الحراسات الأمنية المدنية الخاصة تتضمن الحد الأدنى من الحقوق التي لا يجوز المساس بها، وأن يتم وضع حد أدنى للرواتب، وأن تلتزم الشركات الأمنية بتدريب العاملين في الحراسات وتأهيلهم التأهيل السليم الذي يتلاءم مع طبيعة نشاطها. وقال: "لكي نضمن تقديم خدمات أمنية مدنية خاصة متميزة للمنشآت العامة والخاصة فإنه يجب أن نضمن في البداية الاهتمام بقوام هذه الخدمة وأساسها، وهم أفراد الحراسات عن طريق إنصافهم وإعطائهم حقوقهم الكاملة والتي أقرها نظام العمل، فالبيئة الصحية هي السبيل لإنتاجية مثالية". واستشهد الباحث "السهلي" بحديث رئيس لجنة قطاع الحراسات الأمنية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض لصحيفة الرياض عن واقع موظفي الحراسات في الشركات الأمنية الخاصة، حيث ذكر أن نسبة السعوديين المنقطعين عن العمل في مؤسسات وشركات الحراسات الأمنية الخاصة تجاوز(20%) شهرياً، مشيراً إلى أن قطاع الحراسات الأمنية يعاني صعوبة في تطبيق السعودة؛ نتيجة عزوف الشباب عن هذه المهنة، مرجعاً أسباب العزوف إلى تدني رواتب حراس الأمن وظروف العمل الصعبة التي يعيشونها.