شاب متعلم وطموح يدير شركة عقارية، لديه استثمارات تجارية متعددة تخصه وتخص عائلته، دخل السوق العقاري بنية العمل وانجاز مشاريع سكنية تفيده وتفيد الوطن والمواطن، عندما قابلته في معرض الرياض العقاري كان متحمسا وجادا في تنفيذ مشروعه السكني الأول الذي يتجاوز 300 وحدة سكنية وقد تقدم منذ فترة للحصول على تراخيص المشروع وكان حريصا على أن يبيعه للمستفيد النهائي وبسعر مقبول وربح معقول. مصدر حماسه أنه يريد أن يقدم منتجات سكنية تساهم في دعم برامج التملك للمواطنين بأسعار معقولة وفي مواقع مقبولة تتفق مع القدرة الشرائية للمواطن. قلت له مشروع طموح ومبارك وتوقعت أنه سيواجه صعوبات وعوائق قد تثبط عزيمته وحماسه وأعني أنه لن يجد القبول من بعض العاملين في السوق عند تبنيه لمثل هذه الفكرة والتي لا تتفق مع أهداف بعضهم في المشاريع السكنية وأهمها الربح بنسبة عالية وليس بمفهوم الربح المعقول. المهم قابلته بعد عيد الفطر المبارك أي بعد ستة أشهر من اللقاء الأول وسألته عن المشروع؟ وبادر بالإجابة لقد فقدت الحماس والرغبة في تنفيذ المشروع والسبب طول الإجراءات والروتين من قبل البلدية المعنية ولم احصل على الترخيص النهائي حتى الآن وهذا يؤثر على المشروع ويزيد التكاليف ويؤثر على السيولة المرصودة للمشروع. لماذا تكون الأمانة سببا في تأخير مثل هذا المشروع؟ والذي لابد أن يجد الدعم وليس التعطيل والإحباط فهناك فرق بين مشروع يضم وحدتين أو خمس أو حتى عشر وحدات سكنية وبين مشروع ريادي بالمئات أو الألوف، للأسف الشديد أن بعض أمانات المدن لدينا تكون عامل طرد للاستثمار الوطني في مشاريع الإسكان من خلال تطويل إجراءات التراخيص للمشاريع وحتى التصاريح الفردية لا تسلم من التسويف والمماطلة في أحيان كثيرة. ومع المعاناة التي نعيشها في سوق يتمتع بكثير من السلبيات ويحتاج إلى تنظيم فنحن في غنى عن البيروقراطية والروتين والفساد وتعطيل المعاملات وتأخير إصدار التراخيص. عندما تزور بعض الأمانات تجد عبارات رنانة من رؤية ورسالة وأهداف تزين مداخلها ومخارجها وعندما تتعامل معها تصطدم بالواقع المرير. كم من شركة أو رجل أعمال عانى ويعاني من هذه المشكلة بالرغم من الإمكانات التي وفرتها الدولة والمشكلة مستمرة بل تزيد، واجب كل أمين مدينة أن يتابع سير العمل بنفسه ويتأكد من الإدارات الوسطى والتنفيذية في إدارته لتحقيق أهداف الأمانة بكل صدق وجدية وضمان حسن سير العمل وتحقيق رغبة ولاة الأمر في خدمة المواطن، والقضاء على القرارات الفردية التي يتبناها بعض الموظفين وتتسبب في إحجام الكثيرين عن الاستثمار في المشاريع السكنية.