من غرائب السوق العقاري انه يفتقد إلى الاستثمار الحقيقي في أهم قطاعين ضمن هذه الصناعة وهما الاستثمار في القطاع السكني والقطاع السياحي، رغم أن الاستثمار في القطاع العقاري يعتبر من أهم قنوات الاستثمار الآمن والمربح على المدى الطويل، السبب لا يخفى على احد وهو سيادة ثقافة الاستثمار في الأراضي البور! لأنها لا تأكل ولا تشرب وتحتكر لسنوات وهي من أهم أسباب تعطيل استثمار الثروات وتعاظم مشكلة السكن. نحن نواجه أزمة حقيقية في الاستثمار السكني والحديث هنا عن المعنيين في هذا القطاع وأولهم المطور الذي يواجه عقبات التمويل ومشاكل تأخير إصدار التراخيص من الجهات المختصة ويتمتع بضعف الخبرة في مجال التطوير والتسويق والإدارة العقارية والنظرة الإستراتيجية والدليل أن غالبية شركاتنا المساهمة العامة منها والمقفلة والفردية لم تنجز شيئا يذكر في مجال الإسكان. وثانيهم الممول وهم البنوك وشركات التمويل التي تعتبر سببا رئيسا في تعطيل الاستثمار العقاري ونمو القطاع والسبب التركيز على تمويل الأفراد دون الشركات والمشاريع الكبرى وهذا ما يحدث حاليا! مما تسبب في تعطيل ووأد العديد من المشاريع السكنية الكبيرة في مهدها. ثالثهم الجهات الحكومية المعنية بإصدار التراخيص للمشاريع السكنية الكبرى ومنها أمانات المدن وكتابات العدل والدفاع المدني وشركات الخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والتي تعامل المشاريع الريادية والكبرى بنفس التعامل مع تصريح العمارة او الفيلا. ومن الملاحظ أن الكثير من شركات التطوير العقاري تشتكي من تأخير وتعطيل المشاريع لسنوات للحصول على التصاريح وبالتالي قتل المشروع او زيادة تكاليفه التي تنعكس على المشتري النهائي. وأضيف للقائمة القطاعات الحكومية الاستثمارية التي لم تطرق هذا المجال رغم أهميته وهي التأمينات الاجتماعية ومعاشات التقاعد وصندوق الاستثمارات العامة التي لم تبادر جميعها للاستثمار في السوق الإسكاني ويمكنها تقديم الخدمة لمنتسبيها العاملين والمتقاعدين. هل من الصعب أو المستحيل ربط السكن بالوظيفة، بحيث يقوم كل قطاع حكومي او خاص بمبادرة للمساهمة في حل مشكلة الإسكان من خلال إقراض موظفيه للمسكن كما عملت شركة ارامكو والاتصالات السعودية مما ساهم في استقرار وراحة موظفيهم. يمكن تطوير الفكر بالعمل على مشاريع كبرى من قبل هذه القطاعات الحكومية والخاصة بالتعاون مع شركات تطوير عقاري عالمية ومحلية وبالتنسيق مع جهات تمويل لتطوير مشاريع سكنية وبيعها على الموظفين بأسعار مناسبة وشروط ميسرة أو إقراض موظفيها مبالغ تغطي تكلفة المسكن بضمان العمل وراتب التقاعد. لو كل واحد منا أنجز عمله بإخلاص بعيدا عن البيروقراطية والمصالح الشخصية وسعى لخدمة وطنه لحلت الكثير من مشاكلنا ومنها مشكلة الإسكان.