«السوق المالية»: 55 ملف طلب إدراج شركات.. 20% منها «عقارية»    قطاع التأمين في السعودية يحقق التنوّع الاقتصادي بما يتماشى مع رؤية 2030    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 14 لمساعدة الشعب السوري الشقيق    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي حقق نجاحًا وحراكًا على مختلف الأصعدة لعقدين    تسع جلسات حوارية بالأسبوع الإعلامي بجامعة أم القرى    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يشيدون بعناية المملكة بالمواقع الدينية والمعالم التاريخية    أمير الشرقية يدشن عددًا من مباني هيئة الأمر بالمعروف ويرعى توقيع ثلاث مذكرات تعاون    بعد زيارتها للمملكة.. رئيسة وزراء إيطاليا تغادر العُلا    المياه الوطنية تطلق برنامج تقسيط توصيلات المياه والصرف الصحي المنزلية    النازحون يعودون إلى الخراب في شمال غزة    «تقنية الطائف» تقيم لقاء توظيف بعدد 300 فرصة وظيفية    التجارة": 16% نمو قطاع الخدمات الإدارية وخدمات الدعم خلال 2024    قوات الاحتلال تعتقل 20 فلسطينيًا من مدينة الخليل    رئيسة وزراء إيطاليا تزور منطقة الحِجِر والمعالم التاريخية والأثرية في العُلا    خلال اجتماع وزاري.. أوروبا تتجه إلى تخفيف العقوبات عن سورية    إغلاق معمل لتحضير المأكولات الرمضانية في جدة    عقار يبشر بإمكانية استعادة الرؤية للمصابين بتلف الأعصاب    السماح للأجانب بالاستثمار في أسهم الشركات العقارية المدرجة التي تستثمر في مكة والمدينة    الجامعة العربية: تحقيق الاستقرار والسلام من خلال تسوية القضية الفلسطينية    5 أسباب للتقليل من استهلاك الملح    «واتساب» تعتزم توفير ميزة الحسابات المتعددة لهواتف «آيفون»    7 خطوات بسيطة.. تملأ يومك بالطاقة والحيوية    نجل «سعد بن جدلان»: قصائد منسوبة لوالدي لم يكتبها    «النقانق والناجتس» تسبب العمى لطفل بسبب سوء التغذية    مطالبة بإلزام المرافق الخدمية ب «المولدات الاحتياطية»    شرطة النعيرية تباشر واقعة شخص حاول إيذاء نفسه    "سلمان للإغاثة" يوزّع مواد إغاثية في مدينة حرستا بمحافظة ريف دمشق    طفاية الحريق في المركبة.. أمن وسلامة    الجوال السبب الأول لحوادث المرور في القريات    ليلة تكريم جميلة مطرَّزة بالوفاء والإخاء    أمير الشرقية يطّلع على إنجازات جامعة حفر الباطن    المملكة تدين استهداف المستشفى السعودي في الفاشر    أكذوبة محاربة الاحتكار الغربية    مؤتمر «خير أُمّة»: محاربة الجماعات المنحرفة ومنعها من تحقيق أغراضها الباطلة    رضا الناس غاية لا تدرك    الزيارات العائلية    فعالية «مسيرة الأمم»    مزارع الريف    الرياض.. طفلة تحت المطر    كيف يعشق الرجال المرأة.. وكيف تأسر المرأة الرجل؟    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون معالم المدينة المنورة    «صراع الصدارة» الاتحاد والهلال يواجهان ضمك والقادسية    الجمعان ومستقبل النصر    «بيدري» برشلونة يقترب من دوري روشن    نائب أمير مكة يستقبل المعزين في وفاة أخيه    دراسة: الإجهاد النفسي يسبب" الإكزيما"    المشكلة المستعصية في المطار !    ولاء بالمحبة والإيلاف!    نائب وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (105) من طلبة كلية الملك فيصل الجوية    أمير منطقة القصيم يعزي أسرة الزويد.. ويوجه بتسمية قاعة بالغرفة التجارية باسمه    السعودية باختصار    نيمار حدد موعد ظهوره بشعار سانتوس    طلال بن محفوظ - جدة    النصر يؤكد بقاء الثنائي العقيدي وغريب :"عيالنا .. كفاية إشاعات"    شريف العلمي.. أشهر من طوّر وقدّم برامج المسابقات المُتَلفزَة    محافظ الخرج يستقبل الرشيدي    ضيوف الملك.. خطوات روحية نحو السماء    الديوان الملكي: وفاة والدة الأمير فهد بن سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقمان الدّجال
بالفصيح
نشر في الرياض يوم 22 - 10 - 2010

كنتُ قد كتبت ذات مرة من أن (الشيخ) لقمان - غير الحكيم - طبعاً حضر وليمة زواج الشاب: سيف بن ذي يزن.. والشيخ لقمان لا يأتي إلى المآدب والمناسبات كي يلتقم ويملأ بطنه فقط مما لذ وطاب من صنوف الأكل والشراب!! بل ليمارس فوق ذلك مهنة أخرى هي مهنة المدح والتمجيد والتهريج والتضخيم والتعظيم والنفاق..!! فما أن اكتمل عقد المدعوين حتى نهض فمسح على بطنه وأغمض عينيه برهة ثم فتحهما بطريقة درامية وهو يرفع رأسه ثم صلى وسلم على سيد المرسلين، وعلى آل بيته الأكرمين، وعلى صحابته والتابعين - وهذا خير ما فعل - ثم تلفت يميناً وشمالاً فعرج على المسؤولين الحاضرين، ثم أتبعهم بالغائبين فلم يبق مسؤول في القطاع العام، والقطاع الخاص إلا مدحه وبجّله، وأعلن عن كل محاسنه ما ظهر منها وما بطن.. فلولا جهود هؤلاء العظيمة والجبارة لما أتيح للمجتمعين مثل هذا الاجتماع الراغد المريح!! نعم: فلولا جهود الساهرين مثلاً على الكهرباء لما أضاءت!! ولولا جهود الساهرين على التليفونات لما نطقت!!، ولولا جهود الساهرين على الزفت لما مشينا فوق هذه الشوارع... ولولا جهود الساهرين على الزراعة لما أكلنا صنوفاً من أنواع النعاج، والدجاج. ولا أكلنا من هذه الخضار، والثمار، ولا شربنا ألبان الأبقار!! ولم يترك أحداً حتى الساهرين على المجاري اثنى عليهم عاطراً، فلولا سهرهم لما تصرفت مياه الغسيل، وتطهير الأبدان والأردان و.. ثم دخل في صلب الموضوع فبدأ بعائلة: «بني يزن» فهؤلاء لهم وزنهم التاريخي، ولهم وزنهم الاجتماعي، ولهم وزنهم التناسلي.. ولهم وزنهم الديني، والثقافي، والاقتصادي، ولم يترك شيئاً يمكن أن يوضع في الميزان عن عائلة «بني يزن» إلا وضعه.. ثم أخذ يدعو للعريس الجديد، وسليل المجد التليد، من عهد عاد وثمود.. فلم يترك شاردة ولا هاربة ولا نافرة ولا واردة من الأدعية المأثورة وغير المأثورة إلا ذكرها، وأعادها وكررها.. وأما الحاضرون فكانوا ما بين مذهول، ومشدوه لهذا المدّاح المعتوه... ومنهم من تمزقت مرارته سخطاً وغضباً، ولكنه لا يستطيع أن يقول شيئاً، احتراماً للداعي... ومنهم من أصابه الصداع والكآبة... وقسم أخذ يشتم في داخله الداعي والمناسبة، ومن جاء بهذا الأرعن... أما أكثرهم حظاً فهم أولئك الذين أخذت رؤوسهم تتمايل من النعاس...
* * *
بكل أسف فإن ظاهرة «الشيخ لقمان» الشاذة والسمجة أو التي كانت شاذة وسمجة.. لم تعد كذلك..!! فقد أصبحت من الظواهر الاجتماعية الشائعة والتي لم يعد يستنكرها الناس...!!
والمدح - أيها السادة - قد يكون مقبولاً تفرضه ظروف المناسبة، أو المجاملة، أو التعبير عن الفضل والجميل، وهنا قد تصبح عملاً، إن لم يكن محموداً، فهو عمل مقبول.. غير أن الإسراف في المدح وفي مناسبات روتينية يتحول إلى إهانة صارخة لذوق الحاضر والسامع.. بل إهانة وخدش لكرامة اللغة نفسها، والتي تتحول إلى ثرثرة غبية، ودروشة وتهريج ونفاق مناف للطبيعة ويصيب المرء بالخيبة، والمرارة والدوار.. لذا فإن ما سمعته تلك الليلة من شعوذة كلامية، أصابني بالدهشة والارتباك، وأعادني إلى حادثة مرت بي في صباي، فلقد ذكّرني هذا المداح بأحد الحواة الذي رأيته أول مرة في بلد عربي.. حيث وقف الحاوي على طاولة خشبية، فوق تلة على البحر والناس متحلقون حوله، وأخذ يخرج من ابريق ضخم كان قد ضمه إلى صدره، أخذ يخرج منه أرانب وفيلة صغيرة ووزاً وحمامات، وعصافير ملونة، وحيايا، و«بلايا» أخرى لست أذكرها، وإن ما أذكره أنني ليلتها لم أنم من شدة اندهاشي وعجبي إن لم أقل فزعي مما رأيت، وكان تفسيري آنذاك أن هذا هو السحر الذي كنا نسمع عنه بعينه..
وأصدقكم القول أنني أصبت في ليلة المدح والتهريج هذه من ذلك الثور الفالت بأكثر وأشد مما أصبت به من ذلك الحاوي البهلوان في ليلة السحر والشعوذة تلك؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.