قمت قبل أسبوعين بزيارة إلى مدينة الجبيل الساحلية واغتنمت الفرصة للصعود على متن السفينة البريطانية "سومرست" التي كانت تزور ميناء الجبيل والتقيت بقبطان السفينة وأفراد طاقمها . تمثل السفينة "سومرست" ، وهي فرقاطة من فئة ديوك طراز 23، العمود الفقري بالنسبة لأسطول القوات البحرية البريطانية المنتشر في جميع أنحاء العالم حفاظا على الأمن. وأثناء القيام بجولة في ارجاء السفينة رأيت مدى التزام أفراد الطاقم البريطاني بواجباته وشاهدت التقنية المتقدمة التي تمكن السفينة من أداء مهماتها بفعالية عالية، كما أنني ناقشت التحديات المتمثلة في أعمال القرصنة والإرهاب وتهريب المخدرات ، واطلعت على توضيحات تبين سبل تعامل السفينة "سومرست" مع هذه التهديدات. وبعد مرور ثلاثة أيام على زيارتي للسفينة في الجبيل ، التحق 20 طالبا من القوات البحرية الملكية السعودية بالسفينة لإجراء تمارين في عرض البحر، وكانت هذه فرصة استثنائية لتعزيز الروابط بين القوتين البحريتين وضمانا لانتقال تجربة التعاون والتدريب المشترك الى الجيل القادم في القوات البحرية. إن هؤلاء الطلبة هم الآن في بداية حياتهم المهنية ، لكنني أعتقد أنه وعلى مدى خدمتهم في القوات البحرية الملكية السعودية سوف يلتقون ويعملون مرارا وتكرارا مع القوات البحرية البريطانية. التحق في العام الماضي عشرون طالبا للدراسة في الكلية البحرية الملكية "بريتانيا" في دارتموث والتي تدرب فيها أجيال من ضباط القوات البحرية البريطانية، ويستعد في هذا العام اكثر من ضعف هذا العدد للالتحاق بالكلية في دارتموث، وسوف يخدم بعض هؤلاء الطلبة على متن سفن القوات البحرية الملكية السعودية التي تعمل في البحر الأحمر إلى جانب السفن البريطانية من أجل توفير الحماية ضد أعمال القرصنة. آمل بحلول الوقت الذي يترقى فيه هؤلاء الطلبة إلى الرتب العليا ان تتاح لهم الفرصة لمشاهدة المزيد من الطلبة السعوديين يشاركون في تمارين بحرية على متن سفن القوات البحرية البريطانية. إن تواجد هؤلاء الطلبة على متن إحدى السفن البريطانية هو تجسيد حي للعلاقة الدفاعية القائمة بين بلدينا. يصادف العام المقبل مرور عشرين عاماً على تحرير الكويت، لقد وقفت بريطانيا جنبا الى جنب مع رفاقها في السعودية لتحرير الكويت ودعم سيادة القانون وضمان الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، ومنذ ذلك الحين عززت بريطانيا والمملكة العربية السعودية علاقاتهما الدفاعية من خلال التدريبات والتمارين المشتركة وتبادل أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العسكرية ومن خلال التخطيط الإستراتيجي، وسوف تستفيد القوات المسلحة في البلدين من هذه العلاقة التي تعد واحدة من أقوى علاقاتنا الدفاعية في العالم. وبصفتي السفير البريطاني الجديد فإنني ملتزم بتنمية وتطوير العلاقة الدفاعية القائمة بين البلدين، وقد أعلن وزير الدفاع البريطاني ، الدكتور ليام فوكس ، يوم الثلاثاء مراجعة الإستراتيجية البريطانية في مجالي الدفاع والأمن، وجاءت المراجعة نتيجة تحليل مفصل للتهديدات والتحديات التي ستواجه المملكة المتحدة في العقود المقبلة، وفي سياق هذه المراجعة، طلبنا من شركائنا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ، أن يقدموا لنا تقييمهم الإستراتيجي. وتنص هذه المراجعة على التزام الحكومة البريطانية بمراجعة الإنفاق الحكومي بهدف تحقيق توازن في الميزانية على مدى السنوات الأربع القادمة، الأمر الذي ادى الى ظهور بعض القلق من أن القوة العسكرية البريطانية ستواجه تخفيضاً في الميزانية يمكن ان يحول دون اضطلاع المملكة المتحدة بمسؤولياتها الدولية، إلا أنه يسرني القول بأن نتائج هذه المراجعة قد بددت هذا القلق، سوف تحافظ بريطانيا على مكانتها كقوة عسكرية من الدرجة الأولى، بما لديها من عتاد وجنود وضباط بحريين وجويين، وبقدرتها على تحمل مسؤولياتها الدولية لتحقيق الأمن والاستقرار، وأكدت المراجعة أنه سوف يتم استكمال تصنيع حاملتي الطائرات حسب الخطة المقررة ، مما يتيح لبريطانيا الفرصة لإبراز قوتها العسكرية في جميع أنحاء العالم، كما أن طائرات التايفون ذات المستوى العالمي ستواصل دورياتها في السماء ، وقد رأيت بنفسي القدرة المنقطعة النظير التي تتمتع بها هذه الطائرة خلال زيارتي إلى مدينة الطائف في الأسابيع القليلة الماضية، إن الدعم المتواصل الذي يقدمه البرنامج السعودي البريطاني المشترك لطائرات التايفون التابعة للقوات الجوية الملكية السعودية يبعث في نفسي الفخر و الاعتزاز. وتعد نتائج هذه المراجعة مهمة. وكما أوضح الدكتور ليام فوكس في زيارته الأخيرة فإن المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية هما شريكان إستراتيجيان قويان يتمتعان بمصالح مشتركة إقليميا وعلى نطاق أوسع. وإنني أطمح لرؤية التعاون العسكري بين بلدينا يشهد توسعاً أكبر. قدمت سفينة صاحبة الجلالة "سومرست" دعما للقوات البحرية العراقية لتأمين منشآتها النفطية البحرية. وسوف تضمن المراجعة استمرارية القيام بمثل هذه الأعمال الهامة، كما سوف تساعد الجيش البريطاني في التصدي للتحديات التي تواجهه في العقود القادمة، وسيواصل الجيش البريطاني الوقوف جنبا إلى جنب مع المملكة العربية السعودية التي تعد شريكاً وصديقاً على جانب كبير من الأهمية. * السفير البريطاني لدى المملكة