من حق السفارات في المملكة وفي غيرها، حماية أمن وحقوق مواطنيها بما لا يتعدى تشريعات ونظم الدولة المستقدِمة للعمالة، لكن سفارة الفلبين حوّلت الموضوع إلى تدخل سافر بحيث تجبر المواطن، قبل الاستقدام، على الحضور لها ودفع (320) ريالاً رسوم مكتب العمل والقنصلية، وتقديم وصف واضح للمنزل، وكشف حساب، وشهادة عدم سوابق من الشرطة ، وراتب للخادمة قدرته بأربعمائة دولار! وأمام صمت وزارة العمل ولجان الاستقدام في الغرف التجارية، فإننا لانجد شروطاً مضادة بعدم الهروب والسرقة والأمراض ، وسوء السلوك والضمانات المادية التي يجب أن تدفعها السفارة للمتضرر كمعاملة بالمثل، ولا ندري إذا ما شكَّلت هذه السابقة شروطاً جديدة لسفارات أخرى بإلزام كل مستقدِم ضمانات بنكية بأسمائها، أو تقديمه لمحاكم خارجية في حال الإخلال بالعقد، بمعنى أن حقوق المواطن ليست لها من يحميها، ثم إن انتهاك قوانيننا من قبل سفارة الفلبين يفرض أن نتحرك، وإلا فما معنى هذه الشروط، ومن خوّلها أن تتخذ هذه الإجراءات، وفيما إذا كان معمولاً بها في دول تستقدم عمالتها؟ صحيحٌ أن بعض المستقدمين يسيء للخادمات أو السائقين، لكن ذلك وفقاً لحجم العمالة الموجودة بيننا لا يشكل ظاهرة، وحتى ما أُشيع عن الخادمة السري لانكية من غرز مسامير في جسدها، وما أثارته في إعلامنا والدولة المصدر لم تثبت صحته، غير أن الحلول التي باتت ترقد على مكاتب وزارة العمل بتنظيم حديثٍ يكفل حق المستخدمة أو العامل في أي قطاع، وجعل الاستقدام تقوم به شركات نظامية هي الوسيط والمستقدِم، ربما يحل المشكلة، لكن أن يوضع المواطن أمام ابتزاز السفارات أو الدول مصدر العمالة فأمر غير منطقي.. فالوزارة لم تتحرك أمام طوفان الشكاوى بالسعودة، وبيع التأشيرات وما قيل عن فوضى الاستقدام الذي بدأ يأخذ مساراً آخر بتحميل المواطن أعباء التشريعات من قبل السفارات وصمت الجهات ذات العلاقة، وكذلك الأجور وغيرها. ظاهرة الخدم والسائقين أو عمالة المنازل، جاءت لأسباب اجتماعية واقتصادية، أي خلط التقاليد القديمة بالواقع المستجد والذي من اللازم أن يتغير، وهناك طبقة المترفين، الذين جعلوا لكل بنت وولد خادمة وخياطة ومربية وطباخة، وهي مشكلة يمكن حلها بالتقنين لا بالفوضى، ولعل الطلب المضاعف الذي ينمو كل عام أدى إلى أن تقوم دول المصدر بمحاولة استنزافٍ لنا وهي لا تصدق على دول أخرى تستقدم من نفس المصادر.. خطوة السفارة الفلبينية يجب أن تعالج من قبل وزارتيْ الخارجية والعمل حتى لا نصبح عرضة لإجراءات أكثر قسوة، ولا نعتقد أن تقليص أعداد العمالة الفلبينية سيكون مشكلة تعرِّضنا لتعطيل مشاريعنا وأعمالنا عندما تبرز سفارتها هذه الشروط والإهانات..