متى آخر مرة شفت فيها جني؟ بالنسبة لي يعود هذا الأمر إلى أكثر من ثلاثين سنة خلت. لم يكن لي فضل مشاهدتهم على غيري. كان الجن يخترشون في كل مكان. هم الأصل. العلاقة في صالحهم دائما. يشاهدوننا ولا نشاهدهم. يدخلون فينا ولا ندخل فيهم. بناتهم يختارون أجمل رجالنا ورجالهم يختارون أجمل نسائنا. يتزوجوننا دون إذن منا. واقع الحال يقول إننا نعيش معهم وليس العكس. نحن متطفلون عليهم. الميزة الوحيدة التي نتفوق عليهم فيها هي أنهم يقطنون في المخارب والمقابر ونحن نسكن في بيوت. هذه أيضا فيها نظر. أحيانا يساكنوننا بيوتنا على كيفهم. أذكياء. صمموا الخرائب بطريقة لا نستطيع معها أن نزاحمهم عليها. بالنظر إلى التكنولوجيا. احتاج الإنسان آلاف السنين كي يطير من الأرض. بينما الجن استخدموا الجذوع والعسبان في الطيران. تركوا لنا المصانع والاستثمارات والمخططات واستخدموا أبسط أدوات الطبيعة. تستغرق رحلة الطائرة من الرياض إلى لندن سبع ساعات. تكنولوجيا الجن تقطعها في لحظات.أعفوا مسافريهم من الحجز والمطارات والجوازات والمحرم. كم تكلف الطائرة وكم يكلف العسيب؟! نحن نحتاج إلى طيار مدرب ومكلف بينما يسندون قيادة جذوعهم إلى أقرب قطوة. من الثقة في قيادة القطوة لا يوجد لديهم شيء اسمه ربط أحزمة. قارن على مستوى النقل. الجني يحضر لك ما تريد من أي مكان من العالم في لحظات بينما نحتاج إلى بوالص تأمين وأوراق شحن وكراتين وتغليف وشركات نقل . تحولاتهم ليست فقط من مكان إلى آخر بل من صفة إلى أخرى. نحن جامدون على أشكالنا أو نتحول إلى القبح كلما كبرنا في السن بينما هم قادرون على التحول بالصورة التي يريدون: مرة حمار ومرة سحلية ومرة حنش ومرة ضب ومرة برتني سبيرز. يملكون امتيازات علينا لا حصر لها. لا يحتاجون أبوابا، يدخلون ويطلعون على كيفهم. لا يهمهم برد أو حر. لا يوجد لديهم شيء اسمه قبيح. الجنية تملك أن تكون ملكة جمال وتملك أن تكون قردا حسب ذوق حبيب القلب. يتفوقون علينا حتى في الطب. نحتاج إلى أشعة ومختبرات وعيادات وكليات طب. أما طبهم: عصعص هدهد يتيم . فنجان ركب نمل أو تفلة رجل تافه تعالج كل الأمراض. حتى على مستوى النشر والتأليف. ألّف البشر ملايين المجلدات ومكتبات ضخمة لا نلاحظ لها أي أثر على ثقافة الجن وتحولاتهم الفكرية. بينما ورقة صغيرة فيها كلمتان من تأليف جني يدسها المتعاون البشري في خرم تحوس عائلة كاملة. (هذا الإبداع الحقيقي). خذ الكورة، وهي هواية شباب الإنس نجد أن الجن سيطروا عليها. عندما أشاهد بعض المباريات في المملكة (خاصة) يتضح أن الجن يلعبون فيما بينهم بأقدامنا، ويصارخون في المدرجات بحناجرنا، ويكتبون تحليلاتهم للمباريات بأقلامنا. تلاحظون أيضا المعلق الرياضي السعودي في واد، والمباراة التي يصفها في واد آخر مما يعني أن الرجل مجير للتعليق على مباراة يقيمها الجن في مكان آخر. لم يتوقف نفوذ الجن عند الكورة أو الطب أو النشر أو صناعة الطيران والنقل الجوي. تعدوا ذلك. وصلوا القضاء. صاروا يمررون الصكوك وينهبون الملايين كما اعترف بذلك قاضي المدينةالمنورة الفاسد. لا يلام مجلس القضاء الأعلى إذا جهل ما يدور تحته فالمسألة جن في جن. أخشى ما أخشاه أن يكون كاتب هذا المقال جنياً وليس الأخ عبدالله بن بخيت. .