دعت استشارية في طب الأسرة إلى ضرورة معالجة الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها الإنسان، عموماً، مؤكدة على أن معالجة الضغوط لا تعني التخلص منها أو تجنبها أو استبعادها من حياتنا، لأن وجودها في حياتنا أمر طبيعي ولكل فرد منا نصيبه في الأحداث اليومية بدرجات متفاوتة، ومن ثم فإن علاج الضغوط لا يتم بالتخلص منها وإنما بالتعايش الإيجابي معها ومعالجة نتائجها السلبية وفق قواعد علمية ذكرتها. وأوضحت الدكتورة شروق الحرز، الاستشارية بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالشئون الصحية للحرس الوطني أن نسبة حدوث الأمراض النفسية في العالم والمجتمع العربي في تزايد، فقد أظهرت منظمة الصحة العالمية في دراساتها أن هناك خمسة من الأمراض النفسية هي "الإدمان ، الاكتئاب بنوعيه الأحادي وثنائي القطبية، الفصام، والوسواس القهري"، والتي تعد ضمن الأمراض العشرة الأولى المصنفة من قبل منظمة الصحة العالمية، باعتبارها أكثر الأمراض إعاقة للبشرية، منوهة إلى أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن مرض الاكتئاب يحتل المرتبة الثانية عالمياً، بعد أمراض القلب والشرايين، من حيث الكلفة المادية والهدر في سنوات الإنتاج للفرد في كل المجتمعات، وأن هناك على الأقل أكثر من 100 مليون شخص يعانون من الاكتئاب حيث أن نسبة الإصابة به "واحد لكل 20 شخصا"، و"نسبة النساء إلى الرجال 2*1"، وأسبابها كثيرة ومتعددة. ومن أسباب الوقوع في الأمراض النفسية، وفق ما تذكره د. الحرز، عدم النضج وسوء التوافق الاجتماعي، وعدم القدرة على تحمل مطالب المجتمع، وكذلك اضطراب العلاقات الاجتماعية وعدم التمكن من إقامة علاقات اجتماعية وإنسانية، والشعور بالرفض والحرمان ونقص الحب، بالإضافة إلى عدم الاحترام وعدم فهم الآخرين، وعدم الارتياح بخصوص الأسرة، وسوء سلوك الوالدين، عدم الاستقرار الأسري وفشل الزواج والعزوبة والبطالة، ناهيك عن وجود مفهوم سلبي للذات، ووجود أخطاء في التنشئة. كما تذكر د. الحرز قواعد أساسية لمعايشة الضغوط التي تصاحبنا في حياتنا والتغلب عليها من ذلك "معالجة الضغوط ومواجهتها أولاً بأول"، لأن تراكمها يؤدي إلى تعقدها وربما تعذر حلها، مع ضرورة الاسترخاء في فترات متقطعة يوميا يساعد على التغلب على التوتر، وكذلك الإقلال قدر الإمكان من الانفعالات والغيرة وتعلم طرق جديدة للتغلب على الغضب والانفعال، ومحاولة حل صراعات العمل والأسرة بفتح مجالات للتفاوض وتبادل وجهات النظر دون غبن للآخرين، وكذلك تحسين الحوارات مع النفس "أي الحوار الإيجابي مع النفس" وتجنب تفسير الأمور بصورة مبالغ فيها، بالإضافة إلى تكوين دائرة من الأصدقاء والمعارف الذين يتميزون بالود وتجنب هؤلاء الذين يميلون للنقد والتصارع، وتنصح أخيراً بضرورة تحديد أهداف معقولة فليس من المعقول أن نتخلص من كل الضغوط والأعباء تماما من الحياة، مع توسيع دائرة الاهتمامات وتوسيع مصادر المتعة وتنوع الخبرات في السفر والتعارف والقراءة، والموازنة بين احتياجات الفرد الخاصة للصحة والراحة ووقت الفراغ والترفيه وبين تلبيته لمتطلبات الآخرين".