المرأة الناجحة هي التي تؤمن بكفاءتها وقدرتها في التعامل الأمثل مع تحديات الوظيفة والمنصب، أياً كان موقعه، ومستواه، وتستثمر في كل ذلك جميع إمكاناتها للوصول إلى أهدافها، والنهوض بمسؤولياتها لخدمة وطنها في أي مجال.. والواقع أن المرأة في عهد «عبدالله بن عبدالعزيز» استطاعت أن تحقق طموحاتها، وأن تعيش واقعاً تعليمياً ووظيفياً مميزاً يتناسب وحجم قدراتها الخاصة، وهو ما جعل وزارتي الخارجية والتعليم العالي تواصلان نهجهما في إيجاد وظائف دبلوماسية للمواطنات في الخارج أسوة بالرجل، خاصة في المجالات التعليمية والقنصلية الخدمية، حيث أثبتت المرأة نجاحاً مرموقاً في منصبها الدبلوماسي، واستطاعت أن تقدم وجهاً مختلفاً للعمل الإداري داخل السفارات والملحقيات التابعة لها. وعلى الرغم من هذه الجهود المميزة، إلاّ أن كثيراً من السيدات يطمعن في زيادة الوظائف داخل السفارات السعودية في الخارج، بما يضمن الحصول على وظائف للحد من بطالتهن، إلى جانب الحد من العناصر الأجنبية التي تعمل في السفارات؛ على اعتبار أن «بنت الوطن» أولى في كل شيء، حتى في حفظ الأسرار والمعلومات الخاصة. وتناقش «الرياض» في هذا التحقيق تجربة عمل بعض المواطنات في سفارات المملكة في الخارج، مع إمكانية تعميم هذه التجربة في جميع السفارات. وزارتا الخارجية و«التعليم العالي» مطالبتان بتعميم التجربة في الملحقيات الثقافية والقنصليات تمثيل مشرف في البداية أكدت "د.موضي الخلف " -أول مواطنة تشغل منصب مديرة الشؤون الثقافية والاجتماعية بالملحقية الثقافية في سفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن- على أن المرأة السعودية المتعلمة المثقفة التي تنتمي إلى بلادها وتحبها كثيراً لا تقل كفاءة وقدرة في ممارستها للعمل عن مثيلاتها في الدول الأخرى. وقالت:"أعتقد أن ولاة الأمر في بلادنا يتفهمون ذلك، ويبذلون جهودهم نحو تحقيقه، فعدم مشاركة المرأة في أعمال السفارات الخارجية ك"قنصل" أو قائم بالأعمال أو سكرتيرة، هو في حقيقة الأمر إهدار لإمكانياتها وتجاربها التي اكتسبتها من اهتمام الدولة بها، والإنفاق عليها وتعليمها، موضحةً أن المرأة السعودية الموجودة في الخارج سواء كانت طبيعة عملها دبلوماسية أو غير دبلوماسية، فإن عليها مسؤولية التمثيل والمشاركة في التعريف بهوية بلادها وثقافتها وتراثها، ذاكرةً أن هناك مواطنات كثيرات شرفن بلادهن بإنجازاتهن العلمية أو بمعارضهن الفنية أو بإبداعاتهن، وكذلك بالمشاركة في التواصل مع المجتمع الخارجي. د.موضي الخلف متحدثة مع الطلاب والطالبات المبتعثين الى الولاياتالمتحدة ضرورة حتمية واضافت أنه لا يوجد فرق بين دور المرأة في الداخل ودورها في الخارج، مضيفةً أنه رغم قصر الفترة الزمنية التي بدأت فيها المرأة مشاركتها الفاعلة داخل المجتمع، إلا أنها حققت إنجازات كبيرة ونجاحات متميزة في كل المجالات التي عملت فيها، كما أثبتت تفوقها في كل ما أُسند إليها من مسؤوليات، مبينةً أنه لا يختلف الأمر بين عملها في السفارات أو في غير السفارات، طالما أنها تضع بين أولوياتها أن عليها مسؤولية ينبغي أن تنفذها على أكمل وجه، مؤكدةً أن عمل المرأة في السفارات ضرورة حتمية لا ينبغي تجاهلها، فهي نافذة نصف المجتمع على العالم، وهي التي تمثل بلادها بموضوعية ومصداقية في مجالات هامة ربما لايستطيع غيرها أن يقوم به. فخورة بعملي وأشارت إلى أن عملها يعني لها الشيء الكثير، فهي حقاً سعيدة وفخورة بهذا الدور الذي تشارك فيه كإمراة لخدمة بلدها في هذه البقعة من العالم المتقدم والمفتوح على كل الثقافات، والمليء أيضاً بالصور النمطية السلبية عن المرأة بالتحديد، ليكون لها شرف الدفاع عنها والتحدث باسمها، مضيفةً: "أنا لا أهتم كثيراً بفكرة الريادة، فقد سبقتني الكثيرات في مجالات متعددة لاتختلف كثيراً عما أقوم به، بل وحققن نجاحاً كبيراً فيه"، مشيرةً إلى أن استخدام هذا المصطلح يعني بخس الفترة الزمنية التي وثقت فيها الدولة بقدرات المرأة وإمكانياتها، وسمحت لها بالمشاركة مع الرجل في التنمية والتطور، وهي فترة لا يمكن أن تؤرخ منذ بداية التحاقي بالعمل في الملحقية أو حتى قبل ذلك كأستاذة جامعية. محوران أساسيان وقالت إن عملي يعتمد على محورين أساسيين، أولهما المحور الثقافي الذي يقوم بمد جسور للتواصل الثقافي مع المؤسسات والأفراد والمجتمع الأمريكي بشكل عام، حيث يتم هذا التواصل من خلال المؤتمرات واللقاءات والندوات والمعارض التي تقيمها أو تشارك فيها الملحقية الثقافية، وكذلك الأندية الطلابية والتي بلغت حتى الآن نحو 130 نادياً موزعين في مختلف الجامعات داخل معظم الولاياتالأمريكية، مؤكدةً أنهم دائماً ما يستعينون بالعنصر الطلابي، وهو مشارك فاعل في كل أنشطتهم، بل ويعتبرونه عنصراً غاية في الأهمية في توصيل الصورة الحقيقية الحضارية للمجتمع السعودي داخل المجتمع الأمريكي، ذاكرةً أن المحور الثاني يتعلق بالمحور الاجتماعي والذي يقوم أساساً على متابعة الحالات الإنسانية والاجتماعية والنفسية والقانونية للمشكلات التي قد تواجه بعض الطلاب أثناء دراساتهم، إما بسبب الصدمة الثقافية أو لمشكلات أخرى تتعلق بالإقامة أو عدم الانتظام في الدراسة أو حتى المشاكل العائلية، وكلها مشاكل واردة وتحدث دائماً في كافة المجتمعات. السفير الغامدي: حضور المرأة لتمثيل وطنها أكثر من رائع الكفاءة والخبرة وتحدثت "د.سمر السقاف" مديرة قسم البرامج الطبية والعلوم الصحية بالملحقية الثقافية بسفارة خادم الحرمين الشريفين ب"واشنطن" عن تجربتها قائلةً: يعتبر العمل في الملحقية هو العمل في جامعة خارج حدود الوطن، بالإشراف على الطلاب مادياً وإدارياً ومعنوياً، حيث يعنى هذا القسم بالإشراف الأكاديمي على المبتعثين السعوديين في التخصصات الطبية المختلفة، مثل الزمالة للطب البشري والأسنان والصيدلة والطب البيطري، بالإضافة إلى التمريض والعلاج الطبيعي وتخصص الأشعة، إلى جانب التغذية العلاجية وغيرها مع نخبة من المشرفين الأكاديميين، وكذلك متابعة التواصل مع الجامعات الأمريكية لعمل اتفاقيات لقبول الأعداد المتزايدة من الطلاب، مؤكدةً أنها لا تواجه صعوبات في طبيعة العمل، ولكن تبدو الصعوبة عند محاولة التأقلم على الغربة والأنظمة الجديدة، ومحاولة الاستقرار بالأسرة في سبيل خدمة الوطن، مبينةً استحقاق المرأة السعودية للعديد من الوظائف القيادية في السفارات الخارجية، إذ يجب أن يكون التفكير بالكفاءة والخبرة، وليس بالجنس رجلاً أو امرأة، فإذا وجدت الكفاءة المناسبة في الموظفة ولديها كل المواصفات القيادية والإدارية، تعطى الثقة والصلاحية ليكون النجاح حليفها بعد توفيق الله عز وجل. د.موضي: فخورة بخدمة وطني د.سمر: الصعوبات مذللة دراسة العلوم الدبلوماسية وترى "د.سمر السقاف" أن الكثير من زميلاتها لديهن المهارات المطلوبة، موضحةً أن المرأة أصبحت موجودة ككاتبة وطبيبة وباحثة ونائبة وزير، وسنراها مستقبلاً سفيرة وقائمة بالأعمال، مشددةً على ضرورة فتح أقسام بجامعاتنا لدراسة العلوم الدبلوماسية والعلاقات الدولية، وذلك من منطلق أهمية هذه التخصصات التي تزيد من فرص عمل المرأة، متمنيةً أن ترى جائزة وميدالية للانجاز في البحث العلمي والجودة وغيرها، لأن هناك الكثير من المخلصين من نساء ورجال استطاعوا أن ينجزوا الكثير لبلدهم في مسيرة حياتهم، حتى نقول في النهاية: "للمحسن أحسنت"، ونعطي للأجيال أمل أن لكل مجتهد نصيب. دور الملك عبدالله وتقول "سميرة الشهراني" باحثة إعلامية في سفارة المملكة في القاهرة: إن العمل في السفارات الخارجية هو تحقيق لذات المرأة عربياً ومحلياً، ونطمح أن يكون عالمياً في ضوء تعاليم الدين الحنيف وحدود عاداتنا وتقاليدنا، وتحت راية مليكنا خادم الحرمين الشريفين، فقد كُرمت المرأة في المملكة في عهده أيما تكريم، وله الفضل بعد الله في توطيد خطوات المرأة والنهوض بها لما فيه مصلحة الوطن، لتتقدم على المستوى العالمي في مواءمة تامة بين هويتها وبين تطلعات تنموية وثقافة محلية وعربية، مشيرةً إلى أن المرأة ظُلمت من الإعلام العربي والعالمي بما يغاير صورتها الحقيقة في الواقع المعاش، ومن الطبيعي أن تكون هناك عقبات تواجهنا، لأن هذا الدور ريادي وطليعي ولكن وجدنا المساندة من قبل المسؤولين في الخارجية. السفير صالح الغامدي دعم القيادات وأوضحت "سميرة الشهراني" أنه قد بدأ توسع مجالات عمل المرأة مقارنة بالماضي، وذلك بفضل الله ثم بفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ثم بفضل ذلك الوعي التنويري من قبل رجال وزارة الخارجية ورجال الإعلام عامة، والذين استطاعوا بذل جهد كبير في المواءمة بين الدين والدولة، وبين أمور التقدم والوعي التنويري والثقافي، وكذلك بين الأخذ بتلابيب المشاركة الفعالة والاستفادة من دور المرأة ووعيها وتعليمها، أي أنه تطوير شامل لوضعها ومشاركتها الإعلامية، مع الحفاظ على دينها وكرامتها وهويتها، لافتةً إلى أنه من خلال تجربتها الشخصية تود التنويه إلى أن المرأة لم تنل فرصتها في العمل والتوظيف إلا من خلال دعم القيادات المستنيرة في مختلف المجالات، مؤكدةً أن "هشام محيي الدين ناظر" سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة مؤمن بدور المرأة في المجتمع، وضرورة تعزيز مساهمتها في العمل، ولذا فقد شهد عدد الموظفات في السفارة السعودية بالقاهرة منذ توليه قفزة تعكس حالة التطور التي تشهدها المملكة ككل. طموحة ومتطلعة وأشاد "صالح الغامدي" سفير المملكة لدى اليونان بكفاءة الموظفات في السفارة، حيث ذكر أن هناك حتى الآن موظفتين إحداهما تعمل في المحاسبة والأخرى في الترجمة، وقد قدمن جهودا عالية في الأداء والحضور المشرف، الذي ينعكس من خلال حرصهما على التمسك بالهوية الإسلامية والعربية، مؤكداً أن الواقع أثبت أن المواطنة لا تختلف في أداء عملها عن المواطن الكفؤ وجميعهم عند مستوى المسؤولية الموكلة لهم، مشيراً إلى أن المرأة طموحة وتتطلع دائماً إلى شغل مناصب رفيعة بالوزارة، تساهم في خدمة وطنها، فهي دائمة الاستعداد للعمل الوطني الجاد أينما كان. د.هيفاء جمل الليل تجربة مميزة وشددت "د.هيفاء رضا جمل الليل" مديرة جامعة عفت في جدة على أهمية الخطوة التي تأتي إيماناً بضرورة التواجد النسائي في سفاراتنا في الخارج، حيث تقول: نفخر كثيراً حينما نرى موظفات مواطنات يسهمن في تعريف العالم الخارجي بالدور الحقيقي لمشاركتهن في التنمية الوطنية، بل ويثلج صدورنا ما وجدناه من صور واقعية لتلك المشاركة الفعالة، والمتمثلة في القسم النسائي في سفارتنا في الخارج بلندن وغيرها، حيث لمسنا الدور الريادي والاحترافي في معالجة قضايا المواطنات المقيمات، مؤكدةً على أهمية هذه الفرص الوظيفية التي تقدم للعالم الخارجي الصورة الحقيقية للمرأة المواطنة والمحافظة على هويتها الدينية، وذلك بحرصها على خدمته خارج حدوده الجغرافية، وهي بذلك سفيرة لمجتمعها، لهذا لابد أن تكون على قدر من المسؤولية في تمثيل الوطن.