ذكرتْ هيئة التحقيق والادعاء العام أنها ضبطت خلال عام فقط 3000 قضية فساد لموظفي الدولة وتوزعت القضايا مابين رشوة وتزوير واختلاس ، والتفريط في المال العام. ولقد أقفلت هذه القضايا بعد أن بتّ فيها عبر أحكام قضائية تراوحت مابين أحكام جنائية وتأديبية وإدارية.. والكشف عن قضايا الفساد يحسب للهيئة ولكن لا ينبغي على الوزارات والجهات الحكومية أن تعتمد على الهيئة فهي أيضا مطالبة بتفعيل نظامين مهمين الأول: تحفيز الموظف بالكشف عن معاملات الفساد بتكريمه وترقيته وزيادة راتبه ومنحه مكافأة مجزية نظير أمانته وإخلاصه وولائه لعمله، والثاني ضمان حمايته من أن تطاله أيدي الفاسدين بعد التبليغ عنهم. وأعتقد أن وزارة الصحة كانت سباقة في الإعلان عبر وسائل الإعلام عن تكريم موظفيها الذين قاموا بالإبلاغ عن عمليات فساد منهم الموظفة السعودية التي كانت تعمل في شركة مشغلة لإحدى المستشفيات الحكومية حيث اكتشفت تلاعب الشركة بمعلومات مغلوطة تقدمها للوزارة وعلى ضوء تلك المعلومات تم اختلاس ملايين الريالات، وأيضاً تكريم احد موظفي الوزارة بعد تعرضه لعملية رشوة بقيمة 500 ألف ريال من إحدى الشركات المتخصصة بتوريد أجهزة التعقيم والنظافة مقابل إرساء مناقصة كانت قد وضعتها الوزارة لهذا الغرض. وأيضا تكريم موظفين في مستشفى الملك خالد للعيون تم منحهما مكافأة مالية مجزية لأمانتهما وإحباط عملية الرشوة التي قدمت لهما من إحدى الشركات التي حاولت تمرير مخالفات نظامية لإحدى المناقصات.. تكريم الوزارة يحسب لها كمبادرة في رسم سياسة تكريم الموظف في القضاء على الفساد. ومن جهة أخرى على ذات السياق أستغرب أن يكون لوزارة العدل خط آخر مختلف في التعامل مع موظفيها في الكشف عن قضايا الفساد فنستنتج من قضية الموظف بالمحكمة الجزئية بمكةالمكرمة الذي أقام الدعوى ضد وزارة العدل نتيجة مطالبته بتعويضه بمبلغ مالي يصل إلى خمسة ملايين ريال وذلك على خلفية رفضه قبول رشوة قدمها له رجل أعمال بالتعاون مع موظف آخر في نفس المحكمة لتزوير صك شرعي للاستيلاء على ارض حكومية في مكة ، وأعتقد أن الوزارة تعاملت مع قضية الموظف من منظور خمسة ملايين ريال وليس من منظور ( باب كشف الفساد في مصالح العباد) التي أصبحت تشهدها أروقة المحاكم في ازدياد قضايا تزوير الصكوك وحجج استحكام الأراضي والأملاك وأتعجب أن وزارة العدل تخوض في قضايا ومطالبات هي اذكى أن تكرم الموظف وتعوضه بمبلغ يتناسب مع القضية بدل رفض الدعوة وجعل الموظف يستمر في مقاضاة الوزارة في طلب التعويض المادي ورد اعتباره الذي هو من حقه. تكاتف المجتمع في اجتثاث الفساد واجب وطني لكل موظف يتعرض أو يقع في مثل تلك العمليات أصبحت طرق التبليغ عنه أسهل وخاصة بعد أن أعلنت وزارة الداخلية رقماً هاتفيا خاصاً لتقديم البلاغات (980) عن الفساد الإداري والرشوة والتزوير وان المباحث الإدارية في وزارة الداخلية هي من يتولى استقبال مكالمات المواطنين والمقيمين عبر دائرة مختصة تبدأ أعمالها التأكد من صحة البلاغ ومن ثم التحري والتدقيق وضبط المتورطين .. حمى الله بلادنا وأمننا ومصالح الناس من كل فساد.