عندما تريد أن تكون فارسا مغوارا ولكن لا تملك الخيل، وتكون خطيبا مؤثرا وليس ثمة فصاحة لسان، وتريد أن تحدث تغييرا ملموسا وليس لديك سلطان، فان الله لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم، فابدأ بنفسك، ثم لم لا تنفض الغبار عن كاميرتك لتصور بها، وتخرج ما صورته اخراجا فنيا من خلال كمبيوترك، لترفع ما انتجته الى العالم قاطبة من خلال يوتيوب، وتجعل المئات بل الالاف بل الملايين تشاهده، ويكون حديث وسائل الاعلام نقدا وجرحا وتعديلا.. حتى وكأن المتنبي قال فيك قولته المشهورة: انا الذي نظري الأعمى الى أدوبي ** واسمعت بودكاستي من به صمم. مع تنامي ظاهرة الاعلام الجديد، والذي ساهمت فيه ادوات الانتاج الرقمي؛ مثل برنامج صانع الافلام من مايكروسوفت أو برنامج اي موفي من ابل، وكلاهما مجاني، أو برامج شركة ادوبي الاحترافية، وتوفر قنوات التوزيع الرقمية؛ مثل يوتيوب وفيس بوك، أصبح كل فرد وكأنه جهة اعلامية مستقلة، يحاكي الجريدة بمدونته المكتوبة، ويحاكي الإذاعة بمدونته الصوتية، ويحاكي التلفزيون بمدونته المرئية. ما يميز يوتيوب، أنه رفع ملف الفيديو فيه بالمجان، حتى عشر دقائق، ولو كنت شريكا لهم لأعطوك المجال لتضع فيه مقاطع أطول ما دمت أنك تملك حقوق نشر هذا المقطع، دون شروط ولا قيود لحدود جغرافية، حيث يجعل كل العالم يشاهد ما ينتجة الافراد والمؤسسات على السواء. تابع الكثير انتشار فيلم (أوباما أطلق حميدان)، أعاده الله الى ربى، التي صنعت بدموعها ما يعجز عنه أمهر المخرجين، فسهولة انتاج الفيلم وسهولة توزيعه زادت من قيمته، بل حرك الكثير، وجعل الناس تتحدث عن القضية، حتى صار مادة دسمه للعديد من وسائل الاعلام التقليدية، ومثله فيلم (انشقاق) والذي انتجه، رائد السعيد، في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيلم (ارهاب الشوارع) والذي انتجه، علاء الكتوم، وغيرها الكثير من المقاطع التي تركت أثرا في مشاهديها. في التعليم لدينا، تخيل أن المدرسة استبدلت دفتر مادة التعبير بقناة على يوتيوب، بحيث يلزم الطلاب والطالبات برفع مقطع فيديو عن موضوع كل اسبوع على يوتيوب، به أصوات وصور ومؤثرات فنية، ويتم تقييمه وفقا لعدد المشاهدات وتعليق المشاهين. إلا أنها ستكون نقلة نوعية في التعبير، وفرصة لتوصيل ثقافاتنا الى العالم، ولو سميت مادة التعبير لتكون مادة التدوين، وليصبح التعبير أبلغ في كل مرحلة دراسية، فالتدوين يكون مكتوبا (في مدونة)، ثم تعبيرا صوتيا (بودكاست تتناقله اجهزة اي بود والعديد من الهواتف المحمولة)، وأخيرا تعبيرا مرئيا (في يوتيوب أو فيس بوك). ونظرا لان يوتيوب كانت ولازالت تبحث عن نماء أموالها، فانه وبالرغم من عدد المقاطع المخزنة فيها، وعدد القنوات المشاركة معها، إلا أن يوتيوب قامت مؤخرا بتجربة جديدة، وهي البث المباشر، الأمر الذي يعني أن يوتيوب ستكون منصة لبث القنوات التلفزيونية بدلا من الاقمار الصناعية، اذ سوف نشاهد مقاطع فيديو تبث مباشرة على الهواء من موقعهم، بل سيتطور الأمر، اذ إنه سوف تستبدل أجهزة الاستقبال (satellite receiver) بجهاز جديد اسمه (STB)، يوصل به سلك الانترنت بدلا من سلك صحن الاستقبال، لتشاهد منه القنوات التلفزيونية مباشرة من يوتيوب وغيرها من شركات البث التلفزيون عبر الانترنت، وهو مقدمة لعصر جديد لما يعرف بتلفزيون الانترنت أو التلفزيون التفاعلي.