الفترة الزمنية التي يقضيها الطالب أو الطالبة في المدرسة ليست بالقصيرة، وبالتأكيد سيكون الطالب في حاجة إلى وجبة غذائية، إن التغذية المدرسية هي محل اهتمام كبير في مختلف دول العالم في الوقت الحاضر، وكذلك المنظمات الدولية ذات العلاقة بالشأن التربوي والصحي للأطفال، بل أصبحت تعقد لها المؤتمرات والندوات لتطوير الوعي الثقافي بأهمية هذه القضية التي يجب أن يراعى فيها كثير من الجوانب الغذائية والصحية. مشكلات صحية حول التغذية المدرسية تحدثت "خلود العيد" أخصائية التغذية بقولها: هناك عدة أمور هي محل الاهتمام والمناقشة في مسألة التغذية المدرسية، فأولاً يجب أن نجنب أبناءنا الأغذية الغنية بالمواد السكرية والدهون والإضافات الصناعية، لأن وجود مثل هذه الأشياء في الطعام وتعود الطالب عليها سيسببان له كثيراً من المشكلات الصحية في المستقبل، فالتعود على هذا النوع من الأغذية هو سبب رئيسي في انتشار السمنة عند الأطفال، والأطباء ما انفكوا يحذروننا من أن السمنة في هذه المرحلة العمرية هي أخطر من السمنة المتأخرة، لافتةً أن منطقة الخليج عموماً هي من أكثر مناطق العالم إصابة بمرضي "السكر" و"الضغط"، والأطباء والمؤسسات الصحية يشيرون إلى أن السبب هو كثرة المواد السكرية والدهون في وجباتنا الغذائية، وبالتالي فمن الضروري إصلاحها. تسوس الأسنان وشددت "خلود العيد" أنه يجب أن لا ننسى مشكلة تسوس الأسنان عند الأطفال، حيث وصلت إلى مستويات عالية جداً، فأطفالنا عموماً يستهلكون كثيراً من الحلويات والمشروبات الغازية، وعلينا أن نتيح لهم خيارات أخرى تجنبهم هذا الاستهلاك المفرط لها، والاستعاضة عنها بالحليب والعصائر الطازجة والفواكه. حالات إغماء ويوضح البروفيسور "عبد العزيز العثيمين" عالم أبحاث تغذية في مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، أن التغذية المدرسية ليست طعاماً فقط إنما تعني التربية الغذائية وإيجاد عادات غذائية جيدة، والتخلص من العادات الغذائية السيئة، ليكون الطالب وسيلة إيصال المعلومات والممارسات الغذائية الصحيحة للمنزل، حيث إن المدرسة هي المكان الذي يقضي به الطفل معظم نهار يومه، مضيفاً أنه يسمع عن العديد من حالات "الإغماء" التي تحدث في المدارس وخاصةً للطالبات، نتيجة الإصابة بفقر الدم ونقص السكر لديهن، بسبب عدم تناول الإفطار أو عدم توفر غذاء مناسب لهن بالمدرسة، مشدداً على ضرورة الاهتمام ب"المقصف المدرسي" أكثر وإعداده سواء من ناحية المبنى أو التجهيزات الخاصة به أو نوعية الأطعمة المقدمة، مع إبعاد كل ما يثبت ضرره خاصة المشروبات الغازية أو "المقرمشات" باختلاف أسمائها أو المشروبات الملونة، إلى جانب التأكد من نظافتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي، بحيث يكون مكاناً ملائماً لتناول الوجبة المدرسية ومكان راحة للطالب أو الطالبة، وكذلك يصبح مكان توعية وتثقيف، وهذا من الآمال أو الأحلام التي نرجو أن نجدها في مقاصفنا المدرسية لتكون المخرجات جيلاً صحياً واعياً. طلاب يقفون أمام المقصف انتظاراً لشراء وجباتهم مادة تربوية وحول الوجبة المدرسية أكد "العثيمين" على أن تكون مادة تربوية بمعنى أن تصبح وسيلة لتعليم الطفل طريقة وآداب الآكل، واختيار الأنواع وتعويده على التنوع، إضافة لكونها مغذية، وأن تكون معدة إعداداً جيداً يراعى فيه اشتراطات السلامة، بالإضافة إلى أن تلبي رغبات الطلبة في حدود أن تكون مغذية ومفيدة لهم، وأن تقدم بطريقة تربوية تحقق ما يسمى التربية الغذائية. جدال دائم وعن موضوع التغذية المدرسية التقت "الرياض" ببعض الأمهات لمعرفة آرءاهن حول الوضع الراهن للتغذية الحالية في المدارس، حيث تقول "ريم عبد الله" - أم لثلاثة أبناء -: إن التغذية المدرسية تعتبر الجدال الدائم بين الأهالي والأبناء، فالأم ترغب في الاختيار الصحي لأبنائها وهم يرغبون في تقليد زملائهم و مباهاتهم في من يحصل على مصروف أكثر، ومع الوقت يصبح التقليد عادة يصعب تغييرها، هذا بخلاف المضاعفات السلبية على أبنائي من السمنة وسرعة الانفعال والشكوى المستمرة من قصور في فهم الدروس والتكيف مع أقرانهم. ليس هناك تجديد وتوضح "زينب الأنصاري" - طالبة في المرحلة المتوسطة - أن الأطعمة في المقاصف المدرسية جيدة لكنها محدودة، فليس هناك تجديد ولا تغيير، فأنا أكتفي بالشراء من المقصف لكي أتناول الوجبة مع صديقاتي، مؤكدةً أن أغلب الوجبات المدرسية في المدارس الحكومية غير صحية فهي تسبب الخمول والبدانة، مما تؤدي إلى قله التركيز وفقدان الطاقة، كما أن الأهالي لا يسعون لنشر الوعي الغذائي على مستوى الأسرة، مشددةً على ضرورة اختيار الوجبات الصحية بحرية ودون تدخل أي بقناعة تامة، فلا يكون الاختيار إجباري. مسؤولية تكاملية وقالت "مها العتيبي" - معلمة المرحلة الثانوية -" إن بعض المقاصف تقدم وجبات غير صحية للطالبات كالحلويات" و"الساندويتشات المحشوة بالكاكاو"، كما أن بعض الطالبات يسعين للتزاحم أمام المقصف بدافع التقليد ويشترين الأطعمة حسب اختيار زميلاتهن، منبهةً إلى أهمية الوجبة الصحية للطالبات وأثرها على التركيز الذهني فهي تسهل العملية التعليمية في مجملها، وتحميهم بإذن الله من الأمراض، لافتةً إلى أن التوعية الغذائية مسؤولية تكاملية بين المنزل والمدرسة، ويفترض أن تتضمن برامج تعزز الاختيار الصحي للوجبات بمكافأة الطالبة ذات الوعي الغذائي.