في الماضي الجميل وفي صباح يوم العيد، ينتشر الأطفال فرحاً بعد الصلاة، حيث يرتدى الأولاد الثوب الأبيض والطاقية الزري، ويطلقون الألعاب النارية في شوارع الحارة أو فوق سطوح المنازل، بينما البنات يتباهين بالحناء والملابس الزاهية، وتزداد فرحتهم عندما يشاركون ذويهم زيارة الأقارب والأصدقاء لتهنئتهم، ولكن في الوقت الراهن أصبح تواجد الأطفال في مناسبات الأعياد يحتمل قولاً آخر، من خلال هذا التحقيق كان التباين واضحاً في وجهات النظر. موقف محرج تقول السيدة "مها السهلي" -أم لأربعة أبناء- "قبل سنتين كنت في زيارة إحدى قريباتي لتهنئتها بالعيد، وقد اصطحبت معي أبنائي، ولكن ابني الكبير الذي لم يتعد عمره التسع سنوات تسبب في كسر بعض التحف الثمينة التي كانت وسط المنزل أثناء لعبه مع عدد من الأطفال، وشعرت وقتها بالحرج؛ لذلك قررت مع شقيقاتي أن يبقى أولادنا في منزل والدتي مع الخادمات لحين عودتنا من واجب التهنئة، فالناس لا يتحملون أطفالهم حتى نضايقهم بأطفالنا، كما أني أعتقد أنه من اللباقة أن نراعي كبار السن، حيث يحتاجون للهدوء وليس سماع صراخ الأطفال في كل مكان! العيد للجميع ويصف "مشعل القحطاني" يوم العيد، قائلاً: "أحرص على أن يرافقني أبنائي لصلاة العيد، ثم نلتقي مع الجيران في مائدة كبيرة نشترك جميعاً في إعدادها من مالذ وطاب من الأكلات الشعبية، وكذلك القهوة العربية، ورائحة العود تنتشر في أرجاء المكان ونحن نتبادل التهاني والأحاديث الودية، وبعد الانتهاء من حق الجيران انتقل مع عائلتي إلى بيت والدي، حيث يجتمع الكثير من الأقارب للسلام والمعايدة". ويضيف:" كم أنا سعيد بفرحة أبنائي وهم يشاركوني المناسبات الاجتماعية، فهذا ينمي لديهم الحرص على صلة الرحم والتواصل مع الآخرين، فكما تربينا على ذلك نحاول أن نعلمه لأبنائنا، فاجتماعات العيد يجب أن تشمل الجميع صغارهم وكبارهم". مواقف متباينة أما الطفلة "أرام الزهراني"، فتقول: "اشتريت الكثير من الهدايا لأبناء أعمامي وأخوالي الذين سوف أشاهدهم أول أيام العيد في استراحة العائلة، حيث نتبادل الألعاب والحلوى، و في المساء أشارك في استقبال المدعوين من الأقارب الذين حضروا لمعاديتنا.. ما أجمل أيام العيد فهي تجمع أناس لا أرهم اغلب أيام السنة". بينما لاترى "نوف" فائدة من أصطحاب أطفالها معها لحضور تجمعات الأعياد؛ معللة أن أولادها مازالوا صغاراً ولا يعرفون أهمية تلك الاجتماعات، بل يرهقوننا بصياحهم وواجب العناية بهم، ولكني في المساء أرافقهم للمدن الترفيهية ليشعروا بالفرح كباقي اقرأنهم عندما يمارسون معهم اللعب الجماعي. ويقول "حمود الحارثي" -طالب في المرحلة المتوسطة- منذ الصغر لم يكن والدي يرحمه الله مهتماً بوجودنا معه في ولائم الأعياد؛ لذلك لست حريصاً على حضور المناسبات الخاصة بالأقارب والتي يتم دعوتي لها، فأنا لا أشعر كثيراً بانتمائي لهم!. العيد مناسبة للتربية وعن الآثار الايجابية والسلبية التي تعود على الأطفال نتيجة مشاركتهم في المناسبات الاجتماعية تقول "بدرية العسيمي" المشرفة التربوية للتوجيه والإرشاد الطلابي: "هناك مقولة دائماً ارددها (قل لي أشياء وسأنساها، ولكن أشركني بها فلن أنساها)، فمشاركه الأطفال في المناسبات الاجتماعية لن ينسوها أبداً؛ لأنها تدخل السرور في نفوسهم، وتكسبهم خبرات في التعامل والاحتكاك مع الآخرين، مما يولد لديهم ثقة عالية بالنفس تساعدهم على حل الكثير من المشاكل التي تصادفهم، كما تكسبهم صفه المبادرة في العمل والإبداع في كيفيه التنفيذ وتبادل الأفكار الجماعية، والعكس من ذلك، الآثار السلبية، فهي تولد لدى الأطفال التكاسل والاتكالية على الغير؛ لعدم إسناد مسؤوليات اجتماعيه لهم، كذلك الشعور بالعزلة والبعد عن المجتمع، وبالتالي الجهل بالعادات والتقاليد التي نعتز بها، إضافة إلى القطيعة بين الأقارب والأصدقاء والجيران، فمن المهم أن يشعروا أن لهم رأياً وقيمة وكياناً وأنه شخص مهم.