يظل «الشايب» كبير العائلة هو من يمسك بزمام الأمور في الأعياد، بعد أن أوشك الشباب على التفريط باجتماع الأسر إما بالسهر طوال الليل ثم غيابهم عن الحضور صباح يوم العيد، أو الاكتفاء بتهنئة الأقارب والأصدقاء برسالة نصية من الهاتف المحمول، أو بالسفر إلى الخارج، بينما نجد أن «الشايب» هو من يجمع الأقارب بل يظل يسأل عن الصغير والكبير، وربما يصل به الحال إلى التأثر من عدم حضور ابنه أو ابنته أو قريبه لأي سبب كان، مما يجعل الكثير من الشباب متمسكاً بالمعايدة حضورياً لأجل خاطر الشايب، في المقابل نجد في بعض المدن الكبيرة أن فرحة صباح العيد مفقودة لعدة أسباب منها تباعد العائلات، أو أن العمل بالنسبة لرب الأسرة قد حرمهم الذهاب إلى القرية أو الديرة التي يتواجد فيها أغلب العائلة، وبهذا تجد هذه الأسرة أن المعايدة لوحدها مملة، فتخلد إلى النوم حتى يأتي المساء من أجل الذهاب إلى المنتزهات أو الأسواق، بينما تفتقد بعض الأسر إلى المكان الذي يجمعهم في ظل ارتفاع أسعار الاستراحات وصغر الشقق التي يسكنها الكثير منهم، لتلتزم كل أسرة بالبقاء في مسكنها. يقول «أبو عبدالرحمن»: قبل ثلاثة أعوام كنت مضطراً للبقاء في منزلي في أحد المدن الكبيرة من أجل العمل، وكان هذا أول عيد يمر بي في غير محافظتي، مضيفاً أنه كاد يُجن من الوحدة، الأمر الذي دعاه إلى زيارة أحد أقاربه في نفس المدينة، لكن يبدو أن هذا القريب قد اعتاد على النوم في الأعياد، فلم يكن هناك مجيب لقرع الجرس، مشيراً إلى أنه عند مقابلته في المساء أخبرني أن المعايدة هنا تتم في المساء فقط ولليوم الأول، والحقيقة أنه ما أن انتهى عملي حتى ذهبت أنا وعائلتي إلى محافظتنا وأكملت العيد هناك. ويؤكد «أبو سعد» أن الوالد هو من يجمعهم في الأعياد، فهو حريص على أن نجتمع جميعاً في كل عيد، وأن حصل أن كان لدي عمل فإنني أقوم بتوصيل العائلة إلى «الديرة»، فهم لا يرون العيد إلا بين أقاربهم وفي قريتهم الصغيرة التي تحتفظ بالعادات القديمة والجميلة التي لا يمكن أن يكتمل العيد إلا بها. ويوضح «حسن محمد» أن والده ووالدته متوفيان، لذلك لا يرى في العيد بهجة كغيره، وأنه يتواصل مع أقاربه وأصدقائه برسالة نصية تحمل التهنئة بهذا العيد، مبيناً أنه عند فقده لوالدته وهو لا يجد للعيد طعماً ولا راحة، ففي السابق كنا نحتفل في منزلنا الكبير، باجتماع الصغير والكبير، بل وفرحتنا لا توصف ولكن رحم الله من كان يجمعنا. من جهته تحدث «ناصر بن موسى»، قائلاً: إن رسالة جوال إلى أقاربي تكفي، فأنا اعتدت النوم صباح كل يوم في رمضان، وفي العيد لا أجد جديداً في أن أصحوا مبكراً، فبُعدي عن الأهل بسبب العمل يجعلني أغط في نوم عميق، بل وأقفل الجوال بعد أن هنأت الكثير عبر العديد من الرسائل. ويقول «راشد بن عبد الله»: والدنا يمنعنا من النوم في العيد، ويشترط وجودنا معه في استقبال المهنئين، ولا أخفيك اني أعد الساعات والدقائق من أجل أن أخلد إلى النوم، وإن حصل أن تعذرت بعمل فهذا جميل، مضيفاً أن وجود ابن عمه معه في العمل يمنعه من الاعتذار، وعموماً العيد مع الوالد والوالدة فيه سعادة لاتوصف، وإن حصل تقصير في الحضور والمعايدة في الصباح فهذا تكاسل وتقاعس عن الواجب منا. وفي السياق ذاته أوضح أحد كبار السن أن العيد في القرى والمحافظات الصغيرة له طعم آخر، بالرغم من أنني أنتقد بعض تصرفات الشباب في هذا الوقت، فتجد بعضهم يتخلف عن الحضور صباح اليوم الأول بسبب النوم، وبعضهم لا تجده ولا حتى تسمع صوته، بل عندما تسأل عنه يقولون فلان أرسل رسالة يهنئك بالعيد، مؤكداً أن هذا يعتبر من الأسباب التي باعدت بين الأقارب، بل وتفقدنا فرصة الالتقاء في هذه المناسبات الجميلة، فنحن لا بد أن نكون قريبين من بعضنا البعض في ظل الانشغال الدائم سواء بالأعمال أو الدراسة أو غيرها، وأقولها بكل صراحة يجب على كبار السن التمسك بذلك ومصارحة الأبناء والحديث عن العيد قديماً، والتنبيه على فضل هذه الأيام من أجل أن يحافظ الجميع على تماسك الأسر وعدم تباعدها، وألا يركن الجميع إلى رسائل الجوال حتى لا يكون ذلك مدعاةً لتفكك الأسر.