المدينة التي تمكن الدانمركي رونكيير من دخولها عام 1912م وتقديم وصف جيد عنها وعن أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية كانت الزلفي فقط بحكم وجود ادلاء من ابنائها رافقوه من الكويت , حتى في بريدة المدينة الرئيسية والمهمة في أجندته لم يتمكن من مغادرة اسوار قصر الحاكم فكان كل ماخرج به هي فقط طريقة الاستجواب التي اخضع لها في تهمة البحث عن الكنز المدفون ونظرة خاطفة غافل بها الحراس من على السطح شاهد جزءاً صغيراً من المدينة استطاع رسمه سريعا لهذا انصرف في بقية رحلته الى الاهتمام بوصف تضاريس وجغرافية الارض والاحداث التي واجهته في الطريق منذ انطلق من بريدة حتى وصوله الرياض هنا يقول في كتابه عبر الاراضي الوهابية مستكملا ما بدأناه الاسبوع الماضي : قابلنا فهد قبل أن ندخل الغاط وقادنا في نصف دورة حول المدينة حيث اقمنا معسكرنا جنوبالمدينة . أحضر لنا فهد طعاماً من المدينة رغم انه لم يكن هناك اتصال بيننا وبين السكان عدى تلك الرؤوس التي كنا نراها تعلو وتهبط تتطلع نحونا بفضول من الاماكن المرتفعة حولنا. زارني أمير الغاط قبيل المساء كانت المقابلة جافة ولم يتفوه الرجل بأكثر من عشر كلمات كما انه احضر معه شيخاً هرماً بادي العداوة نحوي كنت قد رأيته قبل ذلك بيوم في بيت عبد العزيز بالزلفي . لقد جاء ذلك الرجل ركضاً الى الغاط ليهيئ الناس هنا لاعداد استقبال حار لي . وهو ما جعل الرجلين اللذين لحقا بنا أمس يسلماني خطاب التحذير . لقد كان من دواعي سروري ان أشرب القهوة مرة ثانية مع هذا المتطرف العجوز . غادرنا الغاط في الصباح واتخذنا طريقاً متعرجاً بين التلال وعبرنا اودية متقطعة الى ان وصلنا ضاحية قرب الغاط حيث ينتهي الوادي فجأة اخذت جمالنا تتسلق بصعوبة حتى صعدنا هضبة طويق قبل الظهر وصلنا الى وادٍ يقطع التلال وبه واحة تسمى الخيس ثم وصلنا وادياً آخر يدعى الروضة رأينا به أطلالا لأبراج وحيطان قديمة واستأنفنا السير حتى وصلنا المجمعة في الخامسة مساء . عبرنا الوادي الذي تقوم في بطنه تلك الواحة الواسعة واقتربنا من المدينة المحاطة بأسوار وابراج والمقامة على تل صخري يشرف على الجانب الجنوبي من الوادي . قادونا تحت نظرات الاستطلاع الفضولية من السكان الى منزل تابع للامير قرب السور . استقبلت استقبالا طيباً وزارني الامير بنفسه وهو رجل في منتصف العمر دمث الاخلاق واسمه عبد الله بن عسكر تحدث الامير مع فهد وكانا متجهمين . لم تكن معنويات رفاقي عالية بل كانت منخفضة بمقدار درجتين خصوصا ان الطريق الى جلاجل ليس آمناً اذ ذبح فيه منذ ايام فقط رجلان . استأنفنا الرحلة صباحاً شرقاً وسط بساتين من الخضرة ثم صعدنا حزماً يقع على قمته ( رجم ) عندما يمر به المسافرون يضيفون مزيداً من الحجارة فوقه حيث يقولون إنه المكان الذي رجم فيه اعرابي اعتدى على أخته. كنا نمر طيلة اليوم على واحات كانت الاولى هي التويم التي يبدو من آثارها انها كانت اهم مما هي الان . وفي الوادي نفسه مررنا على اطلال واحة الروضة التي بدا ايضاً مما بقي من سورها وآبارها انها كانت كبيرة . في وادٍ آخر مررنا على واحة صغيرة تسمى الحصون ثم بعد مسافة قصيرة ثلاث واحات أخرى هي حوطة سدير والجنوبية والعطار . عبرنا حزما آخر الى العودة وهي الان صغيرة لكن آثارها وبقايا اسوارها تشير الى انها ذات ماض عريق . مرة أخرى نتحرك وقبل منتصف الليل تتراءى لنا أطياف أسوار واشجار نخيل ونصل الى فضاء واسع خارج الاسوار . لقد وصلنا الى واحة ثادق . كان الجميع نياماٌ ولا يسمع الا غناء الصراصير في ارجاء الواحة . عند طلوع شمس ذلك النهار ننقل معسكرنا الى مكان آخر خارج البلدة حيث ننتظر ساعتين لكي يعود فهد ويأتي لنا بمبعوث الامير . ونغادر المكان وبصحبتنا عشرون راكبا عبرنا بعدها الصفرات. انضم الينا بالاضافة الى دليلنا في ثادق ( مطوع ) كان شاباً شديد التزمت بحيث بز حتى الوهابيين . كان يضع نفسه أمام القافلة نصف ساعة قبل وقت كل صلاة . ثم يضع ابهاميه في أذنيه ويؤذن للصلاة بصوت قوي لكن الرجال يبتسمون فقط بينما يستمرون في سيرهم وعندما ينتهي من الاذان يعدو سريعاً خلفنا وهو يصرخ بكلمات غاضبة.