تبنّت قصائد ضوئية قضية التصوير الدعوي طوال شهر رمضان المبارك، لتحفيز المصورين على التجديد والابتكار وإنعاش هذا الفن الذي غلبه التكرار والرتابة والجمود؛ ففي الجزء الأول تناقشنا مع الفنان مقبل المقبل، والفنانة منى عبدالله، عن ماهية التصوير الدعوي كمقدمة لسلسة ورش فنية لتطوير التصوير الدعوي. وفي الجزء الثاني قدم لنا الفنان صالح الدغاري ورشة جماعية أقامها مصورو منطقة نجران مشكورين، وقد أبدعوا في ابتكار أفكار فنية لقضايا دينية ومجتمعية هادفة. وفي هذا الأسبوع يقدم لنا الفنان المبدع والمتألق دائماً عمر عبدالعزيز (رفيع المقام) ورشة فردية قام بها مشكوراً؛ استجابة لدعوة قصائد ضوئية في تغطية جوانب جديدة وأفكار مبتكرة ونصائح ذهبية لخدمة التصوير الدعوي بأسلوبه المفاهيمي المميز. المبدع عمر عبدالعزيز عودنا بتقديم الدروس الفنية عبر موقعه الشخصي والمواقع الفوتوغرافية، الذي كان لنا حظاً وافراً من إبداعه وعلمه وخبرته.. مكانة التصوير أو التصميم الدعوي وأهدافه ونتائجه الفن الدعوي من الفنون التي تحمل مكانة عالية في المجال الديني قبل الفني وهو ليس للمتعة فحسب، وإنما لإحتساب الأجر عند الله تعالى الذي يقول في كتابه العزيز: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل: 125 وقد استطاع الفن الدعوي التعبير عن أمور قد لا توصلها الخطب والمحاضرات وأساليب الإقناع المحببة بنفس القوة، في حين أن الفنان بلوحة فنية دعوية راقية يوصل الدعوة (بالحكمة)، من خلال فكرة العمل الفني، وأيضاً (بالموعظة الحسنة) باختيار أفضل الألوان والأدوات داخل اللوحة التي تساعد على جذب المشاهدين من دون إكراههم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم. بالنسبة إلي أعد الفن الدعوي صدقة جارية، وعلما ينتفع به، وصدقة جارية؛ لما له من تأثير واستمرارية الدعوة والخدمة حتى وإن كانت بجملة بسيطة، أو بآية قرآنية ملصقة في أحد المساجد أو الطرقات، وكل من يمر بها يقرأها ويؤجر عليها، أما (علم ينتفع به) ففي مجال الدعوة كثير من النصائح والأذكار والعلوم والمواعظ التي لا حصر لها التي يمكن للفنان ضمها في لوحة فنية لتكون علما ينتفع به. الإضاءة والاستوديو الأسلوب الصحيح حدث معي موقفٌ أستطيع تسميته «نَشُدُّ الرحَال من أجل فَنِكم» سيتبين منه الأسلوب الصحيح الذي يجب أن نتخذه لهذا الفن: (كان المصممون والمصورن قد أعدوا الأعمال والصور الفنية الدعوية لشهر رمضان المبارك قبل بدايته، وبما أني اعتدت على تجهيز تصميمات أو صور رمضانية سنوياً؛ لم أعد شيئاً هذه السنة بسبب انشغالي. فسألني أحد الفنانين المسيحيين المتابعين أعمالي في الموقع العالمي للديفيانت آرت: لماذا لم تخرج لنا جديد شهركم الفضيل؟ قلت: أنتم لا تهتمون للأعمال الإسلامية؛ فوجودها فِي هذا الموقع موجه للعرب! قال بدهشة: ومن أخبرك أننا لا نهتم، هناك كثير من المبدعين بينكم يبرزون الأعمال الإسلامية لدرجة تلهمنا بكم هائل من الأحاسيس؛ نحن لا نقرأ لغتكم لكننا نحاول أن نقرأ ألوانكم وزخارفكم وصوركم، فهي تحمل كثيرا من المفاهيم التي قد لا تتوافق مع ديننا لكنها تتوافق مع إنسانيتنا، ما يحزنني هو عندما أجد من يستخدم (فن الدارك) لكي يسيء للأديان الأخرى، وأضاف: عندما بدأت الفنون الرقمية بين الهواة والمحترفين كان الهواة يسيئون لشخصياتنا التي نحترمها ثم بعد ذلك بدأت الإساءة للإسلام من قبل الدانمارك. وأردف قائلاً: يجب أن نتفق على ألا نسخّر الفن للانتقام أو للإساءة، فجميعنا لا يرضى أن يساء له بأي طريقة، فما بالك بلوحة فنية!. ثم أضاف: هل تعلم أننا نشد الرحال لأجل فنكم؛ نحن نذهب للعراق، تركيا، السعودية، دمشق ومصر لندرس ونتأمل ونقرأ فنكم وتراثكم وثقافتكم؟ بسبب ما تحمله من مفاهيم وجمال وغموض رائع. ولدينا في أسبانيا أجمل الفنون من قبل المسلمين في الأندلس). لذلك الفن الدعوي يحتاج إلى توخي الأسلوب الشيق والممتع للآخرين، فلا تجعل من فنك شيئاً ينفر منه الناس أو تكرههم بالدعوة، يقول تعالى: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ..) [يونس:99]. طقوس الفن الدعوي.. وأفكار مبتكرة الفن الدعوي لا يحتاج إلى طقوس وإنما يحتاج إلى الإيمان والإحساس لإخراج عمل فني هدفه الدعوة، وأقصد بالإيمان أن يؤمن الفنان بأن عمله سيخدم الآخرين ويدعوهم إلى الخير. يجد كثيرون صعوبة في إخراج فكرة مبتكرة لصورة أو تصميم ليس في الفن الدعوي فقط وإنما في كافة الفنون الأخرى، ولكن الفن الدعوي بالذات يجد هذه المشكلة لديه أكثر من غيره، غالباً الصور الفنية مكررة وتقليدية وتكرار الشيء سيكون مملاً، لا يجذب الآخرين، ولا يصل إلى وجدانهم، وإليكم أهم أفضل الطرائق لإخراج عمل دعوي بأفكار مبتكرة وجديدة.. 1- الفكرة عندما أهمّ بتصوير فكرة دعوية، أجمع لدي كثيرا من الكتب الدينية والموسوعات والمطويات وأبدأ بقراءة الأحاديث والمقالات الدينية والمواضيع المتعلقة بالمجمتع بهدف الخروج بفكرة مميزة؛ تأكد أنك ستخرج بفكرة (إقرأ إذا كنت تريد الفكرة أن تخرج حقاً). 2- جدها بين الوالدين إن الوالدين هم أول وسيلة لإخراج فكرة دعوية مبتكرة عن البر والاحترام والتعاون، لا تسألهم عن الأفكار فقط ناقشهم وتحدث معهم عن البر والتعاون بعد ذلك أخبرهما أنك تبحث عن فكرة دعوية عن البر للوالدين، وأجزم أنهما لن يتوانيا في مساعدتك، والأمهات خصوصاً يحملن كثيرا من الأحاديث ما يكفي لحملة دعوية كاملة. الإضاءة والورشة 3- أخرج من البيت قرأت موضوعاً في أحد كتب علم النفس يتحدث عن تجديد خلايا الدماغ بسبب الحركة من مكان إلى مكان آخر، بمعنى وأنت في نفس الغرفة إن كنت على المكتب فاجلس على الأريكة ستجد أنك تملك فكرة مغايرة بسبب تغير الزاوية والمكان، فما بالك بتغير المكان بشكل كامل من البيت إلى المسجد، إلى الشارع، إلى السوق الشعبي، إلى الأصحاب، كلما تغيرت الأماكن لديك أتيت بفكرة جديدة، ولكن يجب ان تغير الأماكن بهدف أخراج فكرة. 4- اسأل.. ما الجديد؟ عندما تتحدث مع الآخرين حرك موضوعاً للنقاش في مجال دعوي من خلال مستجدات المجتمع، ما الجديد في مجتمعنا ويحتاج إلى توعية ودعوة لنستخدمه بطريقة صحيحة، عندما تخوض النقاش معهم أكثر من الأسئلة بهدف إخراج الفكرة ولا تكن لحوحاً إنما فقط عايشهم في لحظات النقاش وكأنك واحد منهم. 5- اختر أدوات جديدة للتعبير دائماً ما تكون الأدوات الغريبة والمتبكرة معبرة أكثر من تلك الأدوات التقليدية، وهذا ما أكرره في اجتماعاتي بالمصورين.. استخدم الأدوات بمنظور جديد - اجعل من الأدوات معاني ودلالات عميقة يمكن فهمها - إقرأ المعاني في الألوان وماذا تعني وكيف تصل لفكرة جديدة - الأدوات هي ورقتك الرابحة في اخراج فكرة جديدة، وهناك من يخرج أعمالا فنية بمفاهيم عميقة عن طريق الأوراق، الفواكه، الأقلام، الكؤوس، الألوان، الكرات، الأقنعة، الإبر، وحتى الصحون، والملاعق، والأشواك، والكبريت، يمكنك أن تخرج بأفكار تصوير عميقة. ذات مرة جلست مع أربعة أشخاص لا علاقة لهم بالفن وسألتهم سؤالاً واحداً أريد أن أعبر عن مشاكل الطلاق في صورة بفكرة مبتكرة، قال الأول: طفلة تبكي أمام ورقتين متباعدتين قد رسم في الأولى الأب والثانية الأم. الثاني: طفلة في الحديقة تنظر بحزن إلى أب وأم يداعبان ابنيهما. الثالث: تفاحة كبيرة منقسمة إلى نصفين وقد أصحبت فاسدة وبينهم تفاحة صغيرة. الرابع: طفلة في المدرسة تنظر إلى الكتاب التعليمي وفيه صورة أب وأم وعلى الصحفة عدة قطرات وكأنها دمعات. بالرغم من أن الأشخاص ليسوا فنانين إلا أنهم خرجوا بنوعية من الأفكار المختلفة والبسيطة ويمكن للفنان أن يخرج بعدة أفكار أفضل من تلك بكثير. 6 - اطّلع وشاهد أعمال الآخرين هناك كثير من الأعمال التي يمكن أن تلهمنا وتفيدنا في إخراج صور جديدة ومبتكرة، ثقف بصريتك الفنية وتابع البورصة الفنية حتماً ستجد أفكاراً جديدة ومبتكرة. يسعدنا استقبال أعمالكم الدعوية الهادفة والمبتكرة في الجزء الأخير من التصوير الدعوي الأسبوع القادم بإذن الله على البريد [email protected]