لشهر رمضان الكريم دورة فلكية كل ثلاثين عاما أو ما يقاربها يمر خلالها على جميع الفصول ومنها فصل الصيف والذي يتخلله القيظ بلهيبه وشدة الحرارة فيه وطول النهار ومع عدم توفر وسائل التكييف لعدم وجود الكهرباء تستمر ساعات الصوم بعطشها حيث يستخدم البعض طرقا لتخفيف العطش والحرارة ومنها السباحة في برك المزارع بالملابس والتعرض للهواء والبعض يقوم بتغطية جسمه بقماش مبلل بالماء والبحث عن ضلال أشجار النخيل للنوم فيها حتى يذهب جزء كبير من النهار ورغم هذه الظروف المناخية الحارة وطول فترة الصيام الا أن برنامج الأعمال اليومية المعتاد يمارس في ساعات الصباح الأولى للاستفادة من الجو المعتدل بعد صلاة الفجر. ويحصل الصائم على ساعات كافية من النوم تبدأ من بعد صلاة التراويح الى وقت وجبة السحور والتي يعد وقتها بداية الحركة والنشاط لليوم التالي . وتجسد وجبة السحور نموذجا رائعا للتواصل الاجتماعي بين الناس ومن ذلك حرصهم على أن يستيقظ الجميع لتناول وجبة السحور وإيقاظ النائمين بوسائل متعددة . وفي الشوارع الضيقة وبين مزارع النخيل تشاهد حركة للأطفال والنساء الكبيرات يتم خلالها تفقد الجيران والأقارب والتأكد من استيقاظهم لوجبة السحور وعندما يستيقظ البعض في وقت متأخر لايستطيعون من خلاله إعداد وجبة السحور، يقوم الجيران بتقاسم ماتم إعداده مبكرا معهم هكذا كان المجتمع يجسد روح التراحم والتواصل ببساطة . ولاتخلو أوقات وجبة السحور من المواقف الطريفة خصوصا عند يتم إيقاظ الأطفال لتناول وجبة السحور ومن تلك مارواه لي أحد كبار السن يقول كنا نتسحر على نور سراج خافت وقد أعددنا وجبة سحور (مراصيع ) مع اللبن ووضعناها على السفرة لتبرد فيما يتم انتظار الأطفال لمشاركتهم في وجبة السحور خلال ذلك جاء أحد الأطفال بعد أن تم إيقاظه بالماء والنعاس يغشاه وسار نحو وجبة السحور معتقدين أنه سيجلس بجانب السفرة ولكنه واصل المسير ليضع قدمه على طرف الصحن وينقلب مافيه على الأرض في موقف ارتفع فيه صراخ الطفل من حرارة المراصيع وحسرتنا على فقدان وجبة السحور وفي وقت ضيق قبل أذان الفجر واكتفينا بتناول اللبن في الوقت الذي تعالى فيه ضحك الجميع من هذا الموقف الطريف الذي أفقدنا وجبة السحور ورمضان كريم .