لاشك أن الحفاظ على صحة وسلامة البيئة جانب مهم ومسؤولية جماعية مشتركة يتحملها في المقام الأول المجتمع بكافة أفراده (مواطنين ومقيمين)، وحينما يُخل هذا المجتمع بمعطيات هذه المسؤولية تبادر الجهات الرسمية المعنية بشكل تلقائي لاحتواء هذه المشكلة، وعلى رأس تلك الجهات الأمانات والبلديات ووزارة الصحة وهيئة حماية البيئة. لكن "الطامة الكبرى" حينما يكون مصدر تلك المشكلة البيئية ومنبع الخلل نابع من إهمال أحد الأجهزة الرسمية المعنية بخدمة المواطن، و"الطامة الكبرى" أيضاً حينما تغض تلك الجهات الرسمية المعنية بالحفاظ على البيئة الطرف عن هذه الكارثة البيئة المحتملة. هنا تبرز المشكلة وهنا يتساءل المواطن عمن يتحمل مسؤولية الحفاظ على البيئة والصحة العامة إذا تقاعست تلك الأجهزة وأولها خط الدفاع الأول المتمثل بالأمانة أو البلدية. لعل هذه المشكلة تجسدت بشكل واقعي وملموس من خلال تلك البحيرة الضخمة من مياه الصرف الصحي -الآسنة والمشبعة بالمواد المشعة الخطرة- التي تضخها محطة الصرف الصحي الواقعة داخل دائري بريدة الشرقي، وتحديداً عند جسر نادي الفروسية لتمتد بحيرة مياه الصرف إلى منطقة انعطاف الدائري في جزئه الشمالي لتطوق مدينة بريدة بمخاطرها ورائحتها المقززة (رغم ما يعتقد بأنها مياه صرف صحي تمت معالجتها نسبياً)، ولتتحول تلك البحيرة إلى بيئة خصبة لتوالد الباعوض والطفيليات وتهديد الصحة العامة لسكان هذه المدينة مبشّرة بحدوث حمى الضنك -لا سمح الله-، ما لم يتم بشكل سريع معالجة هذه المشكلة ليس من خلال إرهاق البيئة والسكان بروائح المبيدات والمواد الكيميائية الضارة والمزعجة التي سيتجه إليها تفكير أصحاب الحلول السريعة والباحثين عن رفع المسؤولية عن كاهلهم تجاه ما قد ينجم من ضرر صحي، بل يجب التحرك لإيجاد حل عملي يبعد هذه البحيرة من أن تكون داخل الدائري وقرب أسوار المنازل. تكاثر البعوض والحشرات في البحيرة دون تدخل من الجهات المختصة وإن كنت أقترح أن يتم ضخ جزء كبير من هذه المياه التي يعتقد أنها معالجة لتكن بديلًا عن تلك المياه المهدرة في تبريد الوحدات الإنتاجية في مصنع اسمنت القصيم الذي يضم ثلاثة خطوط ضخمة لإنتاج الأسمنت، والذي يستنزف كمية كبيرة من مخزون المياه الجوفية عبر تلك الآبار التي تم حفرها في المصنع والتي خصصت لهذا الغرض، علماً أن المسافة بين مصنع الأسمنت ومصدر هذه المياه ليست بالبعيد كثيراً، كما أن هذا المقترح يسري أيضاً على محطات توليد الكهرباء الرئيسة الواقعة على طريق بريدة عنيزة والمحطة الغازية الواقعة شمال بريدة قرب ضفاف تلك البحيرة إذا كانت تستخدم المياه لتبريد وحداتها الإنتاجية ومثلها من المصانع الأخرى. كما نقترح على مصلحة المياه والصرف الصحي أن تقوم بمعالجة المياه إلى الدرجة الثالثة أو الرابعة، ومن ثم تُلزم بالتنسيق مع أمانة المنطقة أصحاب مشاريع بناء الوحدات السكنية والجسور وتمهيد الطرق وغيرها من المشاريع التي تستخدم المياه للرش بأن يتم استخدام هذه المياه في أعمال الرش، ومثل ذلك لدى مصانع الخرسانة لخلط الخرسانة وأن تتبرع المصلحة بنقل هذه المياه عبر صهاريجها المتحركة إلى أماكن الاستخدام مجاناً أو مقابل مبالغ رمزية تحفيزية، وبالتالي نحقق من خلال هذه المقتراحات الفوائد التالية: أولاً: التخلص من مياه الصرف عبر وسائل آمنة ومفيدة. ثانياً:الحفاظ على مصادر المياه الجوفية المهدرة في تلك المناشط التي لا تحتاج إلى مياه نقية ونظيفة بل إن المياه المعالجة سوف تكون أقل شوائب وأملاح. ثالثاً: ممارسة الشراكة بين الأمانة ومصلحة المياه في حل هذه الإشكالية أكثر من الاستغلال التقليدي لهذه المياه من قبل الأمانة في رش الشجيرات الواقعة على الطريق الدائري في بعض أجزائه، وتجاوز ذلك إلى التفكير دائماً بحلول عملية وناجحة. أما إذا استمر الوضع على حاله فإن علامة الاستفهام ستكبر لدى المواطن عن سبب غض الطرف وهذا التجاهل من أمانة منطقة القصيم عن هذه البحيرة التي تزداد مساحتها ومخاطرها يوماً بعد يوم، وكيف سيكون موقف أمانة المنطقة ومصلحة الصرف الصحي ومن يعنيه الأمر بالمنطقة من مسؤولية الوضع في حال تفاقمت المشكلة بيئياً وصحياً وتخريب لتلك الأراضي التي تغطيها مياه تلك البحيرة؟. إحدى اللوحات تشير إلى قرب موقع البحيرة من مساكن المواطنين