اليوم وبعد بث عدد من حلقات المسلسل الكارتوني "شوربة وخل" من بطولة "لورنس" شخصية الانترنت الشهيرة يمكن القول ان المسلسل فكرة وتنفيذا يستحق مرتبة "أكثر البرامج رداءة في تاريخ المحطة التي بثته". ولورانس الشخصية المحورية في العمل لا يعرف له تاريخ فني واعلامي سوى عشرات المقاطع السمعية لحوارات وتعليقات بذيئة يوجد مثلها كثير في غرف الدردشة التي لا يمكن الدخول لها الا باسم مستعار ولثام يخفي الشخصية في حال الرغبة في الاستماع والمشاركة في مخلفات الثقافة الشعبية التي قد يستهلكها الفرد بدافع الفضول وهو يحوقل ويستحي ويستغفر. السؤال هنا ما الجدوى من استقطاب المحطة التلفزيوينة العائلية لشخصية متهتكة تتحدث عن كل شيء بالشتيمة والبذاء وبصوت يثير الريبة في سلوكه وما دافع اظهاره في مسلسل مثير في شهر رمضان في الوقت الذهبي Prime time ، ثم من هو العبقري الذيث اوحى للمحطة أن "لورنس" سيكون خير رسول للقيم والفضائل؟ خاصة وهي تظهره بالطريقة اللورنسية ذاتها يعني شوربة وخل. الذين يعرفون ويتابعون "لورنس" سيضحكون للمقارنة بين الصورة المزيفة (شخصية القيم) والأصل (شخصية العابث)أمّا اولئك الذين رحمهم الله بعدم معرفة تاريخه وانجازاته الانترنتية فالمسلسل الكرتوني كفيل بالترويج له من جديد والدليل يمكن رصده من خلال عدّادات الزوّار في مقاطع اليوتيوب. لا ضير من أن يكون هناك شخص مثل "لورنس" يظهر في الحياة أو على الانترنت حتى وان كان لا يؤمن بقيم او يسخر ممن يمتثلها فهناك الملايين مثله ولا ضير ايضا ان يكون لكل تائه مريدون معجبون ولكن الضرر ان تتحول ثقافة التسكع لمجموعات تشكلت مشوهة نتيجة ظروف نفسية واجتماعية الى رموز ومواد اعلامية تحاول ان تبث ما تفتقده اصلا من قيم في مجتمع محافظ وفي شهر فضيل. لا يمكن ان تجد ركنا للفضيلة في مجلة اباحية مثل "بلاي بوي" ولا يمكن ان تبث قناة فضائية جنسية برنامجا عن القيم لأنها تفتقد الى اهم عنصر في الرسالة الاعلامية التوجيهية وهي "المصداقية" credibility في مرسل الرسالة. قد يكون "لورنس" ومن هم على شاكلته ضحايا ثقافة مجتمعيّة تفرق وتعزل وهذه اشكالية ولكن الكارثة حينما يتم تعزيز صور مثل هذه الشخصيات ما يجعل امكانية التفريق بين الصواب والخطأ امرا عسيرا في مجتمع ديناميكي يبحث فيه كل شاب عن ذاته تحت ثقل طفرات تنموية شديدة التقلب وفي مرحلة تحد اقتصادي واجتماعي لانحتاج معه الى أن مزيد من أوجاع البطالة وأزمة الهوية التي باتت تنتهك براءة الشباب وهم يستهلكون اوقاتهم حيارى تحت لافتات الأبواب الخلفية للانترنت واغراءات جشع مالكي بعض الفضائيات. مسارات قال ومضى: سأل العقل الضمير: ما يؤلمك أكثر فقال: صمت القادرين عن الكلام.